تعزيز صناعة الطيران في أي دولة يتجسد بفتح المنافسة، كغيره من الأنشطة الاقتصادية التي تتطور بالتنافس في تقديم جودة أفضل وأسعار أقل، تستهدف المستهلك أولاً وأخيراً، والذي يجب أن يشعر بالرضا والثقة في شركاته الوطنية، وأن تفتح أمامه خيارات أخرى، ولعل فوز شركة أساس بأول رخصة لشركة طيران اقتصادية في البلاد يعد فتحاً جديداً لهذه الصناعة، لكي تتقدم بعد خمسة وأربعين عاماً من عدم الاستقرار على تطويرها سواء بالمشاركة في طيران إقليمي أو إنشاء طيران بالمشاركة مع القطاع الخاص، وتحويله ملكيته للحكومة، فهذا القرار الذي اتخذ بفتح مجال المنافسة يعد في حد ذاته تطوراً جديداً سوف يسهم في إيجاد قطاع جديد ألا وهو صناعة الطيران، لتنمو وتزدهر في المنطقة والسلطنة أحد هذه الدول للعديد من الاعتبارات منها النمو السكاني والنشاط الاقتصادي وتزايد حركة التنقل الداخلية، التي كلها تفرض إيجاد شركات طيران أخرى تسهم في رفد هذه الحركة، فبلاشك أن الإعلان عن تأسيس شركة طيران جديدة خطوة في الاتجاه الصحيح تسهم في إيجاد خطوط طيران اقتصادية جديدة تتيح المزيد من المنافسة على السوق في ظل التوسع الذي يشهده.
ليس ذلك فقط بل أن التوسع في إنشاء المزيد من شركات الطيران ودعم وتنمية هذا القطاع يعني تحقق تنمية اقتصادية واسعة تحقق قفزة كبيرة على المستوى الاقتصادي، فكلنا يعلم أن إنشاء شركة طيران واحدة يعني أن هناك عدد آخر من الشركات التي ستنشأ في قطاعات أخرى مضافة مثل الشحن والنقل والسياحة وغيرها، أي أن كل شركة معها حزمة أخرى من الشركات، ونرى حجم التنافس في هذا القطاع بين دول مجاورة أو في العالم كله، ويمكن القول أن هذا الاتجاه يعزز من مكانة السلطنة على المستوى الإقليمي والدولي ويزيد من الثقة في اقتصادها على مستوى فرص الاستثمار المتاحة ...
فهذا النوع من الأنشطة الاقتصادية يعتمد في الأساس على عدد من المعطيات أهمها الموقع الجغرافي المناسب، ووجود عدة مزايا سياحية ولوجستية، وتعزيز صناعة الطيران يعني بالتالي تنشيط الحركة الاقتصادية في المناطق الصناعية والمدن الحرة وجذب المزيد من الاستثمارات الكبيرة والمؤثرة إلى بلادنا .. فالمسألة لا تتوقف عند حدود إنشاء شركة جديدة للطيران، رغم مزاياها العديدة، وأهمها خلق فرص منافسة لصالح المستهلك الذي سيستفيد بخفض الأسعار..
وإنما ذلك يعني فتح الأبواب أمام المزيد من الشركات الوطنية والدولية لاستثمار موقع السلطنة المتميز بين مختلف دول المنطقة، ومزاياها السياحية والاستثمارية..
نحتاج إلى أن يكون لدينا حصة مناسبة في سوق الطيران الإقليمي والعالمي، وهذا لن يتأتى بالاعتماد على الطيران العُماني فقط والذي يحتكر هذا المجال بالكامل دون وجود منافس مما يعد ظلما بينا للمستهلكين، فهؤلاء ليس أمامهم سوى التعامل مع الشركة الوطنية الوحيدة، بدافع من الانتماء والحب لبلادهم قبل أن يكون هذا خيارهم المناسب...
وندرك حجم الشكاوى الواردة من المستهلكين حول الرحلات مع الطيران العُماني في الرحلات القصيرة والمحلية، ويمكننا متابعة تلك الشكاوى ومعرفة كيف هي متراكمة وعددها كبير من المواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي وكلها تتحدث عن تقصير، وأخطاء للشركة من بعض موظفيها وعدم استجابة لملاحظات وشكاوى الركاب إذا فكروا في التواصل مع الشركة، أضف إلى ذلك أن الشعب العُماني معروف بتسامحه وطيبته، كما أن الأغلبية يدركون أن أحداً لن يلتفت إلى شكاويهم ولهذا لا يفكرون بتقديمها... وفي حالة التوسع في إنشاء شركات للطيران تنعش حركة الطيران الداخلي سيكون من حق المسافر المفاضلة بين عدة شركات واختيار ما يناسبه منها. ولنا أن نتخيل انعكاسات ذلك على إنشاء مشاريع أخرى مثل إنشاء المزيد من المطارات والتوسع في إنشاء مشاريع خدمية ومرافق مختلفة، وما يعنيه ذلك من انتعاش اقتصادي.