السياحة.. مرة أخرى!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٧/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
السياحة.. مرة أخرى!

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

"ما هي أجمل عشرة بلدان للسياحة؟ مؤشر غربي يقول إنها على التوالي كندا وكولومبيا وفنلندا والدومنيكان ونيبال وبرمودا ومنغوليا وعُمان وميانمار وأثيوبيا".
أسوق الجملة كما وردت حرفيا في مستهل مقال الصحفي المعروف جهاد الخازن على الصفحة الأخيرة من جريدة الحياة ذات الصيت الدولي، والمؤشر، رغم مجهوليته إلا أنه يعطي دلالة لا يمكن تجاهلها على قدرة تنافسية للسلطنة في مضمار السياحة الدولية، والباقي مهمتنا أن نحسّن من أداء جوادنا لنكسب الرهانات عليه.
عمان ثامنا، وليس هناك من دول محسوبة على السياحة المعروفة، خاصة الدول الأوروبية، وكأن المؤشر قاسها شتاء، حيث تتجمد شرايين أوروبا من الصقيع، بينما تنعم بلادنا بدفء يبدو نعيما، كما تبدو بلادهم نعيما في صيفنا الحارق.
جميع المؤشرات لها رؤيتها في التقييم، ومعاييرها ليست متشابهة، ولا تلتقي مع معايير رؤيتنا للمفهوم السياحي، العربي، أو الخليجي على وجه التحديد، فنحن المهووسون باللون الأخضر وشلالات المياه لنا رؤية بصرية وجمالية مردّها إلى ندرة هذه المشاهد على سهولنا وجبالنا، لكن الرؤية من الخارج تتبنّى مواقف مختلفة من الحياة، بما فيها الطبيعة التي لا يريدونها تكرار لما لديهم، ولا للجبال المعتادة أبصارهم عليها، يريدون المختلف ليدهشهم، الجبال التي تنطق بقسوة تكويناتها، والصحراء بلون أصفر يمتد برمله إلى آخر أفق في المتاهة..
وهكذا تتداعى الأشياء في بصرهم وبصيرتهم، وصولا إلى الإنسان القادر على إبراز هويته من خلال نمط حياته، ولعلنا في عمان مكتسبين لهذه القيمة بامتياز، فالهوية عامل جذب مبهر يراه السائح في الإنسان العماني، المتمسك بكثير من مكونات هويته، وهذا رهان سياحي كبير تعمل عليه الدول، لأن السائح الغربي لا تعنيه المجمعات التجارية المتشابهة في سائر البلدان، وبذات المسميات أحيانا، قدر ما تبهره قرية مسفاة العبريين (على سبيل المثال لا الحصر) ولن تعنيه البنايات الضخمة قدر ما تفتنه حارة قديمة تنقش تاريخ الإنسان فيها بطين الأرض، كما أن السائح الخليجي لا يفتش صيفا عن (المولات) قدر ما يريد خدمة تتعلق بالترفيه في جبال محافظة ظفار وهي تتجلى جمالا طاغيا في فصل تستعر فيه رمال الصحاري بجوارها.
يفترض نسيان المؤشر، وعدم التعويل عليه كثيرا رغم ما يقوله، لأن هناك ما نراهن عليه محليا للاستفادة مما تغنينا به كثيرا، جملة "المقومات السياحية"، هذه التي تحتاج إلى "خدمات" لا يفترض أن تترك بانتظار "الدعم الحكومي"، لأن هذه الثروة مشاعة أمام الجميع للتفكير بالاستفادة منها وفق معايير.
ربما تأخرت طائرة سياحتنا في الإقلاع، لكن حتما ستأتي عملية طيرانها الحقيقية بما يعود بالنفع الكبير على اقتصاد بلد عليه أن لا يراقب مؤشر أسعار النفط وهو المحسوب على دول تمتلك عوامل جذب سياحية، ومؤكد أن الطائرة تحركت على المدرج وبدأت انطلاقتها نحو الفضاء الفسيح، وعلينا واجب أن نقدم لزائر البلد ما يجعله يرفع قبعة الاحترام لبلد قيمته السياحية في جوهره الأصيل، إنسانه أولا، وطبيعته المتنوعة ثانية، والأهم تلك الأفكار الإبداعية التي وجدها على أرض الواقع تحتفي بزيارته.