ضريبة القيمة المضافة.. شــــر لا بد منه

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٧/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
ضريبة القيمة المضافة.. شــــر لا بد منه

أحمد الشيخ عبدالله الفضالة

يقول المثل العربي القديم "آخر الدواء الكي" فهل وصلنا في دول الخليج لعلاج الوضع الاقتصادي الاضطرار للجوء إلى آخر العلاج بفرض ضريبة القيمة المضافة.
في حلقة أقامها اتحاد الغرف الخليجية بمملكة البحرين في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر الفائت ناقش الحاضرون وهم من رجال الأعمال والخبراء في الاقتصاد والمال فرض ضريبة القيمة المضافة بدول مجلس التعاون، حيث تواترت الأنباء عن اتفاق غالبية دول مجلس التعاون على تطبيق هذه الضريبة بدءا من يناير 2018 أي بعد أقل من 14 شهراً.
مديرة برنامج دول مجلس التعاون بالبنك الدولي د.كريستين لاجارد التي كانت أحد المتحدثين في الورشة قالت إن دول المجلس فقدت ما نسبته 20 % من ناتجها القومي (أي ما يعادل 340 بليون دولار) خلال العام 2014 وأن أسعار النفط لن تتحسن في المنظور القريب مما يفرض على دول المجلس القيام بإجراءات لسد العجوزات منها تقليل الإنفاق الحكومي وتنويع مصادر الدخل وفرض الضرائب، بدءا بضرائب القيمة المضافة ولاحقا ضرائب الدخل على المؤسسات وعلى الأفراد وضرائب العقارات والضرائب الخاصة على بعض المنتجات. مؤكدة على أهمية تطوير القوانين والأنظمة والقرارات والتشريعات الخليجية المتعلقة بفرض الضرائب، إضافة إلى تعزيز التنسيق والتعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة الذي من شأنه تعميق العلاقات الاقتصادية الخارجية للقطاع الخاص الخليجي.
مما لا شك فيه أن الدعم الحكومي للسلع والخدمات في دول الخليج العربي مر بمراحل عدة منذ اكتشاف النفط حتى الآن، حيث إن هذا الدعم هو أداة اقتصادية تستخدمها الحكومات للتدخل في السوق عند الضرورة، ومع الظروف الحالية التي حدثت في دول الخليج العربي نتيجة التذبذب في أسعار النفط الذي يشكل ما نسبته أكثر من 80 % من الدخل الوطني لدول الخليج، فإن الخبراء في الشأن الاقتصادي يرون أن الحاجة تدعو إلى اعتماد آليات اقتصادية متطورة تتبنى مبدأ إعادة هيكلة الدعم المقدم.
كما يرى الخبراء أن ضريبة القيمة المضافة هي أكثر ضرائب الاستهلاك شيوعاً وتطبيقا في أغلب دول العالم، فقد أثبتت تجارب المطبقين لهذه الضريبة أن المثالب الاقتصادية والتكلفة الإدارية تكون أقل عندما تفرض ضريبة القيمة المضافة عوضاً عن فرض ضرائب مختلفة بنسب متفاوتة، إلا أن عملية فرض ضريبة القيمة المضافة تتطلب الكثير من العمل المسبق، وأن القطاع الخاص بحاجة إلى الوقت لتهيئة نفسه من أجل التكيف مع القواعد الضريبية ولهذا الغرض تم منح وقت كافٍ قبل فرضها المتوقع في مطلع العام 2018.
الورشة التي تحدث فيها إلى جانب الدكتورة لاجارد كل من الأستاذ عبدالرحيم حسن نقي، الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، والدكتور خالد المزيني، من جامعة قطر، و د. جعفر الصايغ، رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية وآخرون خلصت لعدد من النتائج والتوصيات منها أن على دول المنطقة تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط في السنوات المقبلة لكي لا يصل الأمر إلى مرحلة حرجة قد لا تفيد مثل هذه العلاجات، كما أن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة يتحملها المستهلك النهائي. فالتاجر أو الصانع يدفع ضريبة على كافة مشترياته التي تدخل في إنتاجه سواء كانت محلية أو مستوردة. أي أن المستهلك يتحمل جميع الضرائب التي تدخل في تجهيز المنتج أو البضاعة أو الخدمة، كما أن هذه الضريبة بطبيعة الحال سوف ترفع كلفة المعيشة على المواطن.. في حين لا توجد بدائل كافية لدى دول المجلس، لذا فإنّ الضرائب أصبحت واقعا، وعلى الجميع الاستعداد لها. وعلى الحكومات بالذات العمل على التخفيف من آثارها على الاقتصاد وعلى الوضع الاجتماعي من الباحثين عن عمل وتدني الدخل وارتفاع الأسعار.
من ناحية أخرى وفي ظل هذه الظروف لا بد من توعية المواطنين بضرورة تغيير نمط الحياة الاستهلاكية، مع الترشيد والبعد عن التبذير والإسراف.

وخلصت الحلقة إلى أن دول مجلس التعاون تفتقر لدراسات متخصصة لمعرفة تأثير فرض الضرائب على المواطن وعلى الاقتصاد بشكل عام. كما أنه لا توجد دراسات موثوق بها حول تأثير التفاعل بين رفع الدعم وتقليل الإنفاق الحكومي وفرض الضرائب.
الأسئلة التي طرحت في الحلقة -في ظل افتقار دول مجلس التعاون لدراسات متخصصة لقياس تأثير فرض الضرائب على المواطن في دول المجلس- هل أن هذا الوقت مناسب لرفع الدعم لفرض الضرائب، في حين أن الاقتصاد الخليجي في مرحلة ركود؟ والسؤال الآخر هل البديل عن فرض الضرائب هو زيادة الدين العام بصورة مؤقتة؟ وما هي خطة دول المجلس الاحتياطية الشاملة لمواجهة وتفادي تأثيراتها السياسية؟ وهل الانفتاح والشفافية ومشاركة المجتمع مشاركة حقيقية هي الحل لمشاركة الجميع في تحمل المسؤولية؟.
كل هذه الأسئلة باتت مطروحة في الشارع الخليجي الذي ينتظر إجابات مقنعة من أصحاب القرار.
تمنى المشاركون في الورشة على قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي ستعقد في مملكة البحرين مطلع ديسمبر المقبل 2016، الخروج برؤية واضحة حول ضريبة القيمة المضافة، وبآلية تطبيق موحدة في دول الخليج العربية واضعة النقاط فوق الحروف بشأن موعد فرض هذه الضريبة وحجمها والسلع التي سيتم استثنائها. كما تمنوا وضع الآلية التي تضمن تخفيف تأثير فرض الضريبة على ذوي الدخل المحدود، وكذلك ألا تفرض على الأساسيات لا غنى عنها للمواطنين من مواد غذائية وملابس وخدمات أساسية لا غنى عنها كاستهلاك الكهرباء والمياه.

كاتب من مملكة البحرين