(تمديد الحرب) في اليمن !!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٣/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
(تمديد الحرب) في اليمن !!

علي ناجي الرعوي

ان الحديث عن الخطة الاممية للسلام في اليمن والتى طرحت على مجلس الامن الدولي الاثنين الفائت عبر المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ احمد يكتسب اهميته من طبيعة هذه الخطة التى تعد كأحدث (خارطة طريق) يقترحها المجتمع الدولى للتسوية السلمية فى اليمن فضلا عن انها من افرزتها المقاربات البانورامية للدول التى تدير الصراع وتشرف على الحرب المستعرة بشقيها الداخلى والخارجي او بالأحرى الدول التى تستثمر الحروب والصراعات المشتعلة فى المنطقة ضمن المصالح المرتبطة بها وخططها المعلنة او المبهمة.
ان البحث في ماهية ومضمون (خارطة الطريق)الاممية الجديدة يحيلنا على مجموعة البنود والمحاور الاساسية لتلك الخارطة والتي بدت فى معظمها متسقة مع الافكار والمقترحات التي وردت في مبادرة وزير الخارجية الامريكي جون كيري التى لم تخرج بدورها على التفاهمات التى توصل اليها وزراء خارجية (الرباعية)في اجتماعاتهم بجده ونيويورك ولندن وهو ما يفهم منه ان تبني الامم المتحدة لمثل هذه الخارطة ينسجم كليا مع ارادة تلك الدول الاربع التى تمسك مفتاح الحل في اليمن وبالتالي فان الخارطة المفترضة او المزعومة التى تقدم بها المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ الى مجلس الامن قد تعامل معها الجميع كمشروع لتسوية قادمة لم تحن استحقاقاتها بعد.
اسئلة كثيرة دارت فى ذهن كل من تابع مداخلات سفراء الدول الاعضاء فى مجلس الامن خلال جلسة الاثنين الفائت والتى كانت مخصصة لبحث ملف الصراع في اليمن حيث لوحظ انه وتحت لافتة المعاناة الانسانية فقد اقتربت الولايات المتحدة من الموقف الروسي الذي يرى ان استمرار الحرب فى اليمن اصبح يشكل احراجا للمجتمع الدولى وان عاملا كهذا يقتضى الاسراع فى الحل السياسي وإطفاء الحريق المتصاعد فى اليمن ألا انه ورغم تناغم الموقفين في الهدف فأنهما اللذين يختلفان حول الوسائل الموصلة الى ذلك الحل ومثل هذا التباين يغدو كافيا لإطالة امد الحرب وإظهار الغموض الذى يكتنف مواقف بعض الدول الكبرى حيال ما يتصل بملف الازمة اليمنية.
مفارقات عديدة برزت فى جلسة مجلس الامن الاخيرة الخاصة باليمن لكن ماكان مثار استغراب للكثيرين هو ان تتحول الحرب في اليمن ومعاناة ملايين اليمنيين من هذه الحرب الى مصدر للمنفعة والتكسب وجني الفوائد من قبل بعض الدول الكبرى وهو ما افصح عنه مندوب روسيا لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين خلال تلك الجلسة حينما اشار الى ان سوء الادارة البريطانية لملف اليمن دخل مجلس الامن الدولي وتعمدها استمرار الصراع المسلح في هذا البلد لا يعود الى قصور فى استيعاب حقيقة الماسي الكارثية التى تخلفها تلك الحرب على غالبية اليمنيين بل ان بريطانيا من تتعمد التغاضى عن ذلك وتلجأ الى المعايير المزدوجة لكونها التى تستفيد من وراء هذه الحرب فى اشارة الى صفقات السلاح التى تقوم بيعها لدول الخليج متسائلا : كيف يمكن لبريطانيا ان تتولى الاشراف على الملف اليمني بمجلس الامن وهى من باتت تستخدم هذا الملف لأهداف تجارية ومصالح مادية وعقد صفقات السلاح كان ما اشترته دولة خليجية واحدة منها بما قيمته 5 مليارات دولار منذ مارس 2015 م .
اذا خرجنا من قاعات مجلس الامن المقيدة اصلا بمصالح الدول سواء كانت صغيرة او كبيرة الى التشابكات المحلية بين الاطراف المتصارعة على الساحة اليمنية سنجد انها هى الاخرى قد تعاملت مع (خارطة الطريق) الجديدة من منظور متعدد الاوجه فحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي مثلا رفضت تسلم هذه الخارطة من ولد الشيخ بل وسارع هادي للاجتماع بمستشاريه ووزراء حكومته للخروج بموقف موحد يندد بتلك الخارطة باعتبارها تتنافى مع الاسس ومرجعيات السلام وعلى الاخص القرار الدولي 2216 اما الطرف الاخر والمتمثل في المؤتمر الشعبي العام الذى يتزعمه الرئيس الاسبق علي عبدالله صالح وحركة انصار الله الحوثية فان كانا قد اعلنا من جانبهما عن قبولهما بهذه الخارطة كأرضية للنقاش والحوار فقد كان لهما بعض التحفظات والملاحظات عليها لكن هذا لا ينفي ارتياحهما من استبعادها التدريجي للرئيس هادي ونائبه الجنرال علي محسن الاحمر من المشهد السياسي.
وأمام تضارب المواقف الداخلية والخارجية سيبقى الحل في اليمن معلقا بيد الفاعلين الدوليين والإقليميين الذين وان كان بعضهم قد اقتنع بضرورة الاسراع في وقف الحرب خصوصا في ظل تداعياتها الانسانية وما خلفته من دمار في البنى التحتية وكذا ما نجم عنها من ضحايا بشرية وهو وضع لم يعد يحتمل لا اقليميا ولا دوليا .. الا ان ذلك لا يغني عن السؤال الاساسي : كيف يمكن لليمن ان يقفز فوق كل الجدران والمتاريس العالية في هذا الاقليم وساحاته الملتهبة وان ينجح في تجاوز الخيارات (الانتحارية) التى تهدده بالتشظى والتقسيم ؟ ..
وكيف يمكن لليمنيين ان يتخلوا عن تناقضاتهم وتوزعهم بين المحاور الاقليمية والدولية ويعودوا الى كلمة سواء بهدف انقاذ بلادهم وأنفسهم وأجيالهم القادمة من جحيم الحرب التى اتت على مقومات كيانهم الوطنى من مجتمع ودولة ونظام سياسي خصوصا بعد ان اصبح السعى نحو الامان مجرد ادمان اخر على الخوف ومطية لنزوة زائدة عن الحد؟

كاتب يمني