المقاطعة والدروس المستفادة

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٣/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
المقاطعة والدروس المستفادة

عيسى المسعودي

قبل ايام قليلة واجهت شركات الاتصالات وفي مقدمتهم هيئة تنظيم الاتصالات - الجهة المسؤولة عن تنظيم القطاع - تحدياً كبيراً وموقفاً لايحسدون عليه من خلال تفاعل الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودعوة البعض لمقاطعة هذه الشركات وخاصة شركتي عمانتل واريدو، وهما الشركتان الاساسيتان في قطاع الاتصالات والمشغلين الرئيسيين لخدمات الاتصالات بالسلطنة ، فبينما كان البعض مع المقاطعة ويحاول التشجيع عليها وحث الاخرين على تنفيذها بكل الوسائل والطرقان لاسباب عديدة ومختلفة فإن باقي افراد المجتمع انقسموا بين متردد ومعارض للمقاطعة فيما اخذها البعض كنوع من السخرية من خلال ارسال رسائل وكليبات وصور عبر مختلف وسائل الاعلام ، لكن بلاشك الاغلبية اتفق على بعض الملاحظات و النقاط الاساسية التي ظهرت وبقوة من خلال المقاطعة لعل من اهمها ضعف شبكة الاتصالات وانها لاتحقق طموحات الجمهور وفي نفس الوقت التكلفة العالية للاتصالات بانواعها مقارنة بالدول الاخرى – من وجهة نظر البعض - والعروض والمزايا المقدمة من شركات الاتصالات لتنمية وتطوير هذا القطاع المهم والحيوي ، لذلك اعتقد بل أجزم أن شركات الاتصالات وفي مقدمتهم هيئة تنظيم الاتصالات والجهات المعنية بهذا القطاع قد تابعوا وراقبوا كل شاردة وواردة خلال فترة المقاطعة وتعرفوا بشكل واضح على ملاحظات و اراء الجمهور ومتطلباتهم الرئيسية للفترة المقبلة
لقد تحدث الجمهور خلال السنوات الماضية الاخيرة وعبروا بمختلف الوسائل – السلمية - عن ملاحظاتهم و انزعاجهم من التكلفة وضعف شبكة الاتصالات سواء عبر الوسائل الاعلامية التقليدية او وسائل التواصل الاجتماعي وتم مناقشة العديد من النقاط الرئيسية السابقة حول قطاع الاتصالات من قبل جهات حكومية وبرلمانية ، ولكن للاسف لم يحدث اي تتطور او معالجة لهذة النقاط الرئيسية حتى و صلنا الي مرحلة المقاطعة و التي لعبت فيها الظروف المشابهة لقطاع الاتصالات في بعض دول المنطقة تأثيراً كبيراً في تفاعل الجمهور بالسلطنة على تنفيذها – كما تابعنا – عموماً المهم في موضوع المقاطعة ان لا يمر مرور الكرام بدون الخروج بدروس مستفادة ليس فقط على مستوى شركات ومؤسسات قطاع الاتصالات وانما لكافة القطاعات فكل المؤسسات معرضة لمثل هذة المواقف والظروف ، ولعل من ابرز هذة الدروس المستفادة هي أهمية الاستماع الي اراء ومقترحات الجمهور والعمل على تقيمها و تحليلها بشكل جيد وامكانية تنفيذها حسب معطيات السوق ومتطلباتة ، كذلك تعزيز التواصل بين المؤسسات وزبائنها والاستفادة من كافة وسائل الاعلام المختلفة وفتح قنوات تواصل جديدة واستثمار القنوات الحالية ، فالجمهور هم الاساس و مصدر النجاح والنمو والتقدم لاي مؤسسة كانت حكومية او خاصة تطمح للتميز وتقديم افضل الخدمات والتسهيلات والحرص على طرح المزايا و المنتجات و العروض المبتكرة التي تحقق طموح ورغبة الجمهور، فالعالم اصبح - كما يعلم الجميع - قرية صغيرة ومن خلال وسائل الاعلام يتعرف الجمهور في السلطنة على كل ماهو جديد في قطاع الاتصالات وغيرة من القطاعات وبالتالي فهو يرغب في مواكبة هذة التطورات والمستجدات في قطاع يعتبر من اهم القطاعات المتطورة والواعدة ، ورغم ذلك لايزال طموح العمانيين محدود فهم لايطلبون بالمستحيل او يقارنون السلطنة بالدول المتقدمة في قطاع الاتصالات ، رغم ان هذا من حقهم ، بل الطموح لايتجاوز في هذا الوقت سوى الحصول على شبكة متطورة وبتكلفة معقولة وبعروض مغرية ، كذلك من بين الدروس المستفادة هو عدم ترك الامور تتفاقم وتصل لمرحلة خطيرة بدون طرح حلول فلا يكفي الاستماع للجمهور ومعرفة ارائهم دون اتخاذ خطوات ايجابية فلو كانت شركات الاتصالات بادرت و قامت بخطوات جادة لما وصلنا الي هذة المرحلة ، وهنا ياتي دور هيئة تنظيم الاتصالات التي تتحمل جزء كبير من المسؤولية فهي الجهة المنظمة والمراقبة والمحددة لهذا القطاع فهي التي توافق على طرح العروض والمزايا فالسوق وعلى الاسعار وهي من تراقب تتطور جودة الشبكة وغيرها من الامور المتعلقة بالقطاع لكن للاسف دائما يكون التدخل متاخراً ليس هذا فقط بل تركت الهيئة شركات الاتصالات تواجه الانتقادات و السخرية من قبل الجمهور دون ان يكون لديها ردة فعل او تدخل و بالتالي هناك علامة استفهام كبيرة على عمل و دور الهيئة في مثل هذه المواقف أو على متابعتها للقطاع بشكل عام ، لذلك على الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات الاخرى المسؤولة عن قطاعات معينة ان تستفيد من دروس المقاطعة .
لقد ابرزت المقاطعة ايضا اهمية ان تحرص المؤسسات كلا حسب القطاع الذي تعمل فية على تعزيز مجالات التوعية بالخدمات التي تقدمها للجمهور والتعريف بها وكيفية الاستفادة منها بالشكل الصحيح فكما حدثني احد الاخوة في قطاع الاتصالات ان غالبية الجمهور لايعرف كيف يتعامل مع خدمات الاتصالات فتجدة على سبيل المثال يقوم بتنزيل العديد من البرامج في هاتفة وهذا بلاشك له تأثير على التكلفة التي تسحب من الرصيد كذلك عند السفر او اجراء الاتصالات الدولية لاياخذ احتياطاته وبالتالي يتعرض الى ارتفاع قيمة الفاتورة بشكل كبير وغيرها من الامور المهمة التي يجب على مؤسسات وشركات الاتصالات ارسال رسائل توعية للجمهور والتاكيد عليها ، فمجالات التوعية ليس لها وقت او زمن فهي مستمرة وعند طرح اي خدمة او عرض يجب التوضيح به بكل شفافية كذلك القيام بين فترة واخرى بتعريف الجمهور من خلال وسائل الاعلام المختلفة بكل المستجدات الموجودة فالقطاع خاصة فيما يتعلق بالتكلفة او قوة وسرعة الشبكة ، فالجميع يقارن بالدول المجاورة او احياناً عند السفر يتم متابعة عروض شركات الاتصالات فالدول الاخرى بالعروض المتوفره بالسلطنة ومعرفة الفروقات لذلك لابد على شركات الاتصالات اتباع خطة و استراتيجية متكاملة في مجال التوعية تستهدف الجمهور وبكل شفافية ، فالواضح ان شركات الاتصالات في السلطنة لديها فجوة في التواصل مع الجمهور وبالتالي يجب التقليل من هذة الفجوة خلال المرحلة المقبلة بتغير الاساليب المتبعة الحالية واتباع وابتكار طرق عديدة ضمن استراتيجية شاملة تساهم في التقريب بين الطرفين و التقليل من هذه الفجوة ليس هذا فقط هذا بل يجب ان تشهد شركات الاتصالات نقلة نوعية في كيفية التعامل مع الجمهور و تحديداً مع عملاء الشركتين الرئيسيتين اذا ما ارادوا الاستمرار فالتميز وتحقيق النجاح وكسب رضاء وولاء الجمهور .