بغداد – عواصم – ش – وكالات
يعيش سكان الموصل، البالغ عددهم نحو مليون ونصف المليون نسمة، حصاراً خانقا، وحالة من الرعب، مع وصول العمليات العسكرية العراقية إلى مشارف المدينة، ومحيطها، لتحرير من قبضة تنظيم داعش، يأتي ذلك في وقت استنفرت فيه المنظمات الإنسانية جهودها استعداداً لموجة نزوح ربما تكون هي الأكبر منذ بدء معركة تحرير الموصل.
ورغم المناشدات الأممية، لم تتوفر إلى الآن ممرات آمنة يمكن من خلالها تحييد المدنيين في الصراع، إذ أن ما يحدث هو العكس، إذ يقوم التنظيم المتطرف باستغلال الظرف الذي يعيش فيه المدنيون، ويحولهم إلى درع بشري له في معاركه مع القوات العراقية.
ومع اشتعال محيط هذه المدينة، تأخذ العمليات العسكرية فيها بعداً آخر، يتمثل في "تصفير الصراع"؛ الأمر الذي دفع لاستخدام كافة الوسائل المتاحة في القتال، في حربٍ يبدو أنها ستتبع سياسة الأرض المحروقة؛ فرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حدد عنوان المعركة بأن عناصر داعش "ليس لهم مفر، ما عليهم إلا الاستسلام"، في المقابل لجأ مقاتلو تنظيم داعش بالرد على حملة تحرير المدينة بهجمات انتحارية بسيارات ملغومة ونشر القناصة وإطلاق قذائف المورتر، واستخدام المدنيين كدروع بشرية.
وفي السياق؛ قال مسؤول عسكري عراقي، أمس الثلاثاء، إن قوات من "جهاز مكافحة الإرهاب"، التابع لوزارة الدفاع، اقتحمت حي كوكجلي، أول أحياء مدينة الموصل (شمال) من الجهة الشرقية، في مسعى لتحريرها من تنظيم "داعش" الإرهابي، فيما تمكنت من تحرير أجزاء منها.
وفي تصريح صحفي أوضح الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، أحد قادة جهاز مكافحة الإرهاب المتواجد على رأس القوة المهاجمة، أن القوات العراقية اقتحمت حي كوكجلي (أول أحياء الموصل الشرقية) والاشتباكات تدور بين الطرفين".
وأوضح الساعدي، أن "الاقتحام تم بعد تطويق كوكجلي مساء الاثنين، وبدأت الهجوم من محورين؛ على طرفي الطريق العام المتجه نحو مركز مدينة الموصل". وأضاف الساعدي، أن "مقاتلونا يشتبكون مع داعش في كوكجلي، وتمكنوا من تحرير الأجزاء الشرقية منها". وكوكجلي من أحياء الموصل يقع في الطرف الشرقي، وكان يُعتبر سابقاً خارج الموصل إلا أنه مع اتساع حدود المدينة، أصبح ضمنها.
وقصفت طائرات أمريكية، مواقع داخل حي كوكجلي، بينما تحاول القوات التقدم في المنطقة الموجود فيها مبنى الإذاعة والتلفزيون القديم.
وقالت مصادر عسكرية، إنّ "الاقتحام تم عبر المحور الشرقي، كونه الأكثر هشاشة الآن"، مؤكدة أنّ "هناك إصراراً أمريكياً على تحقيق تقدم اليوم في المعارك".
وعن باقي المحاور، أكدت المصادر أنّ المحاور تشهد قتالاً عنيفاً أيضاً، لكن بفارق الغطاء الجوي للتحالف الدولي، إذ يركز منذ ساعات الصباح على المحور الشرقي، حيث حي كوكجلي.
من جانبه؛ قال محافظ نينوى السابق وقائد حرس نينوى، أثيل النجيفي، أمس الثلاثاء، "إن التكهنات حول سرعة استعادة الموصل من تنظيم داعش تتلاشى مع التقدم الكبير للقوات العراقية في المحاور القتالية المختلفة".
النيجفي أضاف في تصريحات صحفية أن «تنظيم داعش لم يعد يمتلك أي خطوط دفاعية عند أطراف مدينة الموصل وأن أقصى ما سيقوم به هو التحصن في مناطق صغيرة على مداخل المدينة»، لافتاً إلى أن «القوات العسكرية العراقية باتت أقرب إلى المدينة وعند أطراف الأحياء في الاتجاهات المختلفة»، مشيراً إلى "عدم وجود ضرورة أو حاجة لنزوح الأهالي من المدينة لأن الاشتباكات ستتركز في مناطق معينة وقد ينتج عنها نزوح داخلي فقط".
وفي الأثناء؛ اعترف التنظيم الإرهابي، أن 18 مقاتلاً من التنظيم فجروا أنفسهم في تجمعات القوات العراقية، إضافة لتمكنهم من قتل 437 عنصراً من الجيش العراقي، وقوات «البيشمركة» الكردية.
يشار إلى أن معركة تحرير الموصل انطلقت فجر يوم 17 أكتوبر الفائت، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، مدعومين بالحشد الشعبي، وحرس نينوى، إلى جانب "البيشمركة " (قوات الإقليم الكردي). وتحظى الحملة العسكرية بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وبدأت القوات الزحف نحو الموصل من محاورها الجنوبية والشمالية والشرقية، من أجل استعادتها من قبضة “داعش”، الذي يسيطر عليها منذ 10 يونيو 2014، قبل أن تبدأ زحفا من المحور الغربي للمدينة مؤخرا.