قريات - محمد الدرمكي
تحقق حلم الصياد خالد بن سلطان السناني، مواليد قرية الساحل بقريات، الذي كان يحلم منذ الصغر بأن يحظى بـ»عنبر الحوت» كي يصبح ثرياً وتتغيّر حياته بأكملها، إذ راوده منذ نعومة أظافره ومنذ أن كان طفلاً يستمع إلى قصص المساء وينام ليخرج في الصباح إلى البحر الذي يعتبره كل حياته، لا مصدر رزقه وحسب.
يعمل السناني منذ 20 عاماً في صيد الأسماك ويخرج من بيته في الصباح ويعود عند الغروب، راكباً قاربه ومتوكلاً على ربه، حيث يصطاد الجيذر بالصنارة التقليدية وينال رزقه اليومي، ليعود في المساء وينال قسطاً من الراحة وينام مع أسرته الصغيرة وأطفاله الأربعة (هاشم - أسامة - أنس - تسنيم) ليعود منذ الصباح الباكر إلى البحر من جديد.
«الشبيبة» زارت خالد السناني الذي وصف رحلة الحلم قائلاً: في صباح يوم الأحد 30 أكتوبر خرجت من البيت متأخراً إلى البحر، وركبت قاربي برفقة أخي راشد، وزميلنا الثالث راشد سعيد السناني، وذهبنا بداية إلى اصطياد الأسماك الصغيرة (العومة) والتي نستخدمها كطعم لسمك الجيذر (التونة) ويتم اصطيادها بالشبكة ومن ثم اتجهنا بالقــــارب جهة الشرق لمسافة ستة كيلومترات وبالتحـــديد أمام قرية دغمر بقريات وهنالك استوقفنا شيء يطفو فوق سطح ماء البحر ويأخذ شكل الشحم الأشهب الذي يطفو، فوجدنا أن ذلك هو العنبر فقمنا بجمعه، وقد استخدمنا الحبال لربطه وإدخاله إلى خزان القارب واحتوائه، وكان متماسكا فوق سطح الماء ثقيل الوزن.
وأضاف: شدتنا الرائحة الكريهة التي كانت تخرج من العنبر، ولدينا بعض المعلومات المسبقة بأن العنبر تصدر منه رائحة كريهة خلال يومين أو ثلاثة لتتغير بعدها إلى رائحة طيبة نادرة، ومن ثم سارعنا في العودة إلى الشاطئ في مشهد من مشاهد الحلم الذي كان ينتابني منذ الصغر فرحين وغير مصدقين للوضع.
وعند العودة إلى ميناء الصيد البحري بقريات تم نقل العنبر في الصندوق إلى المنزل وتم استدعاء بعض الأشخاص للتأكد منه إذا كان عنبر الحوت أم مادة أخرى، وأكد ذلك من لديه الخبرة أن المادة هي عنبر الحوت، وتم تقطيعها إلى قطع وتهيئتها للتجفيف لخروج الزيوت منها، ومن ثم عرضها للبيع.
وقد بدأت عروض شراء العنبر تنهال على الصياد خالد، حيث تلقى عرضاً من الإمارات بقيمة 7500 ريال عماني للكيلو، وعرضاً من السعودية بقيمة 13500 ريال للكيلو أيضاً، ومن المتوقع أن يصل تجّار العنبر إلى منزل الصياد خلال الساعات المقبلة، وهنالك تجّار من دول أخرى مرشحون للدخول في مفاوضات الشراء.
وعن مستقبله، أضاف خالد: سننتظر كيف تسير الأمور وكم يصل مبلغ بيع العنبر، ومن ثـــم سأبــدأ فـــي التفكير بمسار آخر، حيث سأعمل في القطاع العقاري وسأعيش بطريقة أفضل من الطريقة الحالية.
ما زال خالد يعيش صدمة الفرح بخاصة بعدما بدأ في تلقي أسعار البيع الخيالية واصفا الوضع بأنه خيالي وأنه لا يصدق بأن حلمه قد تحقق، ولا زال خالد ورفاقه يعيشون في حالة من الفرح التي ينتابها نوع من الحلم، بخاصة وأن المبلغ المتوقع الذي قد يحصل عليه خالد وأخوه راشد وزميلهما الثالث يفوق المليون ريال عماني وهو رقم خيالي قد يحصل عليه البحّارة الثلاثة.
وكما هو معروف فإن مادة العنبر توجد في أمعاء نوع من الحيتان يطلق عليه «حوت العنبر». ويتميز هذا الحوت برأسه الضخم المليء بالزيت والدهن، ويبلغ طول الذكر منه 60 قدماً، أما الأنثى فيبلغ حجمها وطولها نصف حجم وطول الذكر. ويتغذى «حوت العنبر» على الأحياء البحرية والأسماك وذلك يؤدي إلى تهيّج أمعائه وبالتالي يجد صعوبة في هضم الغذاء ولكن بقدرة الله تعالى تتكون مادة العنبر داخل الحوت كي تحميه من شر الأغذية التي تهيّج أمعائه فيقذف الحوت الغذاء ومادة العنبر في البحر ويستنفع الإنسان منها.
وللعنبر استخدامات كثيرة أبرزها في مجال العطريات باستخراج العطور النادرة والراقية، وفي مجال العلاج حيث يتم التداوي بمادة العنبر من أمراض عديدة.