البطالة تفتك باليمن

الحدث الثلاثاء ٠١/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
البطالة

تفتك

باليمن

عدن - إبراهيم مجاهد

تلقي الحرب في اليمن بظلالها على شتى مجالات الحياة، ولكنها على المجال الاقتصادي أكثر وطأة، إذ أوجدت وضعاً مأساوياً انعكس على شريحة كبيرة من المجتمع اليمني وتضاعفت حدة الأزمة الاقتصادية بعد توقف مرتبات موظفي الدولة اليمنية البالغ عددهم مليون ونصف مليون موظف إثر إجراءات نقل البنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن.

الأزمة الحالية التي تعيشها اليمن، دفعت بمعظم موظفي القطاع الحكومي إلى العمل بمهن وأعمال أخرى لمواجهة شظف العيش الذي سببه انقطاع الرواتب لثلاثة أشهر مضت؛ فالصحفي «يحيى الربيعي» أب لثمانية أبناء أربعة أولاد ومثلهم من البنات، كان يعمل في مجلة معين الصادرة عن مؤسسة الثورة للصحافة وهي مؤسسة حكومية في اليمن، وتعد من أقدم المجلات اليمنية، استبدل مهنة الصحافة ببيع الآيسكريم أمام أحد مدارس العاصمة اليمنية للحصول من هذه المهنة الجديدة على 1500 ريال يمني يومياً، ما يعادل 5 دولارات أمريكية ينفقها على أسرته الكبيرة.
يقول الربيعي «أعمل على هذه الدراجة الهوائية كل يوم و أذهب صباحاً لجلب بضاعتي هذه الآيسكريم وأقوم ببيعها على طلاب المدرسة والمارة في الشارع»، لكنه ما برح يشكو من تراجع البيع بعد دخول فصل الشتاء وموجة الصقيع التي تعيشها صنعاء والتي أدت حسب الربيعي إلى عزوف الطلاب والمارة عن شراء «المثلجات» و»الآيسكريم».
لم يكن «يحيى» وحده الصحفي الذي ترك مهنته ولجأ للبحث عن مصدر آخر كي يعول أسرته، فإلى جانب «يحيى»، يقف «قائد أحمد» ولديه «بسطة» لبيع الخضروات، بعد أن اضطر لترك عمله لدى المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون في العاصمة اليمنية صنعاء.
يقول «قائد»، اضطرت لذلك بعد أن توقف راتبي الذي لا يزيد عن أربعين ألف ريال يمني، ولدي طفلين، وأسكن في منزل بالإيجار بـ35 ألف ريال يمني. ويضيف: كنت اعتمد على المكافآت والبدلات والراتب، لكن ومنذ بدء الأزمة والحرب توقفت المكافآت والبدلات، ولم يتبق سوى الراتب، ثم تفاقمت الأوضاع ليتوقف «راتبي» نهائياً. الأمر الذي أجبرني للبحث عن مصدر آخر للرزق كي أعول به أسرتي، ومواجهة متطلبات الحياة.
ووفقا للأمم المتحدة فإن ملايين اليمنيين بحاجة ملحة لمساعدات عاجلة، وسط مؤشرات بدت تتكشف بكل جلي أن مجاعة شاملة تواجه السكان في اليمن.
أزمة توقف الرواتب لم تلق بموظفي القطاع المدني فقط الى الشارع، بل دفعت أعداداً كبيرة من منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية، للتخلي عن بزاتهم العسكرية، واللجوء الى العمل في مهن وحرف أخرى، لم يكونوا يألفوها.
قصة «عبدالله زيد» قد تكون غريبة أو مثيرة للدهشة بعض الشيء، بالنظر إلى الرتبة العسكرية التي يحملها، والتي جعلته عدم ذكر اسمه بالكامل لأسباب أمنية وشخصية - فهو عميد ركن في الجيش اليمني، لكنه وبسبب توقف راتبه لأكثر من ثلاثة أشهر، اضطر الى العمل بالأجر اليومي في قطف «القات» من مزارعه في الريف اليمني وربطه على شكل حزمات وتسليمه للبائع مقابل 1000 ريال يمني، أو ما يعادل 3 دولارات.
يقول «عبدالله»: انقطع راتبي قبل ثلاثة أشهر واستنفدت كل الوسائل في توفير احتياجاتنا من الغذاء اليومي لأسرتي، لكن بعد ذلك لجأت إلى «قطف القات»، رغم المبلغ الزهيد الذي احصل عليه، مقارنة بالمشقة التي توجهنا كل يوم في هذه المهنة، ناهيك عن عناء الانتقال يومياً من صنعاء إلى منطقة أرحب شمال صنعاء، لـ«قطف القات».
ويضيف «عبدالله» لـ«الشبيبة»: «أنا أب لخمسة أبناء أكبرهم في الجامعة، واثنين في المرحلة الثانوية، واثنين في المرحلة الأساسية، ومستأجر منزل في صنعاء بـ «45 ألف ريال يمني». العميد في الجيش يكشف عن إجراء تقشفي جداً فرضه على عائلته، تمثل في خفض معدل الوجبات اليومية، من ثلاث إلى وجبتين، تماشيا مع ما فرضته الأوضاع.