هل ستتوقف المطابع وتجف الاحبار؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣١/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
هل ستتوقف المطابع وتجف الاحبار؟

محمود بن سعيد العوفي

كلنا ندرك تماما ان مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "فيس بوك"، "يوتيوب"، و" الاستجرام" وغيرها من التطبيقات تحولت إلى وسائل إعلام جديدة يعتمد عليها الكثيرون في استقاء الأخبار والاطلاع على ما يجري في العالم، وأحدثت ثورة حقيقية في الحقل الإعلامي وفرضت نفسها منافسا جديا لوسائل الإعلام التقليدية، خاصة أن الأمر لا يتطلب أكثر من جهاز هاتف نقال ذكي أو حاسب آلي محمول ووصلة أنترنت وكاميرا.
وأوجدت وسائل التواصل الاجتماعي نوعا جديدا من الصحافة ما يعرف بالمواطن الصحفي حيث يقوم بدورا كبيرا في تغطية أحداث لم تتمكن وسائل الاعلام التقليدية من الوصول إليها، وهناك أمثلة كثيرة حول هذا الجانب حيث بات هذا الأمر يثير أكثر من تساؤل حول مستقبلها.
وبلا شك إن الإعلام الالكتروني حقق طفرة كبيرة في سرعة وصول المعلومة إلى الناس، الذين لا يملكون الوقت لقراءة الصحف أو مشاهدة التلفزيون، واعتمد الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدرا للأخبار، وساهمت في تحفيز المواطنين العاديين على خوض غمار العمل الصحفي، ويتسابقون فيما بينهم في نشر الخبر، برغم أن أغلبهم يفتقرون للمهنية، وأصبح نشره في الصحيفة بدون جدوى، من وجهة نظري.
وفي حمى التنافس الشرس أوجدت وسائل الإعلام التقليدية نفسها مجبرة على تقبلها والتعامل معها ثم تبنيها، حيث مارست تلكم الوسائل دورا لا يمكن تجاهله في نشر الأخبار وتبادل المعلومات، وبالتالي نرى أن تلك المواقع أحدثت مفهوما جديدا في الإعلام ، وقامت بدور كبير في وصول الأخبار إلى الناس بسرعة وسهولة، إلا أنه يجب أن ينظر لدور مواقع التواصل الاجتماعي كوسائل إعلامية بقدر كبير من الحذر، وذلك لصعوبة التأكد من مصداقية ما ينشر عليها من معلومات، وسهولة استخدامها وكونها متاحة أمام الجميع.
فجميع العاملين في الحقل الاعلامي يدركون ان المواقع الإلكترونية تتنافس اليوم على نشر الخبر في أسرع وقت ليصبح في متناول المتلقي في غضون ثانيتين أو ثلاث على أكثر تقدير وأصبح كتابة الخبر في الصحف اليومية قد لا تلبي شغف القارئ الذي يكون متعطشا للخبر دائما، وهذه طبيعة الإنسان الذي خلق عجولا، وهذا ما نراه فعلا، وبالتالي لم يعد القارئ ينتظر شيئا إلا الخبر السريع فقط، وقد سمح التطور التكنولوجي للجميع بالنشر في نقل مايريدون كما يريدون وإتاحة الفرصة الشخصية لهم في نقل معلوماتهم لجمهور الإنترنت، وهذا الأمر يعتبر تحديا حقيقيا أمام الثورة المعلوماتية وعلينا ان نغير من سياستنا تجاه الخبر الصحفي اليومي، وأن نواكب تطورات العصر التكنولوجي الذي فرض واقعه علينا ويجب أن نتعايش معه.
يتطلب منا جهودا حثيثة لمواكبة العصر الرقمي، وابتكار طريقة العمل المناسبة التي تضيف قيمة حقيقية على الجهتين الورقي والالكتروني، وتحديثاً دائماً، فالعمل الصحفي لم يعد يقتصر فقط على كتابة الخبر أو المواضيع الصحفية، بل يجب اختيار الصورة الملائمة والجرافيك، لتجسيد الخبر، كما علينا الاندماج مع هذا الوافد الرقمي الجديد من خلال اتقان أدواته ووسائله.
أخيرا ينبغي ان ندرك إن لكل وسيلة روادها ومتابعوها، وقد لا تقضي إحداها على الأخرى، ولكن ستبقى الوسيلة الأحدث هي المسيطرة حتما، لكن علينا كما أسلفت في السطور الفائتة أن نكون في صلب هذا التطور وان نتقن أساليبه الحديثة والاندماج معه، وصولا إلى استمرار دورنا الريادي في توجيه الرأي العام بدقة المعلومة وبمصداقية الكلمة.