الحالة الثانية خلال عام واحد .. اطفال مجهولي الهوية ..قضية تطفو على السطح مجدداً

بلادنا الخميس ٢٧/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:١٠ ص
الحالة الثانية خلال عام واحد ..
اطفال مجهولي الهوية ..قضية تطفو على السطح مجدداً

مسقط : سعيد الهاشمي – تهاني الشكيلية - موزة الخاطرية – فاطمة الفليتية

ترك الأطفال في الأماكن العامة، ظاهرة جديدة في السلطنة. كان آخرها يوم الأثنين الفائت عندما تلقت شرطة عمان السلطانية بلاغاً بوجود طفلة لا يتعدى عمرها أياماً قليلة ملقاة في إحدى مناطق ولاية العامرات بمحافظة مسقط، وعلى أثرها تم نقلها إلى مستشفى خولة لتلقي العلاج اللازم وبدأت الشرطة البحث عن والديها.
هذه ليست القصة الأولى، بل في إبريل الفائت تم العثور على طفلة مجهولة الهوية تبلغ من العمر نحوعامين في حديقة البريمي وبعد عمليات بحث مكثفة لم يتم العثور على ذويها وانتهى بها المطاف في مركز رعاية الطفولة بالخوض لتبدأ حياة جديدة.
وفي مطلع أغسطس 2014 تلقت الشرطة بلاغاً بوجود طفلين في حديقة القرم بمحافظة مسقط بدون ذويهما ولم تنجح محاولات العثور على ذويهما على الرغم من تحول هذه القضية، كما سائر الحالات المشابهة، إلى قضية رأي عام .
ويقول الشيخ إسماعيل العوفي، من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية: "إن السبب الرئيس خلف العثور على أطفال حديثي الولادة ومجهولي الهوية هو العلاقات المحرمة (الزنا). ويضيف: "ثمة اسباب مختلفة تؤدي إلى تلك الأفعال، أهمها قلة الوازع الديني لدى أبائهم وأمهاتهم، بالإضافة إلى القصور في التربية منذ الصغر".

اخوان في الدين
وتابع الشيخ العوف: "إن قضية غلاء المهور، وتعقيدات الزواج التي تزيد يوماً بعد يوم، إضافة إلى وقوف الأهل حجر عثرة في وجه زواج أبنائهم ساهمت بشكل كبير في وجود أطفال مجهولي الهوية". وأوضح العوفي "أن الإسلام حث على كفالة اليتيم واعتبار الأبناء مجهولي الهوية أخوان في الدين، ويتم التعامل معهم بدون تفرقة وينبغي تسهيل اندماجهم في المجتمع". وشدد العوفي: "على الحذر من الوقوع في الفاحشة وغرس الوازع الديني في الأبناء وتربيتهم التربية الصحيحة منذ الصغر".

العار والفقر
وتحدثت إخصائية إرشاد وتوجيه بمركز الإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس د.عائشة عجوة عن الأسباب التي تدعو الوالدين للتخلص من طفلهم حديث الولادة ليصبح مجهول الأبون قائلة أن الأسباب عديدة، ويعتمد ذلك على الحالة إذا ما كان والدا الطفل شرعيان أم غير شرعيان.
مضيفة: "إذا كانا شرعيان فالأسباب لرمي طفلهم تكون ناتجة عن اضطرابات سواء كانت نفسية أو اقتصادية، مثل الفقرالشديد والخوف من التكلفة المالية للطفل والذي يؤدي بهم إلى التخلص منه". وأكدت: "لا أحد يستطيع أن يتخلى عن فلذة كبده سوى من يعاني من مشاكل نفسية". وأوضحت د.عجوة ان إذا كان الطفل غير شرعي فالسبب الأهم في تخلي والديه عنه هو الخوف من "العار الإجتماعي".

عدم تقبل الذات
وحول الحالة النفسية للأطفال مجهولي الهوية، قالت د.عائشة: "أن يكون الطفل لقيط ولا يجد من يرعاه رعاية سليمة وجيدة فإن ذلك له تأثير بالغ على نفسيته. حيث أنه لن يتقبل ذاته ولن يشعر بالرضى، وينظر إلى نفسه والمجتمع نظرة سلبية، واحتمال عالية بأن يتطور لديه السلوك العدواني كانخراطه في عالم الجرائم، أو تعاطيه المخدرات".
واضافت:"لو حصل الطفل على رعاية آمنة وسوية تشعره بالحنان فإن احتمالات وجود مشكلات لديه هي مساوية لاحتمالات وجود مشكلات لدى الأشخاص المعروفين الوالدين. وأكدت أن الوالدين الذين يتركان ابنيهما، يتولد لديهما شعوراً ملازماً بتأنيب الضمير، بالغضافة إلى مشكلات أخرى.
وأضافت عجوة: "في حالة تبني الطفل أو احتضانه من قبل عائلة ما، ومن ثم بعدما كبر علم صدفة بأنهما ليسا والديه، قد يكون هناك احتمالان لرد فعله: فإذا تربى بطريقة تجعله قوي الشخصية فلن يتأثر بالأمر، وفي المقابل فإن في حال تربيته بطريقة تضعف شخصيته فسيكون رد فعله شديداً ما يتسبب له بمرض نفسي.
وأوضحت أن تعامل المجتمع مع المرأة الحامل حملاً غير شرعي يعتمد على فلسفة كل مجتمع. والأصل السوي في الدين هو أن يتم فصل الإبن عن أمه بعد سنتين من الولادة، ومن بعدها تطبق عليها القوانين. ولا يجب النظر إلى لطفل بأنه عار أو يرفضه المجتمع. فكما في قصة تعامل الرسول -صلى اللًه عليه وسلم- مع المرأة الزانية التي أتته وأعترفت بفعلتها. فحكم بأن تُترك حتى تلد وتربي ولدها سنتين ومن ثم يقام الحد عليها. أما بعض المجتمعات لا تتقبل المرأة الحامل بطفل غير شرعي، وقد تلجأ إلى قتلها وطفلها في بطنها.

الرأي القانوني
وقال المحامي والمستشار القانوني ياسر السناني أن المادة الأولى من قانون الجنسية اعتبرت الطفل مجهول الأبوين عمانياً بحكم القانون إذ نصت على منح الجنسية العمانية لمن ولد في عمان من والدين مجهولين.
واشار إلى أن الطفل مجهول الهوية ينسب لإسم يبتدئ بحرف "العين" فيسمى مثلاً (عبدالكريم عمران).
في الشق الاجتماعي قال السناني: "للأطفال ذوي الإعاقة والأيتام ومجهولي الأب أو الأبوين وغيرهم ممن لا عائل لهم أو ليس لهم مصدر رزق، الحق في الضمان الاجتماعي وتكفل لهم الدولة التمتع بهذا الحق وفقا لأحكام قانون الطفل. وعليه فإن للطفل مجهول الأبوين الحق في الحصول على الخدمات الصحية والمدنية والحقوق التعليميه والاقتصادية والثقافية وغيرها من الحقوق التي يكفلها له قانون الطف".
وأوضح تقرير الخدمات المقدمة للأطفال مجهولين الأبوين في السلطنة الذي أعدته دائرة شؤون الطفل بوزارة التنمية الإجتماعية في أغسطس الفائت وحصلت الشبيبة على نسخة منه أن عدد الأطفال المتواجدين بمركز رعاية الطفولة يبلغ 102 طفل حتى نهاية عام 2015.
وحول الآليات التي تتم عند العثور على طفل مجهول الأبوين أو الأب ، أشار التقرير إلى اتباع عدد من الإجراءات وفق الترتيب التالي:
أولا : الإبلاغ عن الطفل حيث المبلغ يقوم بالتوجه إلى أقرب مركز شرطة أو عن طريق الاتصال الهاتفي للإبلاغ عن الطفل لتتولى نقل الطفل إلى المستشفى وفي بعض الحالات يكون الطفل قريب من المؤسسسات الصحية وفي هذه الحالة تقوم المؤسسة بالتنسيق المباشر مع الشرطة للقيام بالإجراءات المتبعة في هذه الحالات.
ثانيا: تقوم الشرطة بعد تسليم الطفل إلى المستشفى بالبحث والتحري عن ذوي الطفل في المنطقة التي عثر عليه فيها، وتستمر التحريات إلى فترة تصل إلى نحو أسبوعين وفي بعض الحالات يتم التوصل إلى ذوي الطفل وتتم إحالة الموضوع إلى الإدعاء العام تمهيدا لرفعه إلى المحكمة المختصة.
ثالثا: يقوم المستشفى بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة للطفل للتأكد من سلامته وعدم معاناته من أي مرض مزمن أو معدي ويتم استخراج البطاقة الصحية له التي ستتم من خلالها متابعته ومنحه التطعيمات اللازمة مستقبلاً، وإذا دعت الحاجة لعلاجه من أي مرض أو إجراء عملية جراحية معينة يبقى الطفل في المستشفى حتى يستكمل علاجه ويتماثل للشفاء.
رابعا: يجرى التنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية حيث تقوم إدارة المستشفى بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية حول وجود الطفل بالمستشفى قبل الانتهاء من تقديم الرعاية الأولية له حتى يكون لدى الوزارة علم بوجود الطفل وبعد الانتهاء من تقديم الرعاية الصحية اللازمة للطفل وحصول المستشفى على اخطار من الشرطة بأنه لم يتم التوصل إلى ذوي الطفل ويمكن في هذه الحالة تسليمه إلى الجهة المختصة على ضوء ذلك يتم التنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية لنقله إلى مركز رعاية الطفولة بالخوض.