هل حان الوقت لمراجعة منع التأشيرات العائلية عن الأقل أجراً؟

مؤشر الخميس ٢٧/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
هل حان الوقت لمراجعة منع التأشيرات العائلية عن الأقل أجراً؟

مسقط- فريد قمر

عندما اتخذ قرار منع الوافدين من استقدام عائلاتهم، إذا كانت رواتبهم تقل عن 600 ريال عماني، كانت الأسباب الموجبة كثيرة، وأهمها استغلال البعض للظرف القائم قبل ذلك وتحويل إقاماتهم من إقامات عائلية إلى إقامات عمل، فضلاً عن كون الدعم الذي يقدم في أكثر من قطاع، يستفيد منه الجميع ما يحمل الدولة مبالغ طائلة.
غير أن الظروف الاقتصادية الحالية، وقرارات رفع الدعم دفعت بعض الخبراء، من مختلف القطاعات، إلى اعتبار أن سلبيات القرار باتت أكثر من حسناته، ما يوجب، برأي البعض، إعادة النظر في جدواه.
إيجان ماتياس، وافد من الفلبين يعمل في يعمل في قطاع المطاعم، وهو متزوج ولديه إبنة واحدة. يقول ماتياس إنه يتقاضى نحو 200 ريال عماني غير أنه من خلال الإكراميات فإن مدخوله يصل في بعض الأحيان إلى 300 ريال عماني، لكنه يحرم من إحضار عائلته إلى السلطنة بسبب القرار، ويشرح إنه يضطر إلى سحب راتبه من المصرف في بداية كل شهر، "أترك معي 100 ريال أو اقل لاسيما أن الشركة تؤمن لي السكن والنقل، ومن ثم أرسل الباقي إلى اسرتي".
ويرغب إيجان بإحضار عائلته إلى السلطنة ويقول:"الراتب يكفيني وانا مستعد لذلك ولو لم ارسل أي أموال إلى بلادي، فإن وجودي مع عائلتي أهم من أي شيء آخر"
ويقول محمد (اسم مستعار)، وهو وافد تونسي يعمل في القطاع نفسه :"أتقاضى 400 ريال، ويصل راتبي مع الإكراميات والمكافآت إلى 650 أو 700 ريال أحياناً، لكن هذا غير رسمي، ولا يمكنني أن أحضر عائلتي نتيجة لهذا القرار". ويعيش محمد في السلطنة منذ 4 سنوات وهو لديه ولد واحد ويتابع:"أنا أرسل أكثر من 500 ريال شهرياً إلى تونس، أي أكثر من راتبي، لأن احتياجات العائلة كثيرة، وأسافر مرة واحدة كل سنتين لكي لا ادفع تذكرة السفر من جيبي". ويضيف:"لو كانت عائلتي هنا كنت سأضطر لأنفق معظم راتبي، لكني عائلتي ستكون قربي وماذا يريد الأب غير ذلك".
أما محمد عرفان، من سريلنكا، فراتبه لا يتجاوز 150 ريالاً عمانياً مع الإكراميات، وهو اب لولدين. ويقول عرفان:"لا يمكنني أن احضر عائلتي إلى السلطنة ولو تغير القرار، لأن الراتب لن يكفيني، سريلنكا أرخص بكثير".
عينة صغيرة لكنها تدل أن الوافد غير القادر على إعالة عائلته لن يحضرها إلى السلطنة بصرف النظر عن قرار منع الوافدين ذوي الرواتب المحدودة من إحضار عائلاتهم. بينما الذي يستطيع إحضارها سيفعل ولو تطلب ذلك أن ينفق كل راتبه فيها.

خسارة الإنفاق الأسري
يقول الخبير الاقتصادي لؤي بطاينة "إن هناك قطاعات كبيرة كانت مستفيدة من تلك العائلات التي حرمت من الإقامة في السلطنة، فعندما يحضر الوافد عائلته سيكون مضطراً على الإنفاق على المدارس والطبابة، والمواد الاستهلاكية والملابس والسكن، وهي أمور ضرورية لا يمكن التوفير فيها، والبعض ممن تقع رواتبهم بين 400 و600 ريال، ينفقون كذلك على وسائل الترفيه والنقل وغيرها من المصاريف، ما يحرك الدورة الاقتصادية بشكل أكبر".
ويعتبر البطاينة في تصريح خاص لـ"الشبيبة" "أن وجود عدد أكبر من المستهلكين في السلطنة يفيد الاقتصاد بشكل كبير، خصوصاً أن عدداً من الشركات الكبرى يأخذ هذا الأمر في الحسبان قبل الدخول في أي سوق للاستثمار فيه".
وعن إيجابيات القرار، يؤكد البطاينة أنه عند اتخاذ القرار "كانت المعادلات مختلفة، إذ أُخذ في الحسبان الضغط على البنية الأساسية والدعم المقدم في أكثر من مجال، وكانت الحكومة حينها تريد توجيه الدعم إلى الفئات الأكثر حاجة إليه. لكن مع التوجه الجديد للحكومة والمضي بخطط رفع الدعم وترشيد الإنفاق الوضع تغير تماماً، لذلك ندعو إلى إعادة النظر في هذا القرار".
ويؤكد البطاينة أن الدولة من الممكن أن تستفيد بشكل كبير من إعادة النظر في القرار، خصوصاً أن استقدام الوافدين لعائلاتهم سيزيد من الرسوم على الإقامة والتأشيرات التي تؤمن مداخيل كبيرة للدولة.

القطاع المصرفي
ويعتقد البطاينة "أن القطاع المصرفي تضرر عند اتخاذ القرار إذ أن الفئات المستهدفة منه تستخدم حسابات التوفير، ممّا أدى إلى ضغوط عليها". ويقول إن الوافدين المحرومين من استقدام عائلاتهم "يحولون معظم مداخليهم إلى بلادهم بالعملة الصعبة، ما يضر الاقتصاد بشكل كبير، بينما لن يتمكنوا من تحويل إلا مبالغ صغيرة في حال اضطروا إلى الإنفاق على عائلاتهم في السلطنة".
وما يقوله البطاينة، تؤكده أرقام البنك المركزي العُماني التي تظهر أن حوالات الوافدين خلال النصف الأول من العام الجاري، بلغت أكثر من 2.13 بليون ريال عُماني. وتمثل تسرباً من إجمالي الادخار المحلي للسلطنة إلى الخارج، وبالتالي تؤثر على الاحتياطيات الأجنبية فيها.

تضرر القطاع العقاري
وكما قطاع المصارف، تضرر قطاع العقارات من القرار، إذ يؤكد رئيس إدارة الجمعية العقارية العمانية سعادة محمد بن سالم البوسعيدي "إن القطاع تأثر بالقرار وكان أحد الأسباب الكثيرة التي أدت إلى هبوط الأسعار وتراجع الطلب".
ويدعو البوسعيدي إلى مراجعة القرار لأسباب عدة، من بينها السبب المجتمعي "لأن المقيم لديه أسرة ومن الأفضل أن يكون ضمن أسرته، ما يؤدي إلى استقرار نفسي. فضلاً عن كون تغيير القرار يضيف عائدات اقتصادية كبيرة للبلاد، لأن الموظف ليصرف الجزء الأكبر من الراتب في السلطنة. أمّا إذا كان العامل يعيش وحيداً فيما عائلته تعيش في الخارج، فسيقلص إنفاقه إلى الحدود الدنيا ليحول الاموال إلى عائلته، وهذا ينطبق على العقارات وغيرها".
ويعتبر البوسعيدي "أن 600 ريال عماني ليس بالرقم القليل حتى يعتبر أن الوافد لا يستطيع العيش مع عائلته بهذا المبلغ، ويقول إن الحد الادنى للعمانيين هو 325 ريالاً وثمة الكثير من الأسر العمانية تعيش بأقل من 600 ريال عماني وتحظى بعيشة كريمة".
وما يقوله البوسعيدي تؤكده الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة القوى العاملة التي تظهر أن من بين 211 ألف عماني يعملون في القطاع الخاص يتقاضى 133 ألفاً منهم رواتب أقل من 600 ريال عماني، أي ما نسبته 62 في المئة. ويحصل 62 ألف عماني على رواتب بين 325 و400 ريال عماني، فيما يحصل 48.7 ألف عماني على رواتب بين 400 و500 ريال عماني، ويحصل 22 ألف عماني على رواتب بين 500 و600 ريال عماني.

لقطاع الطيران كلمته
كما مختلف القطاعات يعتمد قطاع الطيران بشكل كبير على العمالة الوافدة، فكلما زاد عدد المقيمين في السلطنة كلما زادت أعداد المسافرين، خصوصاً أن الكثير من الشركات تقدم تذاكر سفر لعائلات الموظفين لديها، لذلك فإن إعادة النظر في القرار قد يشكل إضافة كبيرة للقطاع.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "أساس"، التي أطلقت "طيران السلام" الذي يعتبر الناقل الاقتصادي الأول في السلطنة خالد اليحمدي، "إن المعادلة بسيطة، فكلما ازداد عدد السكان ارتفع عدد المسافرين"، ممّا يعني أن مراجعة القرار تفيد القطاع بشكل تلقائي.
فهل حان الوقت لمراجعة قرار عدم السماح للوافدين باستقدام عائلاتهم إذا كانت رواتبهم تقل عن 600 ريال عماني، أم أنه - كما قال لؤي بطاينة - قد يكون لدى الحكومة موجبات لا نعرفها؟