"لوهنغرين".. أوبرا العشق والتضحية والسؤال المحرم

7 أيام الخميس ٢٧/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٠ ص
"لوهنغرين".. أوبرا العشق والتضحية والسؤال المحرم

عرضت دار الأوبرا السلطانية مسقط مؤخرا على مدى يومين أوبرا "لوهنغرين" تأليف (موسيقى ونص) ريتشارد فاغنر (1813- 1883) تلك الأوبرا التي عرضت لأول مرة بألمانيا في 28 أغسطس 1850، بينما قدّم العرض الأول المجدد والمعاد انتاجه منها في 3 يونيو 2014، وقد رافق هذه الأوبرا الرومانسية المكونة من ثلاثة فصول الأوركسترا السلوفاكية الفيلهارمونية والجوقة السلوفاكية الفلهارمونية، ورغم طول العرض الذي استمر على مدى ثلاث ساعات وخمس دقائق -تخللتهما استراحتان قصيرتان- وجدنا الجمهور مشدودا للمتابعة ولم يغادر أحد -كما يحدث في بعض الأحيان في أعمال أوبرالية أخرى- قبل الختام وإغلاق المسرح وخروج الفنانين مؤدين التحية للجمهور، كما كان من أهم ما ميز هذا العرض -بخلاف الحضور الكثيف- وجود جمع كبير من الجمهور الذي يشعر المتابع لعروض دار الأوبرا أنه جمهور مختلف أو جديد أو يحضر للدار لأول مرة وهذا يدل على التنوع في الجمهور أو تمكن الدار من استقطاب جمهور مختلف أو من الخارج في كل عمل.

موسيقى هادئة

دارت قصة أوبرا لوهنغرين في إطار درامي مشوق منذ البداية، فرغم الدخول بموسيقى هادئة للأوركسترا بقيادة رالف فايكيرت مع ديكور بسيط جدا اعتمد فيه مخرج العمل هيربرت أدلر على أزياء الفنانين التي ترمز إلى الحقبة التي يدور فيها العمل إلا أن القصة كانت مشوقة وجذابة ودارت في ألمانيا حول اختفاء دوق برابانت "جوتفريد" وقيام الملك هنري للقبائل الألمانية لحل النزاع بعد اتهام الكونت فريدريش تيلر أموند المكلف بحراسة " جوتفريد" لأخت الأخير إلسا بقتل أخيها طمعا في أن تصبح هي دوقة برابانت ومطالبته (أي فريدريش أموند) بأن يكون هو الدوق لأنه أقرب قريب.
يطالب الملك هنري بإحضار إلسا للحضور ويستجوبها غير أنه لم يلق منها ردا سوى البكاء والنحيب على أخيها الفقيد "جوتفريد"، فيترك الملك العقاب للأمر الإلهي ويأمر بحدوث مبارزة بين فريدريش أموند ومن ترشحه إلسا نيابة عنها، فترفض أي شخص من الحضور وتقول: إن من ترشحه هو بطل فارس رأته في أحلامها وتعطي أوصافه ويأمر الملك بالنداء على بدء المبارزة، غير أن هذا الفارس لم يحضر وتخر إلسا على ركبتيها باكية وتتوسل إلى السماء أن ترسل هذا الفارس، وهنا في قالب درامي أسطوري تحدث المعجزة ويأتي من قبل النهر قارب تجره بجعة كبيرة وعلى متنها فارس مغوار ذو هيبة وسيف لامع.
يطلب الحضور من فريدرش أموند الانسحاب من المبارزة لأنه لن يقوى على مبارزة هذا الفارس المغوار الذي لا يعرفون عنه شيئا، غير أن الفارس ذا السيف اللامع بعد أن يقدم التحية للملك باحترام وتبجيل يعلن أنه يقبل المبارزة ولكن بعد أن يعرض عليها قبول الزواج منه بعد الفوز فتقبل وتخر راكعة، وهنا يعرض عليها شروطه وهي ألا تسأله عن اسمه ولا من هو ولا من أين أتى.

تمضي الأوبرا في حبكة درامية مشوقة وقصة رومانسية رائعة بعد أن ينتصر الفارس ذو السيف اللامع على فريدريش أموند ويرفض قتله ويصفح عنه ويكون هو الفائز ويفوز بحب إلسا والزواج منها إلا أن أمونت وزوجته الساحرة الشريرة لا يتركان الأمر يمر هكذا بسهولة ويخططان للانتقام منه، فتأتي لهما حيلة وهي التشكيك في هذا البطل المجهول وحتى ينجحان في إقناع إلسا بضرورة أن تعرف عن زوجها البطل من هو ومن أين أتى على الأقل؟ هنا تحدث المشكلات بين إلسا وزوجها البطل حتى تنقض عهدها الذي قطعته على نفسها أمام الملك وأمام الجميع وتطلب منه أن يكشف عن هويته ومن أين أتى.

خرق العهد

في الفصل الثالث تتكشف الأمور حيث يعلن البطل والفارس المجهول أن إلسا خرقت عهدها بالسؤال وأنه حينما يتحدث ليكشف حقيقته وهي أنه "لوهنغرين" فارس الكأس المقدسة وابن الملك بارسيفال فإن عليه أن يرحل لأنه قد انكشف السر وأنه على أبناء الكأس المقدسة ألا يعرف أحد عنهم وأنهم يجب أن يتواروا عن أنظار الجميع بينما جاء هو للدفاع عن امرأة مظلومة وها قد كشف السر وعليه الرحيل، ويودع إلسا بعد أن يخبرها بأنه لو لم يكشف السر كان سيظهر أخيها وأنه موجود ولم يقتل، ثم يعطيها سيفه وخاتمه وبوقه لعلمه بأن أخيها الغائب سيصبح قائدا لبرابانت في المستقبل وتظهر البجعة مرة أخرى ساحبة القارب ويهم لوهنغرين بركوب القارب، وهنا تخبر الساحرة الشريرة "أورترود" زوجة فريدريش أموند ان البجعة ما هي إلا "جوتفريد" شقيق إلسا وأنها هي من سحرته وحولته إلى بجعة وهنا يصدر الملك حكمه على أورترود بالقتل لسحرها وشعوذتها.
يصل لوهنغرين للآلهة لأجل رفع السحر عن جوتفريد وعودته من صورة البجعة وتستجيب الآلهة ويعود جوتفريد لهيئته وينتخب دوقا لبرابانت وتنزل حمامة من السماء لتحل محل البجعة وتسحب القارب وتطير بالفارس لوهنغرين إلى قصر الكأس المقدسة وتبقى إلسا حزينة على الحب الكبير الذي فقدته.