رئيس المحكمة العليا: القضاء من أهم الضمانات لحماية الحقوق والحريات

بلادنا الثلاثاء ٢٥/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٠ ص
رئيس المحكمة العليا: 
القضاء من أهم الضمانات لحماية الحقوق والحريات

مسقط - سعيد الهاشمي
تصوير- جون استرادا

أكد رئيس المحكمة العليا بالسلطنة الشيخ د. إسحاق بن أحمد البوسعيدي أن القضاء هو ضمانة من أهم الضمانات الدستورية لحماية الحقوق والحريات والفصل في الخصومات، وبعدله ينمو الاقتصاد ويزدهر الاستثمار، وترد الحقوق وترفع المظالم ويستقر الأمن والسلم الاجتماعيين، لهذا فإن أكثر ما يهم كل من تشرف بالعمل في القطاع العدلي هو الاستزادة من العلم وتنمية القدرات والمهارات والخبرات التي من شأنها فتح أبواب المعرفة وصولا بالعدالة إلى غاياتها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال استضافة السلطنة ممثلة بمجلس الشؤون الإدارية للقضاء للمؤتمر السابع لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية الذي أفتتح تحت رعاية صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد صباح أمس.
وأضاف البوسعيدي: أن هذا المؤتمر يأتي بمباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- حيث إن المؤتمرات الدورية لرؤساء المحاكم العليا والنقض أو التمييز أو التعقيب هو سُنة من السنن الحميدة وفرصة للتشاور، وتهدف إلى إرساء نظام قضائي عربي يستلهم من تاريخه مثلا، ومن إرثه الفقهي أسمى وأرقى مبادئ الحياد والتجرد وأعلى قيم العدالة، حتى لا يطمع شريف في الحيف ولا ييأس ضعيف من العدل، وحتى لا يمنع قضاء قضي به من مراجعة الحق، لأن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، ولكي نرسي مبادئ قضائية تستوعب هذه القيم تكون قواعد للفصل في الخصومات وفض النزاعات في العالم العربي لاسيما وأن التشريعات في الدول العربية تساعد على إرساء مثل هذه المبادئ.
وبين البوسعيدي أنه تحقيقا لهذه الأهداف فلعله من المناسب أن ترتبط المحاكم العليا ونظيراتها في العالم العربي عن طريق الوسائل الحديثة وذلك لتمكينها من الاطلاع على أحكام والمبادئ والتشريعات ذات الصلة والعمل على توحيد المصطلحات القانونية حتى نتمكن من توحيد النظم القضائية في المستقبل، الأمر الذي سوف يساعد في تعزيز علاقات التعاون في المجال العدلي سواء في تنفيذ الأحكام أو الإنابة وغيرها من الإجراءات القضائية.
وأشار رئيس المحكمة العليا إلى أن هذا المؤتمر هو السابع لرؤساء المحاكم العليا والنقض والتمييز ويأتي استكمالا للمؤتمرات السابقة، وما استجد في الفترة ما بين اللقاءين، ومن الموضوعات المطروحة على بساط البحث: فض المنازعات عن طريق لجان التوفيق والمصالحة (التجربة العمانية) وآلية حل مشكلة بطء البت في الدعاوى- الاختناق القضائي (التجربة اللبنانية أنموذجا) ومناقشة مشروع اتفاقية عربية لتنفيذ أحكام الإفلاس، وذلك في ضوء الاتفاقيات العربية ذات الصلة والتي صدرت عن الجامعة العربية وصدقت عليها معظم الدول العربية، وغير ذاك من الموضوعات المهمة.

من جانبه أكد نائب رئيس المحكمة العليا د. خليفة بن محمد الحضرمي على وجود توجه بإنشاء مركز تحكيمي دولي في السلطنة يضاهي المراكز التحكيمية على مستوى العالم، ومن المؤكد أنه سيحل الكثير من المشكلات خاصة في مجال العمل التجاري الذي يقتضي التسريع في جوانبه، الآن في طور مناقشة النظام الأساسي لتأسيسه، وحول المؤتمر أشار الحضرمي إلى أن هذا المؤتمر يمثل على غرار المؤتمرات السابقة سلسلة من تطوير الفكر القضائي والمنظومة القضائية سواء من حيث الإجراء أو من حيث الموضوع.
وأضاف: هنالك الكثير من المعوقات تواجه العمل القضائي، إلا أن هذه المعوقات تحتاج إلى تكاتف جهود من أجل تبسيط أجراءتها ومن أجل إيجاد البدائل لحل الكثير من المنازعات.
مؤكدا أنه من ناحية الإجراءات التي تتناولها الكثير من القوانين الإجرائية فإن القاضي يساهم بدور فعال في تبسيط هذا الإجراء أو الحيلولة دون بطئه أو تقصير الأمد بالنسبة للكثير من الأمور دون إضرار بأطراف الدعوة، أما المعوقات من حيث الموضوع فهنالك الكثير من البدائل الموجودة من حيث حل المنازعات كالصلح، وأحد أوراق هذا المؤتمر ورقة عن لجنة التوفيق والمصالحة وهي تجربة عمانية فريدة ومتميزة في حل الكثير من المنازعات غير الجزائية، وأيضا هنالك التوفيق والوساطة.
وأشار نائب رئيس المحكمة العليا إلى أنه من المؤمل من هذا المؤتمر إيجاد توصيات تساعد على حل الكثير من المعوقات التي لم تزل تواجه العمل القضائي من حيث إجراءات نظر الدعاوى ومن حيث إيجاد طرق للعمل بالكترونية القضاء.

أما أمين عام مجلس الشؤون الإدارية للقضاء الشيخ خالد بن راشد المنوري فقال: تتشرف السلطنة باستضافة المؤتمر السابع لرؤساء المحاكم العليا بالدول العربية في الفترة من 24 إلى 25 من أكتوبر الجاري وتأتي استضافة السلطنة لهذا التجمع القضائي العربي في أعلى مستوياته من منطلق دعمها للعمل العربي المشترك ويهدف المؤتمر إلى ترسيخ التعاون البناء بين المحاكم العليا والعمل على إيجاد آليات فعالة لتبادل الأفكار والرؤى والاستفادة من الخبرات والتجارب المختلفة في الأحكام والمبادئ القضائية، إضافة إلى بحث الوسائل والطرق التي تساعد على تبسيط إجراءات التقاضي وتطوير الكفاءات القضائية المتخصصة برفع مستوى القضاة وزيادة الحصيلة المعرفية لديهم في الجانب القضائي واستعراض البحوث القانونية والقضائية وتنظيم الدورات التدريبية، من أجل تحسين وجودة العمل القضائي في المحاكم و إيجاد الحلول المناسبة لما يعترض مسيرة العدالة من مشاكل ومستجدات، ونتطلع نحن في السلطنة إلى مزيد من التعاون المثمر ترسيخا لدعائم العدل والسير بالعمل العدلي العربي المشترك نحو التقدم والتطور.
ويناقش المؤتمر في نسخته السابعة عددا من المحاور المهمة كإشكالية تأخير الفصل في الدعاوى ببحث أسبابها وعلاجها، وبدائل الدعاوى كالتوفيق والمصالحة واللجان التحكيمية وذلك من خلال طرح (التجربة العمانية والتجارب العربية) ومناقشة مشروع اتفاقية الاعتراف بأحكام الإفلاس الصادرة عن المحاكم العربية وتنفيذها في الدول العربية على ضوء الملاحظات الواردة من الدول الأعضاء.
إن إقامة هذا المؤتمر على أرض السلطنة إنما يعبر عن حرص الدول العربية على إيجاد منبر دائم وملتقى يناقش مواكبة التحولات القضائية الناتجة عن التطور التكنولوجي المتسارع وإيجاد حلول لكافة الصعوبات التي يواجهها القضاء في مواجهة العولمة التي تفرض تحديات وقيما جديدة وإشكاليات على منصات الحكم القضائية تتطلب منه إيجاد الحلول والأجوبة المناسبة لها في سياق الارتقاء بالعمل القضائي تحقيقا لعدالة ناجزة.

أما رئيس المؤتمر السادس، رئيس القضاء السوداني ورئيس المحكمة القومية العليا معالي البروفسور حيدر أحمد دفع الله فقال: إن التعاون العربي في مجال القضاء يمثل الحلقة الأهم من حلقات التعاون العدلي العربي بشكل عام، لذلك كان قرار مجلس وزراء العدل موفقا في التخطيط لانعقاد هذا المؤتمر سنويا، وقد أكدت دورات انعقاد الفائتة وبشكل حازم حاجتنا لجهد مشترك للارتقاء بنظامنا القضائي العربي.
وأضاف حيدر أحمد دفع الله: خرجت توصيات المؤتمر السادس والتي كان من أهمها أن نسارع الخطي لاتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة بطء التقاضي، وهو تحد مازال قائما إلى اليوم، وهي مشكلة تواجه النظام القضائي العالمي، وليس القضاء العربي فحسب، ولأهميتها وردت مرة أخرى من ضمن محاور هذا المؤتمر مقرونة بمحور يناقش تجربة الدول العربية في الوسائل البديلة للقضاء، إضافة إلى موضوعات أخرى.

وقال رئيس المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية بجامعة الدول العربية سعادة السفير عبد الرحمن الصلح: إن مؤتمر رؤساء المحاكم العليا هو من الأنشطة الأساسية الهامة التي عمل المركز العربي على تكريس دورية انعقادها بتعاونكم لتتحول كنبراس قضائي للوصول إلى الغايات السامية، انسجاما مع التطلعات المشرقة لتوحيد وتطوير التشريعات.