أشبه بجراحة صعبة لاستئصال ورم في الدماغ " الموصل " معركة العراق الفاصلة

الحدث الثلاثاء ٢٥/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٠ ص
أشبه بجراحة صعبة لاستئصال ورم في الدماغ 
" الموصل " معركة العراق الفاصلة

اربيل – ش – وكالات

أسبوع تقريبا مر على على بدء الهجوم لاستعادة الموصل العراقية من قبضة داعش دفعت مجرياته كثير من الساسة والقادة العسكريين الأمريكيين والعراقيين وقيادات أجهزة المخابرات ممن يقفون خلف الهجوم الى الاعتقاد الراسخ إن المعركة قد تكون طويلة الأمد وصعبة.
وقال مسؤول أمريكي كبير في العراق إن معركة "الموصل ستكون جهدا متعدد الشهور. وستستغرق وقتا طويلا."
وأضاف مستخدما اسما شائعا للتنظيم الذي خرج من عباءة تنظيم القاعدة في العراق "أي شخص يتنبأ بأن هذه العملية ستستغرق أسابيع لا شهورا لم يكن يتابع داعش منذ فترة طويلة."
اما إذا أمكن إقناع المقاتلين المحليين في الموصل بالتخلي عن ولائهم لداعش فثمة فرصة أن تنتهي المعارك في المدينة بصورة أسرع ويمكن أن يكون لذلك تداعيات كبيرة على مستقبل العراق.
ورغم ظهور بوادر على قدر من التفسخ في التنظيم في الموصل فإن بعض القادة العسكريين المتخاصمين يعتقدون أن نجاح محاولة كسب هؤلاء المقاتلين المحليين ربما يعني أن تستمر المعركة مجرد أسابيع بدلا من شهور.

ميزان قوى
الآن تدور المعركة لاسترداد الموصل يخوضها تحالف يضم قوة نظامية عراقية مؤلفة من 30 ألف جندي تدعمها قوات أمريكية وأوروبية إلى جانب قوات كردية في مواجهة مقاتلوا داعش الذين تشير التقديرات إلى أن عددهم يتراوح بين 4000 و8000 مقاتل
ويبدو أن التنظيم يملك مددا وفيرا من المفجرين الانتحاريين إذ أطلقهم كمدفعية بشرية في عشرات من الشاحنات المحملة بالمتفجرات على مقاتلي البشمركة الأكراد الذين يتقدمون صوب الموصل من الشرق والشمال الشرقي وعلى القوات العراقية التي تتصدرها وحدات مكافحة الإرهاب وتتقدم من الجنوب والجنوب الغربي.
وحتى الآن كان من السهل على التحالف مهاجمة مواقع التنظيم في القرى المهجورة حول الموصل وتطهيرها غير أن الضربات الجوية ستقل ما إن تصل القوات العراقية إلى المناطق السكنية في الموصل حفاظا على الأرواح.
ويقول قادة عراقيون إن التنظيم نجح في منع قوات الجيش من التقدم في مواجهته بشن هجمات انتحارية وزرع المتفجرات والعبوات الناسفة.
غير أنهم يقولون إن ذلك لن يكون عائقا في الموصل لأن الجيش العراقي تسلم في الآونة الأخيرة نظاما فعالا للصواريخ الموجهة يدمر العربات المحملة بالمتفجرات.

مقاومة ضارية
من جانبه قال وزير الداخلية في حكومية اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي في شمال العراق كريم سنجاري إن التنظيم سيقاوم مقاومة ضارية بسبب قيمة الموصل الرمزية كعاصمة لدولة الخلافة التي أعلنها.
وأضاف "إذا انتهت الموصل فستنتهي الخلافة التي أعلنوها. وإذا خسروا في الموصل فلن يكون لهم مكان سوى الرقة" في سوريا.
ولم يكن الهجوم الذي شنه التنظيم فجر الجمعة الماضي على كركوك جنوب غربي الموصل على سبيل المثال مجرد محاولة لتحويل أنظار القوات العراقية والكردية وتخفيف الضغط على الجبهة الرئيسية فحسب.
وأحد أهداف تلك العملية التي نفذها التنظيم تحريك الرأي العام للعرب السنة ضد الأكراد الذين نشروا قوات برية عالية الكفاءة من البشمركة ومقاتلين من الأكراد السوريين في ظل دعم جوي أمريكي في الحرب على التنظيم.
ولهذا السبب يشدد كثيرون من المشاركين في معركة الموصل على ضرورة تفكيك تماسك قوات التنظيم

تصدعات
غير أن الشروخ بدأت تتسع في معسكر تنظيم داعش وتتحدث مصادر عراقية وكردية وغربية عن مقاومة داخل الموصل وموجة من الهجمات على قيادات التنظيم.
ويقول سنجاري الذي يشغل أيضا منصب القائم بأعمال وزير الدفاع في إقليم كردستان إن هناك استياء متزايدا من الأساليب الوحشية التي يتبعها التنظيم.
وقال سنجاري "وردت معلومات أن كثيرين يتمردون وينفذون هجمات على التنظيم. وقتل عدد من أفراد داعش في الشوارع ليلا."
ويتفق ذلك مع روايات عن وقوع انتفاضة فاشلة في الآونة الأخيرة على التنظيم بقيادة مساعد سابق للبغدادي انتهت بإعدام 58 من المنشقين على التنظيم.

دروس مستفادة
ويقول القادة العراقيون إن أسلوبهم الآن سيتمثل في عزل مقاتلي داعش عن ظهير القرى المؤيدة لهم ثم تقسيم المدينة إلى أحياء مختلفة مثلما حدث في معركة السيطرة على الفلوجة.
وقال العميد حيدر عبد المحسن الدراجي من الفرقة العاشرة بالجيش إنه تم الاستفادة من دروس مستقاة من معركتي الرمادي والفلوجة.
وأضاف الدراجي "الوصفة الناجحة لكسر شوكة مقاتلي داعش هي محاصرتهم ومهاجمتهم من اتجاهات متعددة دون ترك أي فرصة للحصول على تعزيزات أو إمدادات."
وبالنسبة له وللقادة الآخرين لايزال الهاجس الأكبر هو كيفية ضرب أهداف التنظيم داخل الموصل دون التسبب في خسائر بشرية ضخمة في صفوف المدنيين.
وقال الدراجي "الأمر أشبه بجراحة صعبة لاستئصال ورم في الدماغ."

الجزء الاصعب
وقال العقيد مهدي عمير من الفرقة التاسعة بالجيش العراقي التي تقاتل جنوبي الموصل "سيكون ذلك هو أصعب جزء في معركة استعادة الموصل. فقد تعمد داعش منع السكان من مغادرة المدينة لاستخدامهم كدروع بشرية وإطالة أمد المعركة."
ولا يهون خصوم التنظيم من قوته التي تعتمد على ضباط بعثيين كبار سابقين لهم خبرة واسعة وعلى ارهابيين من ذوي الأفكار المتطرفة مستعدين لتفجير أنفسهم دفاعا عن معقلهم .
وقال مسؤول مكافحة الإرهاب الكردي "لديهم من يتمتعون بمهارات عالية... وبوسعك أن ترى ذلك في المعارك فهم منظمون فعلا عسكريا وأكثر تنظيما بكثير من البشمركة وغيرهم. ولديهم إدارة جيدة ونظام دعم جيد وأسلحة وذخائر كافية."

اهم معركة
ويتفق القادة العسكريون والساسة أن هجوم استعادة الموصل سيكون أهم معركة يشهدها العراق منذ اجتياح القوات الأمريكية له عام 2003. وما سيحدث بعد الموصل سيوحد العراق أو يزيد من انقسامه.
وقال هوشيار زيباري وزير المالية السابق "توجد مخاوف متزايدة بشأن تثبيت السلام السياسي في اليوم التالي لتحرير الموصل" مرددا صدى نداء من أطراف كثيرة لكي يشمل نظام الحكم جميع التيارات لضمان مستقبل الموصل.
وقال "كيف سيتم حكم هذه المدينة المتعددة الاعراق المتعددة الطوائف - أكبر مدينة في العراق بعد بغداد بعدد سكان يبلغ مليوني نسمة - وكيف ستدار بدون صراع طائفي وبدون قتل انتقامي وبدون نزوح الناس على نطاق كبير.
"هذا يحتاج بعض التخطيط السياسي لكيفية حكم المدينة. ويجب أن يكون الحكم تمثيليا قويا في المدينة."
لكن المعركة ضد الاسلاميين المتطرفين لن تنتهي بتحرير الموصل بل ستستمر.
وقال زيباري "الموصل ليست نهاية داعش أو نهاية التطرف في هذه المنطقة.