السياسة الخارجية العمانية.. أسس ومنطلقات ثابتة

الحدث الثلاثاء ٢٥/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
السياسة الخارجية العمانية.. أسس ومنطلقات ثابتة

مسقط – العمانية

منذ أن انطلقت مسيرة النهضة العمانية الحديثة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – قبل ستة وأربعين عاماً، دخلت عمان مرحلة جديدة ومجيدة في تاريخها، تقوم على رؤية استراتيجية، شاملة ومتكاملة، لبناء حاضر زاهر ومستقبل واعد لعمان، شعباً ومجتمعاً ودولة، في كل المجالات وعلى مختلف المستويات، سواء على الصعيد الداخلي، أو على مستوى علاقاتها مع الدول والشعوب الشقيقة والصديقة في المنطقة وعلى امتداد العالم من حولها.

ولأن سلطنة عمان دولة ضاربة بجذورها في التاريخ، وطالما لعبت دوراً حيوياً، وحضارياً مؤثراً في حقب التاريخ المتتابعة، فان الرؤية السامية لجلالة السلطان المعظم – أبقاه الله - تفاعلت فيها الخبرة الثرية للتاريخ العماني، وطبيعة الموقع الاستراتيجي للسلطنة، وآمال الحاضر المتمثلة في بناء دولة عصرية تنعم بالسلام والأمن والاستقرار وتحقيق حياة أفضل للشعب العماني، والتطلع الى أن يعم السلام والأمن والاستقرار منطقة الخليج، وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، لتنعم كل شعوب المنطقة ودولها بالاستقرار والسلام والرخاء.
وبحكمة وبعد نظر وقدرة على قراءة الأحداث والتطورات الإقليمية والدولية وتقاطعات المصالح في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وضع جلالته – حفظه الله ورعاه – منطلقات وأسس السياسة العمانية، داخلياً وخارجياً وفي علاقات السلطنة مع الأشقاء والأصدقاء، على قاعدة صلبة هي العمل من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار، ليس فقط على الصعيد الداخلي، ولكن أيضاً على الصعيدين الإقليمي والدولي، انطلاقاً من أن السلام والأمن والاستقرار هي ضرورات لا غنى عنها للبناء والتنمية وصنع حياة أفضل، وتكريس كل الجهود لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة مع الأشقاء والأصدقاء على كل المستويات.
وقد أكد جلالته منذ سنوات عديدة أن السلطنة «دولة سلام»، تسعى إليه وتعمل من أجل تحقيقه ولا تتردد في بذل كل ما يمكنها من أجل هذه الغاية النبيلة، التي تتطلع إليها كافة شعوب المنطقة والعالم من حولها، وفي مقدمتها الشعب العماني، الذي مدّ جسور التجارة والمودة والصداقة مع كثير من شعوب المنطقة والعالم من حوله، شرقاً وغرباً منذ آلاف السنين.
وفي الوقت الذي تم فيه بناء ركائز دولة عمانية فتية، تقوم على حشد كل طاقات الشعب العماني، وعلى المشاركة الواسعة لأبناء الوطن في صياغة وبناء التنمية الوطنية، والسير قدماً لتحقيق الأهداف والأولويات الوطنية، وفق خطط وبرامج التنمية في مختلف المجالات من ناحية، والعمل على بناء القدرات العمانية للحفاظ على مكتسبات النهضة المباركة من ناحية ثانية، وهو ما يتواصل العمل فيه برعاية مباشرة ومتواصلة من جانب جلالته، فان العمل الجاد والمخلص من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في الخليج والمنطقة العربية، بل وعلى مستوى العالم شكل جوهر السياسة الخارجية العمانية والركيزة التي انطلقت منها مواقف السلطنة ورؤيتها وتعاملها مع مختلف التطورات الخليجية والعربية والإقليمية والدولية، ليس فقط لأن السلطنة ليس لها أعداء، وليست لديها خلافات ولا صراعات مع أي طرف آخر.
ولأن ذلك ظل ملمحاً ثابتاً ومستمراً، في مختلف المواقف والظروف، التزاماُ وإرادة ورغبة في القيام بكل ما يمكن لتحقيق السلام والاستقرار لدول وشعوب المنطقة والعالم من حولها، فإنه ليس مصادفة أن تحظى القيادة الحكيمة بتقدير إقليمي ودولي واسع النطاق على مستوى قيادات العالم وشعوبه، وأن تحظى الدبلوماسية العمانية بثقة الجميع وتقديرهم، بل وأن تكون السلطنة طرفاً فاعلاً في كل الجهود الخيرة التي تسعى من أجل حل المشكلات الخليجية والإقليمية وغيرها على امتداد العقود الماضية، وأن تكون السلطنة مقصداً للعديد من قيادات المنطقة والعالم للتشاور وتبادل الرأي مع حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – وأن تحتضن السلطنة جهوداً عديدة، معلنة وكثير منها غير معلن، للعمل على تقريب المواقف وتجاوز الخلافات بين الأطراف المعنية بمشكلات عديدة، خليجية وعربية واقليمية ودولية، وهو ما حظي بتقدير كبير على مستويات عديدة والأمثلة في هذا المجال أكثر من أن تحصى.