بعد واحد وعشرين يوما من المشي المتواصل، عبر فريق رحلة عبور الربع الخالي مؤخرا الحدود بين السلطنة والمملكة العربية السعودية، حيث ينتقل الفريق الآن إلى المرحلة الأصعب من الرحلة، والتي ستكون في قلب صحراء الربع الخالي غير المأهولة بالسكان والتي تندر فيها مصادر المياه الصالحة للشرب.
واعتمادا على طبيعة تضاريس المنطقة، سيضطر أعضاء الفريق الثلاثة إلى بذل مجهود أكبر في صعود الكثبان الرملية العالية والتأقلم مع التغيرات الجوية في الصحراء، والتي تصل درجات الحرارة فيها الى أربعين درجة مئوية في النهار ، وتنخفض إلى ما دون الصفر ليلاً، وفي طريقهم للحدود، حظي أعضاء الفريق بالحفاوة وكرم الضيافة العمانية من سكان محافظة ظفار الذين تتبعوا مسار الرحلة، وأقاموا لهم الولائم، وحكوا لهم قصصا عن الرحالة القدامي كبرترام توماس والشيخ صالح بن كلوت وغيرهم.
وبهذا الإنجاز ، قال مارك ايفانز، رئيس فريق الرحلة : "نحن ممتنون لسكان محافظة ظفار على طيبهم وكرمهم معنا، وقد وجدنا فيهم اعتزازا وفخرا بالرحلات الأسطورية التي قام بها أجدادهم في الماضي، كما استمتعنا بالجمال الطبيعي لمحافظة ظفار التي تمتاز بتنوع نباتي وحيواني فريد من نوعه "
وأضاف ايفانز : "كل ما نسمعه الآن هو هدير الرياح الصحراوية ووقع أقدام إبلنا واجترارها للطعام. نمشي هذه الأيام لمدة ست إلى سبع ساعات متواصلة، نبدأها مع شروق الشمس إلى غروبها مع فترة استراحة في منتصف اليوم لإراحة الابل. نبدأ يومنا في الساعة الخامسة صباحاً، حيث يؤذن عامر الوهيبي لصلاة الفجر، ويستدل بشروق الشمس لمعرفة اتجاه القبلة".
ويتجه الفريق الآن إلى منطقة "بات جمال" والتي يأملون بالوصول إليها قبل نهاية الأسبوع القادم. وعلى الرغم من التحديات والشفاه المتشققة، ما زالت المعنويات مرتفعة والإصرار على إكمال الرحلة قائماً حتى النهاية.
ويضيف مارك : "التقلبات الجوية هي أكثر ما يشغلنا، حيث تزداد قسوة المناخ بدخولنا لعمق الصحراء، ولكن ذلك يزيد من إصرارنا على تحقيق هدفنا بعبور الربع الخالي - الصحراء الأكثر غموضاً في التاريخ "
وبوصول الفريق إلى الجانب السعودي، لقي الرحالة ترحيبا كبيرا من حرس الحدود في المملكة الشقيقة والذين قاموا بتزويد الفريق بالأغذية والمياه الصالحة للشرب والوقود.
من جانبه قال محمد الزدجالي، عضو الفريق : "حلمنا بعبور صحراء الربع الخالي يتحقق الآن، وأنا سعيد جداً وفخور بأن أكون جزءاً من هذه الرحلة الأسطورية. كل يوم نمشي لمسافة 25 كيلومتراً، و في المساء نجهز مخيمنا للتوقف للأكل والراحة. ونستغل فترة المساء للتواصل مع فريق الدعم المرافق لنا ووسائل الإعلام، حيث نزودهم بالأخبار والصور اليومية للرحلة "
ويعتبر العضو الثالث في الرحلة عامر الوهيبي الخبير بالإبل ، إلى جانب خبرته في إعداد قروص الخبز، ويبذل عامر وقته وجهده في رعاية الإبل وتغذيتها. أما العضو الرابع في الرحلة، والذي شارك الى الحدود السعودية فقط، فهو الشاب العماني علي المسهلي، مدرب اللياقة البدنية في قوات السلطان المسلحة، ولديه خبرة كبيرة في قراءة الخرائط والاتجاهات، يقول المسهلي : "لقد كانت تجربة أكثر من رائعة، أعتقد أنها ستغير الكثير فيَّ على المستوى الشخصي، وسأعمل على نقل هذه التجربة للآخرين، أتمنى لمارك ومحمد وعامر النجاح في مسعاهم للوصول إلى قطر بخير وأمان، أعلم أن المرحلة القادمة شاقة ولكن الإصرار الذي عايشته معهم على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية يجعلني متأكداً أنهم لن يتوقفوا إلى على أبواب الدوحة".
وبالإضافة الى دوره القيادي في الرحلة، يقوم مارك ايفانز بكتابة اليوميات للتوثيق، وتستخدم كتاباته لتحديث الموقع الإلكتروني للرحلة وتطبيق الهواتف النقالة وصفحات التواصل الاجتماعي، والتي يتابعها الآلاف من المتشوقين لمعرفة آخر أخبار المغامرين الثلاثة.
وتهدف رحلة عبور الربع الخالي إلى إلهام الشباب العماني لتحمل المسؤولية والاعتماد على النفس والتحمل من أجل التغلب على الصعاب لتحقيق الأهداف. وقد غادر الفريق مدينة صلالة في العاشر من ديسمبر 2015 ويتوقع أن يصل إلى نقطة النهاية في العاصمة القطرية في وقت لاحق من شهر فبراير القادم.
وتتقفى هذه الرحلة أثر الرحالة الأوائل الذين قاموا بهذه المغامرة في العام 1930 وهما برترام توماس والشيخ صالح بن كلوت ، وذلك خلال ستين يوما من صلالة إلى الدوحة. وتتم رحلة هذا العام سيراً على الأقدام بمرافقة الإبل.
-انتهى-