موسكو – لندن –
قال وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف : أن التحقيق، الذي أعلنه أحد القضاة البريطانيين في قضية مقتل الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو سيعقد إلى حد خطير علاقات بلاده مع بريطانيا.
وأشار لافروف- خلال مؤتمر صحفي، حسبما ذكرت شبكة (يورو نيوز) الأوروبية- إلى أن التحقيق أورد اتهامات لا أساس لها وترك الكثير من علامات الاستفهام.
وخلص تحقيق بريطاني إلى أن مقتل ليتفينينكو ربما كان بموافقة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين. وقد قتل ليتفينينكو عن عمر يناهز 43 عاماً فى لندن فى عام 2006، بعد أيام من تسممه بمادة البولونيوم-210 المشعة، ألتي يعتقد أنه تناولها في كوب من الشاي.
اتتهامات
في مايو من العام 2013 ذكرت صحيفة «أم كا» الروسية أن «مارينا ليتفينينكو»، أرملة ضابط المخابرات الروسي الراحل «ألكسندر ليتفينينكو»، الذي قتل مسموما بمادة البولونيوم في لندن، تتهم السلطات البريطانية بمقتل زوجها، حيث قتل زوجها في إحدى شوارع لندن، وكان يمكن للسلطات البريطانية أن تنقذ الموقف.
وأضافت الصحيفة أن محامي الأرملة يرى يوم مقتل الضابط الروسي هو يوم فاشل بالنسبة للعدالة البريطانية، وقال أن أرملة الضابط المقتول تشعر بالأسى والحزن الشديدين نتيجة رفض الطبيب الشرعي النظر في الأدلة مرة أخرى، لأنها تؤكد أن للحكومتين الروسية والبريطانية علاقة بمقتل زوجها، والطبيب البريطاني رفض النظر في الأدلة بسبب صفقة سياسية بين الحكومتين وأسباب مقتل زوجها لن تبقى خفية لوقت طويل.
وأكدت الصحيفة أن زوجة الضابط الراحل طلبت من الطبيب الشرعي إجراء تحقيق علني وشامل لاكتشاف حقيقة القتلة في أقرب وقت ممكن.
وفي يناير الجاري رحبت أرملة المعارض الروسى ليتفينينكو ،مارينا ليتفينينكو، بالنتائج التي أعلنت وحثت رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على طرد جميع ضباط الاستخبارات الروسية من بريطانيا وفرض «عقوبات اقتصادية مستهدفة» وحظر للسفر ضد الروس المتورطين في مقتل زوجها بما فيهم باتروشيف وبوتين.
وقالت إنها تلقت خطابا من وزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي به «وعد باتخاذ إجراء». واتهم ممثلو الادعاء البريطانيون كوفتون ولوجوفوي بالتورط في قتل ليتفينينكو ، ولكن الحكومة الروسية رفضت تسليمهما للرد بشأن هذا الاتهام.
و خلص تحقيق في بريطانيا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «ربما» يكون قد وافق على قتل عميل الاستخبارات الروسية السابق ألكسندر ليتفينينكو في بريطانيا.
وبعد تحقيق استغرق 12 شهرا ، قال رئيس التحقيقات روبرت أوين إنه خلص إلى أن ضابط الجيش الروسي السابق دميتري كوفتون ومساعده الروسي أيضا أندريه لوجوفوي قد قاما بدس السم لقتل ليتفينينكو عام 2006 بتوجيه من جهاز الاستخبارات الروسي «إف.إس.بي» .
وقال أوين في تقريره «إنني متأكد من أن لوجوفوي وكوفتون تصرفا بناء على توجيهات من آخرين عندما سمما ليتفينينكو» ، مضيفا أن كلا المشتبه بهما تلقيا التعليمات على الأرجح من الإف.إس.بي. كما قال إنه :»ربما وافق (أمين مجلس الأمن الروسي) (نيكولاي) باتروشيف وأيضا الرئيس بوتين على عملية الإف.إس.بي لقتل ليتفينينكو». كان ليتفينينكو ،عميل الاستخبارات الروسي السابق، قد فر إلى بريطانيا عام 2000 وأخذ ينتقد بوتين علانية.
تساؤلات
من جانبها تساءلت صحيفة التايمز عن سر توقيت إعلان بريطانيا بدء تحقيق علني في مقتل الجاسوس الروسي المنشق ألكسندر ليتفينينكو، الذي توفى منذ 8 سنوات في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن بمرض غامض وتم العثور على مادة «البولونيوم 210» المشعة في جسمه فيما بعد.
ووفق مقتطفات نقلها موقع «بى.بى.سى» عن الصحيفة، فإن مارينا أرملة ليتفينينكو سعت بضراوة لسنوات إلى فتح تحقيق في اغتيال زوجها بالسم وبالرغم من أن الطبيب المحقق في أسباب الوفاة التي حدثت في بريطانيا دعم ذلك الطلب، إلا أن الإعلان عن فتح التحقيق بعد أيام من سقوط الطائرة الماليزية على الحدود الروسية الأوكرانية يثير كثيرا من الأقاويل حول إذا كانت هذه الخطوة عقابية لروسيا أكثر من كونها تتويجا لجهود مارينا ليتفينينكو لكشف غموض وفاة زوجها. وتضيف التايمز أنه بالرغم من فتح التحقيق في وفاة حدثت على الأراضي البريطانية لأسباب سياسية، هو أمر يثير الحنق إلا أن احتفاظ بريطانيا بمثل تلك الأوراق للضغط على دولة مثل روسيا قد يكون له جانب إيجابي. وتخلص إلى أن تحقيق ليتفينينكو، الذي يرجح تورط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقوة في اغتياله بحسب رسالة كتبها الجاسوس الروسي قبل وفاته بأيام، قد تكون هي الطريقة المناسبة للتعامل مع روسيا التي تحولت على يد بوتين إلى دولة «شبه مارقة» لا يستطيع المجتمع الدولي التعامل معها وفقا للقوانين، حسب قول التايمز.
سيرة ومسيرة
ولد في فورونيتش في روسيا وكان عميلا سابقا لدى الاستخبارات الروسية في مجال مكافحة الجرائم المنظمة (التنظيمات المسلحة)، بعد توقفه عن العمل لدى الاستخبارات الروسية أصبح مناهضا لها وقام بفضح أمور غير قانونية تتعلق بالاستخبارات والملياردير الروسي بوريس بيريزوفسكي، حتى تم اعتقاله عام 1999، ثم اطلق سراحه لاحقا بعد أن وقع وثيقة تمنعه من مغادرة الأراضي الروسية، ثم هرب بعدها إلى بريطانيا وفيها أطلق اثنين من أشهر كتبه،
اغتيل مؤخرا في 23 نوفمبر 2006 عن طريق تسميمه بمادة البولونيوم210 المشعة وعندها بدأ التحقيق في ملابسات الاغتيال حيث «يعتقد» أن الفاعل ليس سوى الاستخبارات الروسية.
كشف في كتابه تفجير روسيا أن المخابرات الروسية قامت بعمليات تفجير في روسيا لتحريض الشعب على الحرب على الأقليات المسلمة عبر إلصاق التهم بالمتمردين الشيشان.
أقيمت له صلاة الغائب في الجامع الكبير بوسط لندن بعد أن أعلن والده بأن أبنه ألكسندر قد كشف له بأنه اعتنق الإسلام وذلك قبل يومين من وفاته وأنه طلب أن يدفن حسب مراسم الديانة الإسلامية.
في 24 نوفمبر ظهرت وصيته التي قال عنها صديقه أليكس جولدفارب أملاها عليه قبل 3 أيام من وفاته ونصها هو
أطبائي وممرضاتي، طاقم المستشفى الذي يفعل في هذه الأثناء كل ما في وسعه لمساعدتي. أود أن أشكر الشرطة البريطانية التي تحقق في قضيتي بجد واحترافية، وفي الآن ذاته تؤمنني وتحمي عائلتي. أود أن أشكر الحكومة البريطانية على رعايتي والاهتمام بي. عن حق أفخر أني مواطن بريطاني. أود أن أشكر الشعب البريطاني على رسائل الدعم والمساندة، على الاهتمام الذي أبداه تجاه محنتي.
أشكر زوجتي مارينا التي وقفت دوما بجانبي. فلتعلم أن حبي لها ولإبننا لا يعرف حدودا.
ولكنني إذ أرقـــد هنـــا، أحسبني أسمع بوضوح تام دقات أجنحة ملك الموت. ليتني أفر منه، غير أن ساقي اليوم لن تطيعانني، ولن تعدوا بالسرعة التي أتمناها. وعلى هذا أظن أن الوقت قد حان.. لأقول شيئاً أو بضع أشياء لهذا الذي يسأل عن وضعي الراهن.