محمد بن سيف الرحبي
أكرر شكري لوزارة القوى العاملة على اهتمامها بالكلية التقنية العليا حيث توجد خشبة مسرح «مقبولة» في مسقط يمكن اللجوء إليها، بعد أن تخلت وزارة التراث والثقافة -ومن خلفها الحكومة- عن إنشاء قاعات عرض مسرحي في عاصمة البلاد، وكلما قلنا «خشبة مسرح» قيل لنا إن المجمع الثقافي سيتضمن قاعات، وكلما قلنا مكتبة وطنية قيل لنا إن المجمع الثقافي قادم.. لا محالة..
أستعيد هذا الكلام «العتيد» إذ أتابع بعضا من عروض المهرجان الخليجي لمسرح ذوي الإعاقة، حيث الجوانب التقنية التي لزم على «الدولة المستضيفة» أن تبرر ضعفها للأشقاء الخليجيين، وتقول لهم إن هذا هو الممكن، وعلى الجمهور حبس نفسه في المساحة «الممكنة» لأن «أبو الفنون» ليس من أولويات الحكومة.
حاولت أن أتجنب تسمية المهرجان، وهو إقليمي، تضمن عروضا من ست دول خليجية جمعتهم المحبة، وكان الحضور أمام الخشبة لا يقل بهاء عن الحضور الإبداعي فوق الخشبة، بشر تحدوا معوقات جمّة ليقولوا إنهم أحياء مثلنا، لا يفترض عزلهم بعيدا عن الفنون، لديهم رسالتهم ورؤيتهم، فليسوا ذوي إعاقة، تركوها لأسوياء لا يرون أكثر من «رؤيتهم»، بل كانوا ذوي إبداع حرصوا على أن يواجهوا به جمهور، بينهم من يتشاركون معه ذات «المعوّق» فـــــي الحواس للتواصل معه، لكن لغة الإشارة حضرت، لتكون اللغة القــــادرة على اختزال رسائل المسرح بــــين بعضهـــم البعض..
وكنّا متابعين لحالة مسرحية خاصة. في العيون التي انطفأ فيها الضوء ثمة ضوء علينا أن ندركه نحن المبصرين، وفي الأسماع التي لا يصلها سوى الصمت إشارات تقرأها الأعين، بسكون لا تؤثر عـــــليه مؤثرات أخرى تزلزل الصورة أمام العين.
كانت فرحتهم وضحكاتهم وتفاعلهم لوحة فنية رائقة ورائعة..
وكان الإبداع الأجمل مقدما من وزارة التنمية الاجتماعية، من وزيرها الذي دأب على حضور عدد من العروض يوميا، والوكيل بمتابعته الدقيقة، وسائر مسؤولي الوزارة، متحملين مسؤولية أنهم يمثلون عمان أمام أشقاء، فكان التقدير لهم بحجم عطائهم، وحيث لا مصلحة جمعتني بالمهرجان، ولا بالوزارة، أقول لهم «ما قصرتم»، وهكذا فعل أولئك الشباب حينما منحوا فرصة أن يفعلوا شيئا من أجل مجتمعهم.
وحصدت السلطنة جوائز التفوق الفني باستحقاق، لأن «المزار» قدمت، وفق حديث مهتمين ومتابعين، رؤية جديرة بالتقدير، تحولت أرضية الخشبة إلى خطوط «برايل» يسير عليها الممثل مستكشفا دربه كأنه يرى مساره، مع مهندس العمل المخرج جلال جواد، .. وخلف أولئك الكاتب والمخرج المسرحي عماد الشنفري «دينامو» المهرجان.
وكان الجمهور جمال المهرجان، اللغة المتوهجة في قاموس الحكاية المسرحية وهي تسدل الستارة على فعالية أشاد بها الضيوف.. إصرار على أن تكون فكانت.