"التامورت الخضرة" من منتجعات فصل الخريف في موريتانيا

مزاج الجمعة ٢١/أكتوبر/٢٠١٦ ١٩:٥٩ م

نواكشوط - العمانية
يعد فصل الخريف الفترة الزمنية المثالية للاستجمام والالتقاء بالأهل والأصدقاء في موريتانيا، ففي هذا الموسم الذي يمتد عادة من شهر أغسطس إلى شهر أكتوبر، ويصادف الإجازة المدرسية تعود الأسر من المدن التي يدرس فيها أبناؤها إلى القرى والأرياف في شتى أنحاء موريتانيا. كما يحرص الكثير من الموريتانيين على اختيار إجازاتهم السنوية في هذه الفترة للتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة بعد عام من ضجيج المدينة وبيئتها الخانقة. ومن الأماكن المفضلة لغالبية الموريتانيين لقضاء إجازة الخريف ما يسمونه محليا بـ"التامورت"، وهو غدير تحيط به أشجار كثيفة تحجب رؤيته من الخارج، وتكثر "التومر" (جمع تامورت) في المناطق الشرقية والجنوبية من موريتانيا لهطول أكبر كمية من الأمطار على تلك المناطق. ويعد "التامورت الخضرة" أو "الغدير الأزرق" أحد الأماكن التي تستقطب أعدادا كبيرة من الموريتانيين في فصل الخريف حتى أنه أضحى معروفا للسكان في مختلف مناطق البلاد ومع أن هذا الموقع ليس الأكبر من حيث المساحة أو الأكثر كثافة للأشجار إلا أنه يعد من أكثرها ارتيادا من الزوار لموقعه الجغرافي ووجوده على طريق رئيسية معبدة. ويقع هذا المنتجع السياحي الموسمي على بعد 270 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من العاصمة الموريتانية نواكشوط، وهو يتبع إداريا لمدينة "ألاك" وبلديا لبلدية " بوحديده"، وعندما تهطل الأمطار في فصل الخريف يمتلئ الموقع بالمياه حتى تفيض في بعض الأحيان لتصل إلى الطريق المعبدة مما يكسبه منظرا فريدا ليس للموجودين به فقط وإنما أيضا للمسافرين على الطريق. يقول محمد ولد محمد سالم، عمدة "بوحديده" إن "التامورت الخضرة" تغطي تقريبا مساحة مليوني متر مربع في موقع حجري يساعد على جرف المياه نحو قاع الغدير، ويرتاد المكان يوميا في فصل الخريف عدة مئات من الزوار أغلبهم في شكل مجموعات تتكون أحيانا من الأسر وأحيانا أخرى من الأصدقاء، ويتسابق الجميع لاختيار أحسن مكان للجلوس فيه، حيث تنصب الخيمة أو يبسط الفراش على حافة الماء وفي ظل الأشجار تحت نسيم عليل يخفف من وطأة الشمس الحارقة. ويجلب الزوار معهم غالبا مستلزماتهم من اللحوم ليقوموا بأعمال الشيّ، وهو المفضل عند غالبية الموريتانيين أو الطبخ لمن يريدونه، ويتناولون وجبتين متفاوتتين زمنيا هما "أطاجين" المعد من اللحم فقط والغداء المعد من الأرز أو "الكسكس" أو غير ذلك مما تميل له الأذواق. ومن حين لآخر، يتم إعداد قدح من "ازريك"، وهو خليط من اللبن أو الحليب والماء والسكر يتم تناوله لإطفاء العطش وتخفيف حرقة المأكولات الدسمة، وغالبا ما تصطحب كميات من الثلج في ترمس لهذا الغرض. كما يفضل بعض الزوار عصير الكركديه أو عصير "تجمخت" المحلي، ولا يطيب مقام المستجمين بدون كؤوس من الشاي الأخضر تدور طيلة اليوم دون انقطاع. ويستمتع بعض الزوار بالاستماع إلى الموسيقى والرقص بشكل جماعي فيما يكتفي آخرون بتنظيم مواكب للسيارات تتحرك على وقع المنبهات أثناء دخولها في " التامورت" أو خروجها منه حيث يلقى السائق أحيانا صعوبات في إيجاد مكان مناسب لإيقاف سيارته فيه لكثرة السيارات وتشابك الأشجار وقرب المكان من الطريق المعبدة. ويمثل البعد السياحي لــ "التامورت الخضرة" مصدرا من مصادر الانتعاش الاقتصادي لمدينة "بوحديده" لما تشهده حركة السوق من نشاط خلال هذه الفترة، خاصة بالنسبة لباعة اللحوم والماء والعصائر والثلج غير أن ازدحام المكان بالزوار ورمي الأواني الفارغة ومخلفات ذبح الخراف والقمامات الأخرى يطرح مشكلة التلوث البيئي بشكل حقيقي. ويقول محمد ولد محمد سالم، عمدة "بوحديده" إن هناك خطة لتنظيم حملة موسمية لنظافة "التامورت" سنويا في الفترة الزمنية التي تسبق فصل الخريف حتى يظل الموقع جذابا للزوار وسليما من الناحيتين الصحية والبيئية.