برنامج "تنفيذ".. وسيبقى التنفيذ

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٠/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
برنامج "تنفيذ".. وسيبقى التنفيذ

عيسى المسعودي
Ias1919@hotmail.com

يتفق جميع العمانيين وخاصة المتابعين للمشهد الاقتصادي بالسلطنة من مسؤولين فالحكومة او القطاع الخاص او ورجال الاعمال والخبراء والمختصين وحتى فئات المجتمع الاخرى ان التنويع الاقتصادي امر في غاية الاهمية لمستقبل عمان واستقرارها الاقتصادي والاجتماعي، وفي نفس الوقت يتفق الجميع ايضا ان الاستمرار في الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل القومي اصبح غير مقبول ولايمكن ان تستمر السلطنة على هذا النهج في ظل التقلبات الاقتصادية والاوضاع السياسية الغير مستقرة والتي تعصف بالمنطقة ، فقد واجهت السلطنة خلال السنوات الماضية تحديات عديدة خرجت منها بدروس وعبر ولكن للاسف كنا فقط نتجاوز هذة التحديات دون التفكير للمستقبل او الاستفادة من هذة الدروس لوضع خطط وحلول واقعية يمكن تنفيذها وايجاد حلول للتحديات والصعوبات التي تواجة عدم تتطور بعض القطاعات والاستفادة منها اقتصاديا بالدرجة التي تساهم في تعزيز الدخل القومي .
لقد أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – في أكثر من مناسبة على اهمية التنويع الاقتصادي و استثمار المقومات المختلفة التي تتمتع بها السلطنة في مختلف المجالات والقطاعات وتوجية جلالة السلطان المعظم للمؤسسات الحكومية المعنية والقطاع الخاص بضرورة استثمار الفرص التجارية ودخول السلطنة في الاستثمارات الاقتصادية الناجحة والتي تساهم في رفد وتعزيز مصادر الدخل خاصة في الاوضاع الحالية التي تشهدها تقليات اسعار النفط ، لذلك قام المجلس الاعلى للتخطيط خلال الفترة الماضية بدراسة كافة التحديات الموجودة ومعرفة الحلول التي تم طرحها في السابق والتي تحدث عنها الجميع في الندوات والمؤتمرات وفي وسائل الاعلام وخرج لنا ببرنامج وطني طموح " تنفيذ " يهدف الي تعزيز التنويع الاقتصادي وذلك بمباركة سامية وبالاستعانة بالتجربة والخبرة الماليزية المعروفة على مستوى المنطقة وقد اختار المجلس حسب الاوضاع الحالية ثلاثة قطاعات واعدة هي القطاع اللوجستي والقطاع السياحي وقطاع الصناعات التحويلية حيث يتوقع ان هذة القطاعات لها مستقبل وبها فرصة تجارية واقتصادية كبيرة يمكن استثمارها ، لتبدأ بذلك السلطنة مرحلة جديدة وبرؤية وبتخطيط مختلف يهدف بالفعل الي تحقيق التنويع الاقتصادي الذي تحدثنا عنة طوال السنوات الفائتة.
لكن المواطنيين كان لهم اراء مختلفة حول برنامج " تنفيذ " خاصة في بداية الاعلان عنة ومدى جدية الحكومة في تحقيق اهدافة ، فالبعض بارك وايد الفكرة والبعض الاخر شكك في انجاحة بينما قال البعض انة مضيعة للوقت فمن وجهة نظرهم أن كافة التحديات والحلول معروفة لتحقيق التنويع الاقتصادي ، فكل انسان كان ينظر للبرنامج من زاويتة والاختلاف امر طبيعي فالحياة لكن مع مرور الايام والبدء في تطبيق البرنامج على ارض الواقع من خلال الاجتماعات والجلسات المختبرية التي تتواصل بنجاح في مبنى معهد الادارة العامة ، بدأت الافكار والاراء تتقارب وتتحد شئ فشئ وذلك بعد التعريف اكثر بالبرنامج واهدافة وكيفية تنفيذة فبدأ الاغلبية يتفاعلون ويشاركون بايجابية في البرنامج وعلى كافة المستويات وبدأ البعض يقدم اقتراحات ايجابية وبدأت النظرة السلبية تتلاشى يوماً بعد يوماً ليتحول برنامج " تنفيذ " بالفعل الي أمل جديد وطموح من قبل الجميع لتحقيق التنويع الاقتصادي المنشود والذي سيعود بالمنفعة على السلطنة ومستقبليها الاقتصادي .
لقد زرت مؤخراً الجلسات التي يعقدها برنامج " تنفيذ " بمشاركة مختلف الشخصيات والمسؤولين المعنيين بالقطاعات الاقتصادية وتابعت بعض الجلسات التي تميزت بالشفافية بوجود مسؤولين في القطاع الحكومي والخاص على طاولة واحدة يطرحون التحديات و الحلول ويناقشون كل صغيرة وكبيرة حيث أكد هذا البرنامج اولا ان الجميع يجتمع ويتحد من اجل عمان فالجيمع حريص على النجاح وعلى المشاركة والتفاعل لانجاح هذا البرنامج ولتحقيق الاهداف المرجوة لذلك بادر الجميع بالمشاركة وطرح الافكار بكل وضوح ، ثانيا ان برنامج " تنفيذ " مختلف عن باقي البرامج من حيث وجود فريق عمل متابع وخطة معتمدة لكيفية تنفيذ البرنامج الذي يمر على مراحل متعددة مدروسة وتحت اشراف متخصصين ذوي خبرة يسجلون كل صغيرة وكبيرة ويأخذون اراء وافكار كافة المعنيين ، اذا البرنامج يسير بشكل عملي ومنظم و بمباركة سامية و بمتابعة من الوزراء والمسؤولين الذين لهم علاقة مباشرة بالتنويع الاقتصادي حيث يدرك الجميع أن التنظيم من الامور المهمة والضرورية في انجاح اي برنامج او خطة ، ثالثاً ان هذا البرنامج يعتمد في تمويلة على القطاع الخاص وبنسبة كبيرة وبذلك تكون الفرصة متاحة للمستثمرين والمؤسسات في المشاركة واستغلال الفرص التجارية والاقتصادية التي ستتوفر في الثلاث قطاعات المحددة مع وجود الدعم الحكومي المتمثل في الاجراءات والامكانيات الاخرى المتعلقة بالعمالة وبالحوافز والتسهيلات وانجاز المعاملات والبعد عن البيروقراطية وغيرها من الامور المعروفة والمرتبطة بالمؤسسات الحكومية ، تبقى نقطة في غاية الاهمية والتي يتفق عليها ايضا الجميع وهي التنفيذ لذلك تم اختيار اسم البرنامج ليكون الهدف الاسمى من اعداد وتنظيم البرنامج هو التنفيذ وان لا يكون مصير هذا البرنامج كمصير البرامج والخطط السابقة واعتقد من وجهة نظري هذا هو التحدي الحقيقي امام المجلس الاعلى للتخطيط وباقي المؤسسات الاخرى المعنية بتنفيذ البرنامج لان " تنفيذ " هو الامل في المرحلة المقبلة وعلى الحكومة ان توفر كافة عناصر النجاح لهذا البرنامج الطموح ومن كافة الجوانب لان نجاحة هوه نجاح لعمان وارادتها من أجل التغير للافضل ، فلايعقل ان تستمر السلطنة رغم كل التحديات والتقلبات الاقتصادية والسياسية تعتمد فقط على مصدر واحد للدخل القومي وهو النفط فهذا اصبح تفكير عقيم وغير مقبول خلال المرحلة المقبلة .
ان برنامج " تنفيذ " يشكل خطوة مهمة في الطريق الصحيح بشرط ان ننجح في تنفيذه بالشكل السليم ، فكما علمت ان البرنامج سيصل الي مرحلة من المراحل التي فيها اشراك المجتمع العماني ككل وهذا امر ايضا في غاية الاهمية بحيث يتعرف اطياف المجتمع على البرنامج بشكل واضح والتعرف على ردة الفعل وعلى رأي المجتمع واخذ الملاحظات المجتمعية علية حتي يشارك الجميع في انجاحة كما يعتبر البرنامج البداية الحقيقية لطرح برامج شبيهة تستهدف قطاعات اخرى في المستقبل وبلاشك ان هذا البرنامج سيكون تحت المجهر والجميع مطالب بالمشاركة في انجاحة ليس في هذا الوقت فقط وانما في المرحلة المقبلة والتي ستكون الاصعب وهي كما قلنا سابقا مرحلة تنفيذ الافكار والتوصيات كذلك امام القطاع الخاص والمستثمرين فرصة للمشاركة بايجابية في استغلال الفرص التي سيتم طرحها في القطاعات الثلاث اللوجستي والسياحي والصناعات التحويلية وعدم التردد فالمشاركة خاصة اذا توفرت عناصر النجاح حيث من المؤكد ان نجاح هذا البرنامج سيعطى دفعة قوية لتنفيذ البرنامج في قطاعات اخرى بحيث نصل فالنهاية الي تحقيق التنويع الاقتصادي الذي يخدم الاقتصاد الوطني في نهاية المطاف ، كما علينا ايضا ان ندرك ان فشل برنامج " تنفيذ " - لاقدر الله - فان ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على كافة المستويات وستعيدنا لنقطة الصفر وستجلعنا نمشي في النفق المظلم الذي نعرف بدايتة ولكن للاسف لانعرف نهايتة .