أيام الفرح العمانية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٩/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
أيام الفرح العمانية

فريد أحمد حسن

شهر كامل يفصل العمانيين عن موعد العيد الوطني المجيد لسلطنة عمان والذي تحتفل به في الثامن عشر من نوفمبر من كل عام ،لكنهم هذه المرة تحديدا بدأوا الاستعداد له نفسيا منذ نحو أسبوعين من الآن على الأقل في ظاهرة لافتة لا تفسير لها سوى استعجالهم التعبير عن حبهم لوطنهم ولحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم الذي يتواجد هذه المرة معهم ويشعرون به وبحبه لهم وللسلطنة الحديثة التي بناها بإصراره على تميزها وجعلها فاعلة في محيطها وفي العالم أجمع لمواصلة دورها التاريخي وإسهامها في بناء عالم من السلام ويشهد به كل العالم.
الحديث إذن عن فرحة غير عادية يعيشها الشعب العماني تميز العيد الوطني السادس والأربعين بالتبكير في الاستعداد له وفي التعبير عن ولائه لقائده الذي أوفى بكل ما وعد به ولم يرفع شعارا إلا ترجمه إلى واقع ،وفتح الباب على مصراعيه لكل عماني ، ذكرا وأنثى ،ليسهم بدوره في البناء والتنمية والتطويرفأوجد دولة يشار إليها بالبنان يفتخر بها كل عماني وكل خليجي وكل عربي بل كل العالم الذي شهد التحول غير العادي الذي عاشته السلطنة في غضون فترة زمنية قصيرة لا تتعدى أربعة عقود ، ويتابع عن كثب مسيرة النهضة العمانية وما تشهده السلطنة من تقدم وازدهار في مختلف المجالات.
كل الذين كتبوا في هذه المناسبة الوطنية المجيدة في السنوات الفائتة أكدوا أن يوم الثامن عشر من نوفمبر "يحمل لكل أبناء عمان معاني ودلالات ومشاعر فيّاضة" وأنه فرصة للتعبير عما تمتلئ به قلوب العمانيين تجاه قائد المسيرة وباني عمان الحديثة وما تمتلئ بهم قلوبهم وعقولهم من مشاعر فياضة تجاه السلطنة ، والكل في هذه المناسبة الوطنية يصف صاحب الجلالة السلطان المعظم بأنه "ربان ماهر لسفينة عمان"، فالسلطان - حفظه الله ورعاه وأبقاه ذخرا وسندا لهذا الشعب ولهذا الوطن -كانت رسالته الأولى والأهم هي "النهوض بهذا الوطن وبأبنائه وتحقيق تطلعاتهم في كل المجالات برغم كل الظروف الإقليمية والدولية التي تحيط بالمنطقة" .
ما يلفت في هذه المناسبة هو أن الشعب العماني لا يستغلها فقط كفرصة للتعبير عن الحب والولاء لصاحب الجلالة لما قدمه للسلطنة ولكن ليؤكد أيضا "استعداده للتضحية بالغالي والنفيس فداءً لوطنه وحماية لمنجزاته وسيرًا خلف قيادة سلطانه لتحقيق الأهداف والأولويات التي يحددها قائد مسيرته" كما ورد في العديد من تقارير الصحف العربية التي تهتم دائما بهذه المناسبة وتعلي من شأنها وشأن صاحب الجلالة المثال الذي أدهش العالم والنموذج الذي يحتذى وتنقش سيرته في سجل التاريخ بأحرف من نور وبمداد الذهب .
الفارق بين احتفالات السلطنة بالعيد الوطني المجيد العام الفائت وهذا العام هو أن القلق الذي كان يشاغب صدور العمانيين وتمتلئ به تراجع كثيرا بعدما رأوا قبل نحو أسبوعين صاحب الجلالة وهو يمارس أنشطته الاعتيادية فيستقبل ويودع ويجتمع بحكام الدول الشقيقة ويتابع بنفسه كل الملفات التي تحملها السلطنة على عاتقها وخصوصا ملف اليمن الذي من الواضح أن السلطنة آلت على نفسها حله نهائيا ، وكذلك ما سمعوه من الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في المقابلة التي أجرتها معه إحدى الصحف السعودية أخيرا وأكد من خلالها كل ما يفرح القلب عن صحة صاحب الجلالة ومتابعته لأحوال السلطنة .
يستعجل العمانيون الاحتفال بالعيد الوطني السادس والأربعين لأنهم يتوقعون بل يعلمون أن صاحب الجلالة سيضع بين يديهم خطة العمل التي إن ساروا عليها وطبقوها بدقة تمكنوا من حفظ وطنهم من كثير من السوء الذي صار يلحق بالدول في المنطقة وصاروا يرون مستقبله رأي العين . يستعجلون ذلك اليوم ليسمعوا من صاحب الجلالة مباشرة الخطط والقرارات التي ستتيح لهم المزيد من المشاركة في صنع القرار وهم يعبرون عباب بحر الأحداث متلاطم الأمواج الذي تمتلئ به المنطقة ويفاجأون بسببها في كل حين بتطورات لا تخطر على البال .
المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة تجعل العمانيين كغيرهم يعيشون حالة قلق لم يعهدوها من قبل خصوصا وأن قيادتهم اختارت منذ القدم طريق الحياد وعدم المشاركة في أي حرب أيا كانت الأسباب وعدم الانحياز إلى أي طرف مهما كان قريبا من النفس أو شريكا في الجغرافيا، وهو طريق السير فيه صعب خصوصا في ظل التطورات المتلاحقة والمجنونة التي تشهدها المنطقة وتتطلب السرعة في اتخاذ القرار .
شهر واحد يفصل العمانيين عن الثامن عشر من نوفمبر يوم احتفال السلطنة بعيدها الوطني المجيد ، لكنه لن يكون شهرا مريحا بالنسبة لهم ، فمن يتشوق لحلول موعد يطول عليه ، ولعل هذا يفسر انشغالهم الذي يتزايد يوما بعد يوم بكل ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر كل وسيلة إعلامية ، ويفسر مشاركاتهم الواسعة والتي يستعجلون بها حلول ذلك اليوم الذي يزدادون فيه التصاقا بقائدهم وقائد مسيرة النهضة المباركة باني عمان الحديثة وعيونها التي يستشرفون بها المستقبل .
• كاتب بحريني