ينبغي علينا أن ندخر

مؤشر الأربعاء ١٩/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
ينبغي علينا أن ندخر

نعلم جميعاً أنه ينبغي علينا أن ندخر، ولكن أين الباعث على ذلك؟ هل تضع الادخار على رأس قائمة "الأمور العسيرة جداً؟" ولكن يمكن أن يكون الادخار أسهل مما تظن، يكمن التحدي في أننا نعيش في عالم لا يوجد فيه تشجيع على الادخار، ولكن في الواقع، نجد أن التشجيع يكون على الإنفاق وليس الادخار؛ فلم يكن استخراج بطاقة ائتمان يسيراً كما هو الآن، كما أن فكرة "احصل عليه الآن ثم ادفع ثمنه فيما بعد" مغرية جداً، وفي بعض الحالات، تكون فكرة عظيمة، ولكن كم عدد الأشخاص الذين تعرفهم والذين ادخروا لشراء منازلهم قبل أن يشتروها؟ عدد قليل جداً من الناس يدخرون لشراء سيارة أو لقضاء إجازة هذه الأيام .. فَلِمَ تكترث لأمر الادخار إذن؟ ومرة أخرى أكرر قولي، إن الأمر مرده إلى الطريقة المعتادة في التفكير، فكلنا نعرف بثقة أننا ينبغي أن ندخر، ونسمع أمثالاً مثل التوفير في اليوم اليسير ينجيك في اليوم العسير ونعجب كثيراً بالمفهوم ولكننا لا نستحسن الفعل، ولكن ضع في ذهنك أن السماء لا تمطر كل يوم.

خطوات بسيطة تجني من ورائها مكافآت عظيمة
مررت في حياتي بثلاث مراحل فيما يتعلق بالادخار، عندما كنت في صغري شجعني والداي على الادخار؛ وعلى الرغم من أنني كنت أتلقى القليل من النقود بعد عيد ميلادي أو المناسبات الدينية إلا أنهم كانوا يشجعونني كي أودع نقودي في حسابي بالجمعية التعاونية للإسكان، ولم يكن مسموحاً لي أبداً أن أضع يدي على دفتر حسابي، وعندما بدأت العمل وعمري ستة عشر عاماً في 1983، أعطاني والداي دفتري ولكم كانت دهشتي عندما اكتشفت أنني ادخرت 1280 جنيهاً في أول ستة عشر عاماً من عمري!
وأغلب الظن أنك ستقرأ ما سبق وتفكر قائلاً: "ما الجدوى من وراء ذلك، فهذا المبلغ ليس بالمبلغ الكبير" .. ولكني تمكنت من شراء سيارة قبل أن أكمل عامي السابع عشر وتعلمت القيادة في سيارتي، ولا أستطيع أن أصف لكم مدى روعة شعوري وأنا أخوض اختبار القيادة في سيارتي الخاصة! وعندما بلغت الثانية والعشرين من عمري، كنت قد أنفقت كل أموالي؛ فقد اشتريت منزلي الأول وأنا أنفق الآن كل ما أمتلكه (وأكثر منه)، وأتذكر أنني كنت أعرف أنه سيأتي علي يوم ينبغي أن أبدأ فيه الادخار من جديد، والحقيقة أنني لم أقم بذلك، فلم أكن أتمتع بضبط النفس الذي يمكنني من ذلك وبدون ضبط النفس ما كنت لأدخر، ولكن على الرغم من ذلك كنت محظوظاً؛ فبعد مرور عامين، تزوجت من فتاة "مدخرة" والتي ساعدتني على أن أستعيد عادة الادخار وفتحت بعض "حسابات الادخار"، ورغم أننا متزوجان ونحتاج إلى المال للقيام بالكثير من مقتضيات الحياة الأسرية، إلا أننا استمررنا في عادة الادخار، فقد ادخرنا المال للإجازات ولشراء السيارات ولتجديدات المنزل؛ وبعد مرور بضع سنوات أدركنا حقيقة مثيرة للاهتمام: رغم معرفتنا بأشخاص يحصلون على دخول مقاربة لدخولنا، والذين كثيراً ما يحصلون على ما يريدون أسرع منا، فإننا الآن بدأنا في تخطيهم في نمط حياتنا وأهدافنا وطموحاتنا.
اكتسب عقلية المدخر
لكي تصبح مدخراً، لابد أن يكون لديك خطة تنفذ على المدى الطويل، والأمر لا يكمن في الغرض الذي توفر من أجله فحسب، وإنما الشعور بأنك قد ادخرت مقداراً من المال ـ يا له من شعور رائع وما إن تقوم بذلك مرتين، سيصبح الادخار طريقتك النمطية في التفكير، ولا تظن أنك يجب أن تربح أكثر حتى تكون قادراً على توفير وادخار المزيد من المال.
وإليك بعض الأفكار تساعدك على الادخار
افتح حساب ادخار على أن تدفع مبلغاً شهرياً يودع في هذا الحساب.
أعد قائمة بأهدافك من وراء الادخار.
تخلَّ عن أمر تقوم به لمجرد أنك اعتدت على ذلك وادخر المال الذي كنت تستهلكه فيه.
اجعل الادخار أمراً ممتعاً عن طريق تخصيص نظام مكافأة تكافئ به نفسك بادخارك (على ألا تكون المكافأة مالية!).
ادخر العملات الصغيرة التي تتبقى معك في نهاية اليوم وضعها في حساب مدخرات كل أسبوع.
انتظر 48 ساعة قبل أن تشتري شيئاً باهظ الثمن أو خارجاً على نطاق المشتريات الأسبوعية المعتاد أن تقوم بها؛ وإن قررت أنك لا تريد هذا الشيء بالفعل فلتدخر المال الذي كنت ستنفقه.
كن مقتصداً فوق العادة! أطفئ الأنوار وقم بإصلاح الأشياء التي تتلف بدلاً من شراء الجديد واستمر على هذا الحال لمدة 90 يوماً وادخر كل مبلغ وفرته، فمن خلال إطفائك للأنوار في الوقت الذي لا تحتاج إليها فيه.
ادخر الأموال التي أتتك فجأة- فأنت لم تكن تتوقعها؛ لذا ضعها جانباً.
استفد من الإيصالات والكوبونات- فبادخارك 10 جنيهات في الأسبوع ستكون مدخراً 520 جنيهاً في حساب مدخراتك.
قارن بين الأسعار قبل أن تشتري: وعندما توفر في ثمن شراء أحد الأشياء أرسل الفائض إلى حساب مدخراتك.

بع بعض الكتب من مكتبتك؛ ولكن لا تتوقف عن شراء الكتب، فهي في حد ذاتها نوع من الاستثمار.
تعلم الطهي وتوقف عن شراء الوجبات الجاهزة، فالطهي المنزلي أكثر فائدة صحياً، كما أنك ستوفر الكثير من المال.
كن رشيداً في قيادتك، وإن كانت سيارتك مزودة بعداد يقيس المسافة مقطوعة لكل جالون من البنزين، ضع أمامك تحدياً أن تكون أكثر توفيراً في الوقود من اليوم الذي يسبقه وليس أسرع.
تجنب دفع نفقات ركن سيارتك، فانطلق مبكراً لعملك واركنها في مكان بعيد عن وسط المدينة واذهب لعملك ماشياً، والأمر في ظاهره التوفير ولكن فكر أيضاً في الفوائد الصحية التي ستعود عليك.
ستساعدك هذه الأفكار كلها على البدء في الادخار ولتعلم أن المبالغ البسيطة تتراكم لتصبح مبالغ كبيرة، ودعني أقدم لك هذا التحدي الذي سأختتم به المقال، ماذا إن قررت أن تدخر مبلغاً مالياً كبيراً؟ ماذا إن قررت أن تدخر 20٪ أو 30٪ أو حتى 50٪ من دخلك؟ سيكون ذلك تحدياً كبيراً لك ولكن تذكر أنك كلما بذلت مجهوداً أكبر في الادخار زاد العائد الذي ستجنيه.
نصيحة رائعة
إن كانت عليك ديون، فابدأ في الادخار قبل أن تدفع كل الدين المستحق عليك، قد تبدو لك هذه الفكرة جنوناً وستدفع المزيد من المال ولكن سيكسبك هذا الأمر عقلية الادخار وهي في غاية الأهمية.
" إن كنت تريد أن تكون ثرياً، عليك التفكير في الادخار كما تفكر في الحصول على المال" . " بنيامين فرانكلين"