مسقط - فريد قمر
كلفة الإيجارات السكنية في مسقط تنخفض، فالصعوبات الاقتصادية التي شهدتها مختلف قطاعات السلطنة وصلت أخيراً إلى القطاع العقاري، ممّا دفع الشركات العقارية إلى اتخاذ إجراءات تفاعلية مع التطورات في السوق، من بينها تخفيض بدل الإيجارات عن الشقق السكنية بنسبة وصلت إلى 20 في المئة، فضلاً عن تقديم عروض لمواجهة التراجع في الطلب كمنح المستأجرين أشهراً مجانية للحؤول دون انخفاض كبير في قيمة العقارات المؤجرة.
وأكد رئيس مجلس إدارة الجمعية العقارية العمانية سعادة محمد بن سالم البوسعيدي تراجع إيجارات الوحدات السكنية في محافظة مسقط، وقال في تصريح خاص لـ «الشبيبة» إن هناك «تراجعاً ملحوظاً في الطلب على الفيلات والمساكن المستقلة، مما أدى إلى تراجع كبير في أسعارها. بينما بقي التراجع على الشقق السكنية محدوداً، خصوصاً أن الأسعار المحددة لتلك الوحدات بقيت ضمن الحدود المقبولة».
وأوضح سعادته أن السبب الرئيس لتراجع الأسعار هو «ضعف الطلب خلال السنتين الأخيرتين، مع انتهاء فترة الانتعاش الاقتصادي التي شهدها القطاع قبل نحو 3 أو 4 سنوات إذ كانت الحكومة تزيد من إنفاقها على المشاريع، وفتحت أبواب التوظيف بشكل واسع أمام الشباب العماني، فضلاً عن توحيد جدول الرواتب، وتحسين الأجور ورفع الحد الأدنى لها ما ساهم في تحسين الدخل وزيادة الإنفاق على المنازل».
وأضاف البوسعيدي: «كل هذه التغييرات، بالإضافة إلى فتح النوافذ الإسلامية في المصارف، أدت إلى زيادة في الاستثمار العقاري، فشهدت السلطنة استثمارات جديدة ومباني متعددة الطوابق، كما استثمر عدد كبير من المواطنين في الفيلات السكنية ما ساهم في زيادة العرض. لكن الظروف الاقتصادية أدت إلى تراجع في مختلف القطاعات ونسب التوظيف فانخفض الطلب وبقي المعروض كبيراً».
وأوضح سعادته «أن الطلب مازال أكبر على الشقق ذات الغرفتين ومن ثم الغرفة الواحدة، بينما الإقبال على الشقق الأكبر ضعيف جداً». وأكد البوسعيدي أن القطاع العقاري يعتمد بشكل كبير على الوافدين، لاسيما أن أعداد الوافدين والمواطنين متقاربة، غير أن عدداً كبيراً من المواطنين يملكون مساكن خاصة، لذلك أثر ضعف توظيف الوافدين على القطاع بشكل سلبي. وأشار البوسعيدي إلى أن الشركات العقارية تتجه نحو خطط تسويقية مبتكرة من بينها عروض ترويجية كمنح أشهر مجانية للمستأجرين للحفاظ على الأسعار، واعتبر أن الخطوة ذكية وإيجابية ويستفيد منها المستأجر والمؤجر على السواء، إذ «يحافظ صاحب العقار على قيمة عقاره ولا يضطر إلى رفع الأسعار عند التجديد في حال تحسنت الأسواق بينما يتمكن المستأجر من الحصول على مسكن بسعر إجمالي مقبول».
ولكن رغم الأزمة، أكد سعادته أن الاستثمار العقاري في السلطنة مازال مربحاً، وله مستقبل واعد، «فالمخاطر قليلة والسلطنة بلد فتي وفيه نسبة كبيرة من الشباب وثمة توجه جاد من الحكومة للتنويع الاقتصادي والاستثمار وإيجاد مصادر دخل».
وأكد أن السلطنة، بالمقارنة مع الدول المجاورة، لديها عائد أعلى على الاستثمار العقاري يصل إلى 10 في المئة، فيما يبلغ متوسط العائد على الاستثمار العقاري في تلك الدول بين 5 و6 في المئة».
وبدوره، قال مدير الوساطة العقارية في شركة «الحبيب وشركاه» علي شهاب أن أسعار الإيجارات في محافظة مسقط انخفضت بين 15 و20 في المئة، وذلك بسبب الفائض في المعروض الذي وصل إلى نسب عالية جداً.
وتابع شارحاً: في محيط جامع «الأمين» في بوشر ثمة 45 مبنى قيد الإنشاء وفي غلا هناك بين 15 و18 مبنى من 8 طبقات ومؤلفة من 50 و54 وحدة سكنية ذات جودة عالية، وفي ولاية مسقط ثمة أكثر من 12 مبنى جديداً من 6 طبقات، هذا بالإضافة إلى المباني الجديدة في العذيبة وسيح المالح، حيث يتم إنشاء مبان على عقارات ضخمة تصل إلى 1400 متر مع نسبة بناء تصل إلى مئة في المئة، وهذا يلخص الصورة العامة على ارتفاع العرض ويدفع بأسعار الإيجارات إلى الانخفاض.
ويوضح شهاب «أن ثمة عوامل كثيرة أدت إلى انخفاض الطلب من بينها تخفيض عدد كبير من الشركات من إنفاقها فأزالت المخصصات التي كانت تعطى للسكن، وتم تسريح عدد كبير من العمال الوافدين الذين يشكلون عصب القطاع».
وكشف أن «الحبيب وشركاه» هي من الشركات التي بدأت تقدم عروضاً خاصة، ومن بينها إعطاء أشهر مجانية لتحقيق نسبة أعلى من الإشغال، معتبراً أن «تخفيض قيمة الإيجار الشهرية تخفّض قيمة العقار الإجمالية، بل إن خفض 25 ريالاً في سعر الإيجار الشهري، يخفّض قيمة المبنى بنحو 200 ألف ريال عماني».
لكنه، في المقابل، أوضح أن الشركة «لجأت إلى تخفيض إيجارات بعض العقود الممددة، للحفاظ على العلاقة الجيدة مع المستأجرين القدامى ومساعدتهم في هذه الأزمة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الإشغال في تلك الشقق».