الهيئة.. وقد بيّنت

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٨/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
الهيئة.. وقد بيّنت

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

لم تكن هيئة تنظيم الاتصالات بحاجة إلى دعم شعبي حتى تبيّن/‏‏ تصدر بياناً بأنها ستتخذ الإجراءات القانونية تجاه الشركات التي تخلّ بشروط التراخيص الممنوحة لها.

ولم تكن الشركات «المرخص» لها تحتاج إلى معرفة وضعها المعنوي لدى المواطن (والمقيم على حد سواء) لتراجع حساباتها، مع أنني لم ألمس أي رد فعل يقول بأنها ستراجع تلك الحسابات، ولديها الرهان على أن حدة الانتقادات قادرة على شراء «صمتها» إعلاميا بقدراتها الإعلانية (وهداياها) فيما أصوات وسائل الإعلام «الاجتماعي» أصبحت أعلى صوتا من أن تخضع لحملات العلاقات العامة.

ولم تكن حالة جودة الاتصالات متراجعة خلال الفترة الفائتة لتقرر الهيئة أنها بصدد إجراء مسح شامل للوقوف على هذه التغطيات وما وصلت إليه من حالة متراجعة، ولا يحتاج رئيس الهيئة أو أي من مسؤوليها سوى المرور على طريق مسقط السريع لتغرق الشبكة في بعض المواقع، ونحن في قلب العاصمة مسقط، ليكتشفوا أن الجودة لا تحتاج إلى «مسح» بل هي ظاهرة للعيان.
ولم تكن الظروف ضاغطة مثلما هي عليه اليوم لتسرّع الهيئة إجراءات طرح المزايدة لدخول المشغل الثالث للهاتف المتنقل، فقد عشنا مرحلة «عمانتل» سنوات طوال كانت وحيدة في السوق كونها «ابنة الحكومة» ومع بدء حالة الفطام عن الرعاية الحكومية دخلت «النورس» والتي استبدلت بشركة أوريدو لاحقاً لتبقى الخطوات بطيئة عندما يتعلق الأمر بخدمة المستهلك، سريعة ووثابة على جدول الأرباح نهاية كل عام.

بمنظور آخر لم يكن المواطن البسيط ليعلن عـــن مقاطعتـــه لخدمة أساسية في حياته لولا أن الكيل طفح به، والهيئة «ما عندها خبر» لتضغط قبل أن تمضي هذه الهبّة الجماهيريـــة إلى حدود أدهشتني، في مدن وقرى، صغارا وكبارا، على تفاوت المستويات المادية والوظيفية والعلمية، لم يكن على لسانهم سوى موضوع المقاطعة، كأنما أدخلت شركتا الاتصالات إلى قاموس الناس هـــذه المفردة «الحساسة» لتكون محور العلاقة القابلة للتداول مع من يدفعون لها ولا تمنحهم ما يجدونه خارج الحدود.

أخيراً رأت الهيئة أنه يفترض مقاربة الأسعار مع دول الجوار، وكأنه لزاماً علينا أن نكون على مقارنة دائمة لنصل إليهم، بينما لا يمكننا أن نسبقهم، خاصة أن العلاقة مع مستهلك يقارن، ولم يعد أمامه ما يمكن إخفاؤه، مستهلك سافر وجرب وعاش ما معنى أن يجد خدمة بيانات سريعة ورخيصة، بينما لدينا تسير على مهل، كأنما تعكس شخصيتنا وهدوء تعاملنا وتفاعلنا مع الأحداث حولنا.

هل ننتظر الحل مع المشغل الثالث؟ أم أن المشغلين «الحاليين» لديهما كلمتيهما لتجسير العلاقة مع المستهلكين الذين استهلكت شركتا الاتصالات جيوبهما، في زمن أصبح فيه الهاتف صديقاً مخلصاً، نكسر به حدّة الملل وكثافة الجهل.
نريد فعلاً.. لا بياناً، كما هي حاجتنا لتطويـــر حزم البيانات قبــل أن يحل علــى رأسنـــا المزيــد مـــن بيانات التوضيح والتفاعل.