54404 عدد النساء العاملات في القطاع الخاص بالسلطنة

مؤشر الاثنين ١٧/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
54404 عدد النساء العاملات  في القطاع الخاص بالسلطنة

مسقط - ش

تمكنت المرأة العمانية منذ بداية النهضة المباركة من المشاركة في بناء وتنمية مجتمعها وممارسة الحقوق التي منحت لها وترجمتها من مجرد نصوص قانونية إلى واقع ملموس, حيث ترسخ وجودها اجتماعيا وثقافيا وسياسيا نتيجة للثقة التي منحها إياها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ واجتهدت المرأة العمانية في الاستفادة من هذه الفرص وفُتحت أمامها أبواب التعليم والعمل فاختلفت صورة المرأة اليوم عنها بالأمس.
وتبرز جهود المرأة في العمل في القطاع الخاص بنفس درجة بروز دورها في القطاع الحكومي حيث تبلغ نسبة النساء العاملات بأجر حتى نهاية أغسطس 2016 (54404) عاملات بنسبة 24% من إجمالي القوى العاملة الوطنية بالقطاع، وتتبوأ المرأة العمانية مواقع قيادية في الدولة والمجتمع، حيث تبلغ نسبة العمانيات في الوظائف الإدارية العليا والوظائف الإشرافية في القطاع الخاص نحو (21.6%) في عام 2015م, وتشير التقارير الإحصائية إلى أن نسبة (35.4%) من إجمالي العاملات العمانيات بأجر في القطاع الخاص حاصلات على مستوى جامعي فأكثر.
وتنفيذاً لتوصيات الندوة الأولى لتشغيل القوى العاملة الوطنية، تم تطوير التشريعات العمالية وتحديثها بما يتواكب مع أوضاع سوق العمل وتطوراته الحالية والمستقبلية وقامت وزارة القوى العاملة بالتعاون مع وزارة الشؤون القانونية لإعداد مسودة مشروع قانون جديد للعمل يكون منسجماً مع معايير العمل العربية والدولية وملماً بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز دور القوى العاملة الوطنية في مسيرة التنمية ونتيجة لذلك صدر في عام 2003م قانون العمل المطبق حالياً بالمرسوم السلطاني رقم (35/2003)، حيث أفرد القانون باباً خاصاً بتشغيل الأحداث والنساء، منها استحقاقها لاجازة خاصة براتب بأجر شامل لتغطية فترة ما قبل وبعد الولادة وذلك لمدة (50) يوما وبما لا يزيد على ثلاث مرات طوال مدة الخدمة لدى صاحب العمل، وبمائة وثلاثين (130) يوما للزوجة المسلمة العاملة في حالة وفاة زوجها.
كما ضمن القانون عدم تشغيل النساء في الفترة ما بين الساعة التاسعة مساء والسادسة صباحا إلا في الأحوال والأعمال والمناسبات التي يصدر بتحديدها قرارا من الوزير، وعدم تشغيلهم في الأعمال الضارة صحيا والشاقة أو غيرها من الأعمال التي تحدد بقرار من الوزير.
أما في مجال التشغيل فمع مساواة القانون وصون حقوقها وتحديد الحد الأدنى للأجر بحيث يحقق لها العيش الكريم مما ساعد المرأة على أن تُقدم على العمل في القطاع الخاص.
ومتابعة للتطورات الحاصلة في معايير العمل العربية والدولية فقد شهد قانون العمل منذ صدوره عام 2003م وحتى الآن إجراء العديد من التعديلات على بعض مواده والتي شملت باب تشغيل النساء كما صدرت العديد من القرارات الوزارية المنظمة لأوضاع سوق العمل بوجه عام وتشغيل النساء بوجه خاص والتي كان من بينها القرار الوزاري رقم (656/2001م) بشأن الأحوال والأعمال والمناسبات التي يجوز تشغيل النساء فيها ليلاً وشروط التشغيل، وقانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (72/91) وتعديلاته عام 2006م حيث تطبق أحكام القانون على نوعين من التأمين وهما التأمين ضد الشيخوخة والعجر والوفاة والتأمين ضد إصابات العمل والأمراض المهنية، وتسري أحكام هذا القانون على جميع العاملين في القطاع الخاص ذكوراً وإناثاً دون تمييز.
أما فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية فقد انضمت السلطنة في الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) في عام 2006، والتي تعمل على تحقيق المساواة بين المرأة والرجل والعمل على توفير قاعدة بيانات حول أوضاع المرأة المختلفة، وإجراء عدد من التعديلات القانونية والتي منحت المرأة مجالاً أوسع للمشاركة في كافة قطاعات المجتمع.
تشغيل المرأة العمانية في القطاع الخاص
أصبحت المرأة العمانية بجانب الرجل في مسيرة التنمية الشاملة بالسلطنة تنفيذاً للتوجه السامي منذ بداية النهضة المباركة في عام 1970م، حيث أولى جلالته اهتمامه الكبير لمشاركة المرأة العمانية في مسيرة التنمية، من خلال توفير فرص التعليم والتدريب والتوظيف لها، وتأسيس مظلة من التشريعات المتكاملة التي تضمن حقوقها وتبين واجباتها، بما يسهم في مشاركتها في شتى المجالات، وجعلها قادرة علي الارتقاء بذاتها وخبراتها.
وإذا كانت الخطط الخمسية الثلاث الأولى ركزت على تشغيل المواطنين في القطاع العام فإن الخطة الخمسية الرابعة (1991 ـ 1995م) شهدت رسم السياسة الخاصة بالتعمين في القطاع الخاص كأحد المحاور الأساسية لسياسات التشغيل بهدف توفير فرص العمل لاستيعاب القوى العاملة الوطنية سواء بتشغيلها في فرص العمل الجديدة الناجمة عن الاستثمارات التنموية والتوسع في النشاط الاقتصادي أو من خلال إحلال القوى العاملة الوطنية محل القوى العاملة الوافدة.
وتُوجت الجهود في هذا الجانب بعقد الندوات الثلاث لتشغيل القوى العاملة الوطنية (2001, 2003, 2005) إلى جانب إنشاء وزارة القوى العاملة عام 2001م بهدف تنظيم سوق العمل الذي شهد اتساعاً في أنشطته المختلفة واستناداً إلى الخطة الخمسية الثامنة (2011 ـ 2015م) والتي تهدف إلى مواصلة العمل من أجل تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني بحفز الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية ومن ثم زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل جديدة خاصة للقوى العاملة الوطنية ذكوراً وإناثاً, فإن وزارة القوى العاملة سعت إلى تمكين المرأة العمانية في القطاع الخاص عبر ثلاث وسائل رئيسية متمثلة في:
ـ التشريعات والقوانين الخاصة بتشغيل المرأة في سوق العمل.
ـ التشغيل في منشآت القطاع الخاص بأنشطته المختلفة.
ـ التعليم التقني والتدريب المهني من خلال الكليات التقنية ومراكز التدريب المهني.
كما تم تدشين نظام الترشيح الإلكتروني بوابة للاتصال الالكتروني المباشر بين المنشآت (أصحاب الأعمال) والمواطنين الباحثين عن عمل، حيث يتم من خلاله عرض فرص العمل الشاغرة في منشآت القطاع الخاص لتمكين الباحثين عن عمل من الاطلاع عليها بهدف ترشيح أنفسهم بشغلها وفقاً للنموذج (رسالة الترشيح) الذي تم إعداده لهذه الغاية وليتم الترشيح بصورة مباشرة لشغل هذه الفرص وذلك دون الحاجة إلى مراجعة الوزارة, وتعمل الوزارة من أجل تطوير آليات البحث عن عمل في البرنامج ليشمل في المرحلة القادمة جميع فئات ومستويات الباحثين عن عمل.
وقد بلغ عدد العمانيات العاملات بأجر في منشآت القطاع الخاص (52878) عاملة حتى نهاية عام 2015م ويشكلن ما نسبته (23.8%) من إجمالي القوى العاملة الوطنية بأجر.
وجاء توزيع العمانيات العاملات بأجر في القطاع الخاص حسب الخصائص الرئيسية على النحو الآتي:
تشير البيانات الإحصائية، إلى أنَّ أكثر من ثلثي العمانيات العاملات بأجر في القطاع الخاص هن ضمن الفئة العمرية (25ـ 39) سنة, وهذا إن دل فإنه يدل على أن هناك إقبالا متزايدا من قبل الفئة الشابة ذكوراً كانوا أو إناثاً للالتحاق بالقطاع الخاص إذا وجدت البيئة المناسبة للعمل.
كما توضح المعطيات أن ما يقارب من نصف العمانيات العاملات بأجر في القطاع الخاص هن بمستوى دبلوم التعليم العام، بينما شكلت الجامعيات ما نسبته (14%) من الإجمالي وهذا مؤشر إيجابي لتقبل المرأة العمانية الجامعية للعمل في منشآت القطاع الخاص.
وتشير المعطيات المتعلقة بتوزيع العمانيات العاملات بأجر بالقطاع الخاص وفقاً لمستوى المهارة إلى أن الغالبية العظمى منهن بمستوى المهارة (الفني) حيث شكلن ما نسبته (62.5%) من الإجمالي, يليه المصنفات بمستوى المهارة الاختصاصي بنسبة (18.9%), في حين كانت نسبتهن في مستوى المهارة الماهر أقل نسبة حتى نهاية عام 2015م بـ(3.8%).
كما تشير البيانات الإحصائية إلى أن ما يقارب من نصف العمانيات العاملات بأجر في القطاع الخاص يعملن في المهن الكتابية, تليها المهن الاختصاصية (14.5%), بينما شكلت مهن الزراعة وتربية الحيوانات والطيور والصيد أقل نسبة بقسم مهن تعمل فيه المرأة العمانية العاملة بأجر وتقدر بـ(0.3%) من الإجمالي، كما أن نسبة العمانيات الشاغلات للمهن القيادية والإشرافية بلغت (4.4%) حتى نهاية عام 2015م.
ويتركز العدد الأكبر من العمانيات العاملات بأجر في القطاع الخاص في محافظة مسقط بنسبة (48.2%) من الإجمالي, ويعود ذلك إلى تمركز المنشآت الخاصة بالمحافظة, في حين سُجل العدد الباقي منهن بالمحافظات الأخرى والتي تصدرتها محافظة شمال وجنوب الباطنة بنسبة (22.7%), تليها محافظة ظفار بنسبة (8.7%) وسُجل أقل عدد لهن في محافظتي مسندم والوسطى بنسبة (0.4%), (0.3%) على التوالي, وهذا أمر طبيعي حسب تباين أعداد المنشآت من محافظة لأخرى.
شهدت بدايات سنوات الخطة الخمسية الثامنة (2011 ـ 2015م) ارتفاعاً في معدل نمو المعينات في منشآت القطاع الخاص بمقدار (10.9%) وتشير البيانات إلى أن نسبة المعينات من الباحثات عن عمل قد ارتفعت من (20.4%) عام 2011م إلى (26.4%) عام 2015م بمختلف القطاعات الاقتصادية في القطاع الخاص وذلك من إجمالي المعينين من الباحثين عن عمل وهو مؤشر إيجابي يدل على استمرارية تقبل المرأة العمانية للعمل في القطاع الخاص.
ويمثل قطاع الإنشاءات أكثر القطاعات الاقتصادية تشغيلاً للمرأة العمانية، حيث بلغت نسبة تعيينها في هذا القطاع (24.5%), يليه قطاع تجارة الجملة والتجزئة بـ(23.3%) وذلك خلال الفترة (2011 ـ 2015م).
التعليم التقني والتدريب المهني للمرأة العمانية
يعد التعليم التقني والتدريب المهني أحد السياسات الاستراتيجية التي تنتهجها السلطنة في مجال التنمية البشرية وخاصة تعزيز دور المرأة في القطاع الخاص، حيث تبذل وزارة القوى العاملة جهوداً مكثفة لتنفيذ التوجيهات السامية بضرورة الاهتمام بقطاع التعليم التقني من أجل استيفاء المتطلبات الآنية والمستقبلية من المعارف والمهارات والتي تتلاءم مع حاجة سوق العمل بقطاعاته المختلفة.
عليه فقد تم خلال سنوات الخطة الخمسية الثامنة (2011 ـ 2015م) قبول عدد أكبر من خريجات دبلوم التعليم العام بالكليات التقنية ومراكز التدريب المهني حيث ارتفع معدل نمو المسجلات بالكليات التقنية ومراكز التدريب المهني بنسبة (12.2%) و(19.9%) على التوالي.
وبلغ العدد لإجمالي للخريجات من الكليات التقنية (2289) خريجة في عام 2015م بمستوى الدبلوم والدبلوم المتقدم والبكالوريوس في تخصصات مختلفة.
كما ساهمت مراكز التدريب المهني بالسلطنة على إعداد الباحثات عن عمل وتأهيلهن بالمستوى المهني المناسب لشغل فرص العمل بمنشآت القطاع الخاص ضمن مختلف الأنشطة الاقتصادية.

------------------------------------------------------
الضوابط الخاصة بتشغيل النساء
تطرق المشرع العماني في الفصل الثاني من الباب الخامس عن القواعد العامة لتشغيل النساء, فالقانون كمبدأ عام يقر بالمساواة التامة في حق العمل بين الجنسين دون تفرقة بينهما وكما أنه من ناحية أخرى فإن جميع أحكام قانون العمل العامة تسري على الطرفين على النحو ذاته بدون تمييز أو تفرقة بينهما, ولكن لا يمكن بأن نقبل بهذا المبدأ على إطلاقه وذلك لكون المرأة العاملة لها ظروف خاصة يجب مراعاتها حيث إن للمرأة دورا اجتماعيا بالإضافة إلى عملها داخل المنشأة وكما أن طبيعة المرأة البدنية تختلف عن الرجل.
فالمشرع عندما وضع قانون العمل راعى فيه جميع هذه الجوانب سواءً أكانت من الناحية الاجتماعية أو من حيث الطبيعة البدنية للمرأة, فهناك عدة مواد قانونية قد ذكرت ذلك:
أولاً: مراعاة الجانب الاجتماعي للمرأة العاملة:
1 – عدم جواز تشغيل المرأة فيما بين الساعة التاسعة مساءً والسادسة صباحاً إلا في الأحوال والمناسبات التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير( المادة 81) .
2 – منح المرأة العاملة إجازة خاصة لتغطية فترة ما قبل وبعد الولادة وذلك لمدة 50 يوما براتب شامل وبما لا يزيد على ثلاث مرات طوال مدة الخدمة لدى صاحب العمل (المادة 83).
3 – عدم جواز فصل العاملة لغيابها بسبب مرض يثبت بشهادة طبية أنه نتيجة الحمل أو الوضع (المادة 84).
ثانياً: مراعاة الطبيعة البدنية للمرأة العاملة:
فقد ذكر المشرع في المادة (82) بأنه لا يجوز تشغيل النساء في الأعمال الضارة صحياً وكذلك في الأعمال الشاقة أو غيرها من الأعمال التي تحدد بقرار من الوزير, وسبب هذا الحظر يعود إلى إعتبارات عدم قدرة المرأة بطبيعتها على تحمل المشاق بذات القدر الذي يتحمله الرجل, وكما أن بعض الأعمال والمهن تكون ضارة بالصحة بالنسبة للمرأة الحامل وربما قد يمتد هذا الضرر إلى جنينها.
وكما أن المشرع قد ألزم صاحب العمل بوضع نسخة من نظام تشغيل النساء في مكان العمل وهذا ما نصت عليه المادة (85) من قانون العمل.
أحمد بن سلام بن حميد التوبي
باحث قانوني بالمديرية العامة للقوى العاملة بالداخلية