هلت بشائر النهضة والفخر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٧/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
هلت بشائر النهضة والفخر

ناصر اليحمدي

بدأت تتزين السلطنة كعروس بهية لتستقبل يوما شامخا يمثل لها العزة والفخر والكرامة وذلك مع هبوب نسائم العيد الوطني الذي ينتظره كل عماني على أحر من الجمر ليستحضر فيه ذلك الشعور المفعم بالولاء والانتماء والإحساس العميق بقيمة الأرض الطيبة التي تضمه وتحتضنه كأم رءوم كل همها سعادة وراحة أبنائها.
عندما بدأت أشعة فجر نهضتنا المباركة في التسلل في هذا اليوم التاريخي لتبدد الظلام وتأخذ بيد الشعب الوفي إلى مدارج التطور والحداثة كانت البداية مع رؤية وضعها باني النهضة الشامخة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.. فقد رسم الطريق ووضع الأعمدة التي تبنى عليها دولتنا الحديثة واستشرف بحكمته ورؤيته الثاقبة المتغيرات التي قد تطرأ وتؤثر على مسيرة التنمية داخليا وخارجيا .. فاستطاعت سفينة التطور أن تشق طريقها متحدية كل الصعاب حتى ارتفع البناء وكسى بساط التنمية كل شبر في البلاد وتحقق لها ما تصبو إليه من تنمية ورخاء وحصدت الحياة الآمنة المطمئنة والرقي.
إن الشعب العماني بأسره يقدر الجهد المضني والتضحيات العظيمة التي بذلها حضرة صاحب الجلالة أيده الله كي يصل بالبلاد لهذا المستوى من العصرية والاستقرار والأمان .. فقد استطاع بحكمته المعهودة ودبلوماسيته التي يشهد لها القاصي والداني ونظرته الثاقبة للأمور وإرادته الحديدية وعزيمته القوية أن يحقق الإنجازات تلو الأخرى ويصل بالبلاد إلى المعالي ويرسم صورة مشرفة بمعنى الكلمة للفكر الاستراتيجي السديد.
لاشك أن ما تحقق من إنجازات خلال الست وأربعين سنة الفائتة تعد في حد ذاتها إنجازا وبكل المقاييس .. فمن يلتفت يمينا ويسارا ويشاهد ما تعانيه أمتنا العربية شرقا وغربا شمالا وجنوبا من اضطرابات يشعر بقيمة ما تنعم به بلادنا من أمن وأمان واستقرار ورخاء أدامها الله نعما وحفظ بلادنا من كل شر .. ولكن هذه النعم الجليلة الفضل فيها بعد الله سبحانه وتعالى يعود للفكر الثاقب لحضرة صاحب الجلالة أبقاه الله .. فقد وضع الأسس التي يجب أن يسير عليها الشعب الوفي سواء في تنفيذ مشاريع التنمية التي حققت هذه النهضة العظيمة أو حتى التعامل مع بعضهم البعض حيث لم يسمح لبذور الفتنة اللعينة أن تدب في أوصال مجتمعنا وأنشأه على المحبة والمودة والتسامح والتعايش الإنساني الراقي القائم على احترام الآخر والتعاون والتراحم.
لقد حرصت قيادتنا الحكيمة على بناء دولة مؤسسات قوية ركائزها العدل والمساواة واحترام الآخر وتقوية أواصر المواطنة التي تزيد من تماسك المجتمع .. كما حرص جلالته حفظه الله ورعاه أن ينعم بمظاهر النهضة كل فرد في البلاد وقام بالتأكد من ذلك شخصيا عن طريق جولات الخير التي كان يلتقي من خلالها بالمواطنين في كافة أرجاء البلاد ليطمئن منهم على أحوال النهضة ويناقش معهم كل ما يحقق لهم العيش الكريم ليضرب بذلك المثل والقدوة في القيادة العادلة التي تتخذ من الشورى منهاجا وتهتم بمشاركة المواطن في تنمية دولته .. ولعل هذا النهج الحكيم ساهم على تحقيق قفزات لبلادنا في طريق النهضة واختصر سنوات تتكبدها الدول في البحث عن كل ما يحقق لشعوبها التنمية المطلوبة.
من يتأمل مسيرتنا النهضوية يجد أنها لم تهتم بجانب على حساب الآخر وأنها راعت أن تشمل التنمية كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والصحية والعمرانية والرياضية والبيئية وغيرها .. فهي لم ترفع في يوم من الأيام شعارات زائفة بل سعت بجد وإخلاص وراء العمل والإنتاج وبناء الوطن وعملت على تنمية الموارد الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل بجانب النفط وحرصت على أن يتمتع الإنسان بحقه في التعليم والصحة الجيدة والبيئة النظيفة والنقل الآمن والحصول على كافة الحقوق القانونية وغيرها من المزايا التي وفرت له العيش الكريم والرخاء والأمان.. لتضرب بذلك المثل في تنمية المواطن بالتوازي مع تنمية الوطن.
لقد فتحت السلطنة في يوم ميلاد النهضة المباركة صفحة ناصعة جديدة ملأتها بالعمل والجد والاجتهاد حتى نجحت بكل اقتدار في وضع اسمها في مصاف الدول الناهضة التي تعد نموذجا يحتذى
ونحن نستقبل عاما جديدا من النهضة لا نملك إلا أن نقف إجلالا وإكبارا لقائدنا المفدى حضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه وتقديم كل آيات الثناء والشكر على ما بذله من جهد في سبيل تحقيق الرفاهية والرخاء للشعب الوفي .. ونجدد الولاء والعهد للوطن الغالي والسلطان المعظم على تقديم الغالي والنفيس فداء للأرض الطيبة والاستمرار قدر المستطاع في بذل الجهد والعرق من أجل رفع شأن الوطن عاليا والحفاظ على المنجزات والمضي قدما في طريق الرقي الذي يسمو ببلادنا ويرفع رايتها خفاقة عالية.

* * *
الحرب في سوريا متعددة الأوجه
الحرب الطاحنة في سوريا أصبحت متعددة الأوجه ولم يعد يعرف أي منا ما هي الأطراف المتصارعة بالضبط .. فمن ناحية هناك حرب ضروس بين النظام السوري والمعارضة وما تبعها من ظهور التنظيمات الإرهابية التي تبحث عن صيدها في الماء العكر وتضرب النظام والمعارضة معا .. ومن ناحية ثانية نجد حربا بالوكالة بين روسيا وأمريكا لفرض الزعامة على المنطقة وزرع مسمار جحا الذي يتيح لها فرض الهيمنة والتحكم في مقدرات الشرق الأوسط فتارة تكون هذه الحرب بالمعدات العسكرية وتارة أخرى بتبادل الاتهامات .. ومن ناحية أخرى ظهرت حرب مشاريع القرارات الدولية مثل مشروع القرار الفرنسي بشأن الأوضاع في مدينة حلب السورية الذي أجهضه مؤخرا المشروع الروسي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باستخدام حق النقض الفيتو والذي تستخدمه روسيا للمرة الخامسة فيما يتعلق بهذه الأزمة
للأسف الشعب السوري هو الوحيد الذي يدفع ثمن كل هذه الحروب لأن كل طرف وهو يخوض حربه يبحث عن مصلحته الشخصية فقط ولا يلتفت لمطالب وتطلعات الشعب المسكين ومصلحة البلاد العليا .. فأي من الحلول التي يقدمها كل طرف لم تسع للم شمل الفرقاء وتقريب وجهات النظر بما يعيد الاستقرار للبلاد.
لاشك أن جميع الأطراف التي تعبث في الأراضي السورية مسئولة مسئولية كاملة عما يحدث من مآسي إنسانية يندى لها الجبين فحتى المساعدات الإنسانية لا تصل للشعب المنكوب .. لذلك يجب أن تتحمل هذه الدول مسئوليتها وتترك الشعب السوري وشأنه يدبر أموره كيفما يتراءى له.
يجب أن يخجل المجتمع الدولي من فشله حتى الآن في التوصل لحل ينهي هذا الصراع الدامي وينقذ الشعب السوري من المجازر التي يتعرض لها من كافة الجبهات .. فينبغي على دول العالم "المتقدم" التوقف عن المزايدات السياسية التي تمارسها في المحافل الدولية وتجاهد من أجل التوصل لحل شامل وعادل وحاسم يحقق مصلحة السوريين جميعهم.
إذا كانت روسيا وأمريكا تريدان أن تمارسا الحرب الباردة فليكن ذلك على أراضيهما أما طبول الحرب التي تقرع في سوريا بصفة دائمة فهي ضد مصلحة سوريا والمنطقة بأسرها.
لاشك أن الأزمة السورية تحتاج إلى تدخل فوري وحاسم خاصة بعد تزايد جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي تجوب المدن السورية الواحدة تلو الأخرى .. وعلى المنظمات الدولية التحرر من تحكم القوى العظمى والنهوض بمسئوليتها والقيام بواجبها الذي أنشئت من أجله حتى يتحقق العدل والحق في الأرض.

* * *
آخر كلام
من أقوال المفكر الراحل مصطفى محمود : "القشة في البحر يحركها التيار والغصن على الشجرة تحركه الريح والإنسان وحده.. هو الذي تحركه الإرادة.