موسكو – ش – وكالات
اعتبر الرئيس السورى بشار الأسد أن التصعيد الأخير فى سوريا والذى جاء فى ظل مشاركة لاعبين خارجيين، بينها روسيا وأمريكا، يمثل مرحلة من مراحل حرب «أكثر من حرب باردة وأقل من حرب فعلية» . ونقلت قناة (روسيا اليوم) عن الأسد قوله فى مقابلة مع صحيفة (كومسومولسكايا برافدا) الروسية- «إن ما نشهده الآن، ما شهدناه خلال الأسابيع، وربما الأشهر القليلة الماضية، هو أكثر من حرب باردة وأقل من حرب فعلية، لا أعرف كيف أسميها، لكنها ليست شيئاً ظهر مؤخراً وحسب لأنى لا أعتقد أن الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة أوقف حربه الباردة حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي».
وأضاف أن سوريا تمثل إحدى هذه المراحل المهمة فى هذه الحرب التى ليس لها اسم، معتبرا أن القضية برمتها تتعلق بالمحافظة على الهيمنة الأمريكية على العالم وعدم السماح لأى كان بأن يكون شريكاً على الساحة السياسية أو الدولية سواء كان روسيا أو حتى أحد حلفاء أمريكا الغربيين. وأشار إلى أن جوهر القضية السورية هو الإرهاب، مضيفا أنه بصرف النظر عمن يتدخل فى سوريا الآن فإن الأمر الأكثر أهمية هو، من يدعم الإرهابيين بشكل يومى وعلى مدار الساعة، هذه هى القضية الرئيسية، إذا تمكنا من حلها فإن هذه الصورة المعقدة التى وصفتها لن تكون مشكلة كبيرة وبوسعنا حلها .
موسكو – باريس
في نفس السياق يواجه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند انتقادات شديدة من ساسة يمينيين ويساريين على حد سواء لتعامله مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما يخص الأزمة السورية وانتقد البعض تعجل «حرب باردة» ضد شريك أوروبي مهم.
وتصاعد غضب المسؤولين الفرنسيين من هجمات القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة بمدينة حلب.
وتأزم الموقف هذا الأسبوع حين قرر هولاند ألا يقيم استقبالا رسميا لبوتين خلال زيارة مقررة لباريس بل وطلب أن تقتصر الزيارة على محادثات بشأن سوريا التي قال إن موسكو ترتكب فيها جرائم حرب.
ورفض بوتين هذه الشروط وألغى الزيارة مما دفع خصوم هولاند الذين يتطلعون لانتخابات الرئاسة التي تجري العام القادم للخروج عن التوافق الحزبي الفرنسي المألوف فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وقال الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي يأمل الفوز بترشيح حزب الجمهوريين لانتخابات الرئاسة التي تجري في أبريل «من واجب فرنسا وأوروبا أن تتحاور روسيا وفرنسا وأوروبا. أختلف مع بوتين في أمور ولكن كيف تجد حلا إذا لم تتحاور؟»
ومضى قائلا «كيف تحل أزمة من خلال التصريحات وتجاهل بعضكم البعض أو خوض حرب باردة جديدة؟ هذا تصرف غير مسؤول.»
وقارن ساركوزي تصرفات الرئيس الحالي بسجله الشخصي حين تفاوض مع بوتين بشأن حل سلمي للأزمة في جورجيا.
ويتناقض موقف اليمين الفرنسي من عناد الاشتراكي هولاند بشدة مع موقف بريطانيا حيث دعت الحكومة اليمينية هذا الأسبوع إلى نهج أكثر صرامة مع موسكو في ضوء القصف اليومي لحلب.
جاذبية بوتين
قد تكون هذه مجرد دعاية انتخابية. لكن في داخل مؤسسة السياسة الخارجية الفرنسية يتهم بعض الدبلوماسيين والساسة هولاند بتطبيق أجندة تنتمي لتيار المحافظين الجدد وهو ما يضعف أوروبا بكاملها.
وهم يتهمون القيادة الفرنسية بتنفيذ ما تمليه عليها الولايات المتحدة في حقبة انسحبت فيها واشنطن من المغامرات خارجها. ويحنون لأيام الرئيس شارل دي جول الذي قرر سحب فرنسا من القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلسي عام 1966 تأكيدا لسيادة واستقلالية باريس.
ووجد نهجهم قبولا بين ناخبين يزدادون ميلا للانعزالية والشعبوية بعد أن صدمتهم هجمات نفذها إسلاميون متشددون على الأراضي الفرنسية بالإضافة إلى أزمة اللاجئين.
وفي حين أن السياسة الخارجية لا يكون لها عادة تأثير كبير على الجدل المحيط بالانتخابات فإن الأزمة السورية وأثرها على العلاقات بين فرنسا وروسيا حالة خاصة.
وقال جان لوك ميلونشون المرشح للرئاسة المنتمي لأقصى اليسار «أسلوب فرانسوا هولاند لا يحتمل. نحن منحازون تماما للولايات المتحدة. نحن نسبق الأحداث وهذا الأسلوب ليس في مصلحة فرنسا.» ووصف اتهامات هولاند لروسيا بارتكاب جرائم حرب في سوريا بأنها تندرج تحت «القيل والقال».
كما يتمتع بوتين بجاذبية بين الفرنسيين الذين يعتقدون أنه يجسد ثقلا يقف في وجه واشنطن وأيضا في ظل المناخ الحالي يمثل قبضة حديدية في المعركة ضد الإرهابيين . وأظهر استطلاع أجراه معهد ايفوب بعد أن بدأت روسيا تنفيذ الضربات الجوية في سوريا في سبتمبر الماضي أن 25 في المئة من الفرنسيين ينظرون لبوتين نظرة إيجابية.
وارتفع هذا الرقم إلى 37 في المئة بين مؤيدي حزب الجبهة الوطنية المنتمي لأقصى اليمين والمتوقع أن تصل زعيمته مارين لوبان إلى المرحلة النهائية من انتخابات الرئاسة.
وكانت قد عبرت عن إعجابها ببوتين وقالت إنها تعتقد أن على فرنسا أن تسعى للتحالف معه ومع الحكومة السورية لمحاربة الإسلاميين المتشددين.
وقال مدير حملتها الانتخابية دافيد راشلين «دور فرنسا هو الدبلوماسية وهذا يعني الحديث إلى كل القوى والدول وأن يكون صوتنا مسموعا.»
وأضاف «دعونا لا ننسى أن السيد بوتين هو الذي يحارب داعش على الأرض وبالتالي يجب أن تكون لدينا اتصالات بهؤلاء الناس.»
بوتين يرد
قالت صحيفة «20 مينيت»، إن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين علق على اتهامات نظيره الفرنسى فرنسوا هولاند له بكونه يرتكب جرائم حرب ضد المدنيين فى حلب السورية فى قناة «تى اف 1» الفرنسية، حيث قال، كل ما يتناوله هولاند غير مثير للاهتمام فهو عارى عن الصحة، حيث إن حلب هى جزء من شمال مدينة كبيرة يسيطر عليها المتمردون والجماعات الإرهابية وتتعرض لأعمال عنف حقيقة تتسبب فى مقتل المدنيين.
وأكد بوتين فى كلمته، أننا لن نتوقف عن ضرب الجماعات الإرهابية وهى الهدف الصريح لنا، ولن نصب مدنيين ولكننا نوجه ضرباتنا على جبهة آل نصرة الإرهابية التى تعد من أهم فروع تنظيم القاعدة، وهى إحدى المنظمات المدرجة على قوائم الإرهاب من قبل الأمم المتحدة».
وكان الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند أن بلاده على خلاف عميق مع روسيا حول سوريا، وأن الفيتو الروسى حال دون وقف عمليات القصف (فى حلب) وإعلان الهدنة.