محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com
لست مع شركات الاتصالات، ولكني أيضا لست ضدها، وحينما قيل بالمقاطعة لشركتي الاتصالات المعروفتين في عمان (عمانتيل وأوريدو) أيدت ذلك بقوة مع أنني لم أقاطع، لسبب بسيط، وهو أنه لا جدوى من فعلي إذ الباقة التي اشتركت فيها تلزمني بالدفع، وبحكم الخبرة أجد نفسي أنني كلما طلبت باقة أستطيع التوفير منها ترتفع فاتورتي أكثر.
ما يحيرني أن شركتي الاتصالات في بلادنا لم يرفّ لهما جفن، رغم تلك الحملة عليهما، كما أن هيئة الاتصالات وقفت موقفا متفرجا، كأنها الشريك الأساسي فيما يتذمر الناس منه، تريد أن تقف مع الجمهور، ولكنها تفكر أكثر في مسألــة الإتاوة التي تنالها، فإن تراجعت أرباح الشركتين تراجع معها مبلغ الإتاوة. ولعلي لا أبالغ في هذا الاستنتاج!
لماذا لم تبد الشركتان أي اهتمام بحملة المقاطعة؟
أكاد أرى أنهما إما:
أولا: أنه لن يفت في عضدهما أية خسائر، وهي من باب التوهم لدى الجمهور لا أكثر، فلا خسارة هناك في الأصل.. وهم يجيدون لعبة حساب الأرباح فقط، وسنرى آخر العام كيف أن العوائد ستزداد، علما أن شركة عمانتل «على سبيل المثال» عائدة للحكومة والمساهمين، بمعنى آخر أن الجمعية العمومية تستطيع أن تضغط لتحسين الخدمات، لكن يبدو أن الربح يسيل اللعاب، وطالما أنه يكبر فلماذا نحاسب مجلس الإدارة، هذا الصامد رغم أنف.. الناس؟!
وثانيا: أن حديثهما يعدّ من باب الاعتراف بسوء الخدمات، ولذلك فإن الصمت أوجب، والعاصفة ستمر حتما، وتعويض ساعتين من الاتصالات اليومية مقابل 22 ساعة أخرى على مدار اليوم ليس بذلك الثقل الذي لا يمكن تحمل ضغطه، وسيعود المضطرون إليهما، شاؤوا أو أبوا.
وثالثا: أن ثقتيهما في نفسيهما كبيرة، وبديهي أن لا يعجب الجمهور من يجعله يدفع المال إليه.. و»يا جبل ما يهزك ريح»، فلماذا النظر إلى هذه الدعايات التي تتصاعد أحيانا في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي كالزبد سيذهب إلى البحر، وأما ما ينفعهما فسيمكث في الحسابات البنكية، وقادر أن يقنع «المنتفعين» منها حيث أرقام الحسابات المدققة «أصدق أنباء» من كل ما يقال على مواقع العالم الافتراضي.
ورابعا.. وهو الأهم عندي: أنهما لا يريدان الكلام (وفيه اتهامات) لأن «كل الكلام» يوجد في هيئة تنظيم الاتصالات، هذه التي أسمع أنها تعترض على العروض الترويجية (أحيانا) من باب حفظ حق المنافسة، وعدم الدخول في حرب أسعار، مهما بدت لصالح الجمهور فإنها تضر بمستوى الاتصالات والاستثمارات فيها، بما يعيق نموها.
أعود إلى السطر الأول، فلست مع أو ضد، لكني أؤكد أنني مع الجمهور حتى ومطالباته تبدو عاطفية أحيانا، لكن هل حقا خدمات الاتصالات في بلادنا هي الأسوأ والأغلى؟ الهيئة أشارت إلى ما يشبه ذلك إن لم تخنّي الذاكرة، لكن من يحاسب؟ أو يجرؤ في وسائل الإعلام على رفع الصوت بينما بقيت شركات الاتصالات، ضمن النزر اليسير، من يمدّ المؤسسات ببعض من (نفط) الإعلانات، وقد تراجع مع أسعار النفط... كثيراً؟!