خطابات ترامب تفسد حملة 2016

الحدث الخميس ١٣/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:١٠ ص
خطابات ترامب تفسد حملة 2016

واشنطن - - وكالات

بعض الساسة الأمريكيين ليسوا غرباء عن الفضائح الجنسية والنقاش السياسي ذي المستوى المتدني أحيانا، لكن الحملة الرئاسية للعام 2016 تشهد للمرة الأولى انزلاق مستوى الخطاب السياسي إلى الحضيض، مع كم كبير من الفظاظة بشكل علني.

ويجمع العديـــد من الخبراء على أن هذه الحملة الرئاسيـــة لا تشبه أي حملة قبلها، فقد شهدت اتهامات عنصرية ومهينة للنساء ومعادية للأجانب وأعمال عنف جســـدي، بالإضافة إلـــى بروز نظريات عدة بوجــــود مؤامرة ومواقف جديرة بحكم دكتاتوري.

وخلال مناظرة متلفزة للحزب الجمهوري تناول النقاش قضايا جنسية بشكل سطحي وبذيء. وألمح المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى أنه قادر على قتل شخص في الشارع دون أن يخسر أي صوت. لكن مستوى البذاءة ارتفع مجددا بعد نشر تسجيل فيديو الجمعة يعود إلى العام 2005، استخدم ترامب كلمات وألفاظا بذيئة، احتوت على مضامين تفيد بتحرشه بالنساء. ولم يكن يعلم أن الميكروفون مفتوح.

ويقول المؤرخ الآن ليتشمان الأستاذ في الجامعة الأمريكية في واشنطن أن ترامب هو المحرض الرئيسي على هذا المستوى المتدني. ويضيف أنه «مرشح بلغ مستوى تاريخيا من السلبية».

ويوضح تعليقا على الفيديو، «لم أر شيئا كهذا من قبل». ويتابع أن المستوى «لم ينحدر إلى الحضيض» خلال الحملتين السابقتين، مع أن التهجم العنصري على الرئيس باراك أوباما كان أكثر خساسة.
ويعتبر ترامب ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون المرشحين الأقل شعبية في التاريخ الحديث للولايات المتحدة.
ومن المآخذ على كلينتون استخدامها ملقما خاصا لبريدها الإلكتروني عندما كانت وزيرة للخارجية، وتعرض القنصلية الأمريكية في بنغازي الليبية عام 2012 لاعتداء حين كانت وزيرة للخارجية ومقتل السفير، وموقفها المتسامح إزاء مغامرات زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
وخلال الحملة الرئاسية في العام 1804، نشأ جدل حول ما إذا الرئيس توماس جيفرسون أنجب أطفالا مع عبدة لديه.

بعدها، توالت الفضائح الجنسية مع الرؤساء غروفر كليفلاند وورن هاردينغ وجون كينيدي. في العام 1987، التقطت صور للمرشح الديمقراطي غاري هارت مع شابة على متن يخت «مونكي بيزنس»، وباتت الحملة الرئاسية محط تركيز صحف الفضائح.

لكن العام 2016 شهد أفعالا غير مسبوقة. فقبل بضع دقائق على المناظرة الرئاسية الثانية الأحد، دعا ترامب إلى مؤتمر صحفي عاجل مع ثلاث نساء اتهمن بيل كلينتون بالاعتداء عليهن جنسيا، ورابعة أكدت أن هيلاري ساعدت زوجها على الإفلات من العقاب عندما كانت محامية شابة.

وفي تطور غير مسبوق، أعلن الرئيس الجمهوري لمجلس النواب الأمريكي بول رايان أنه لن يدافع عن ترامب و»لن يشارك» في الحملة لدعمه، خشية ألا يخسر فقط الحملة الرئاسية بل أيضا السيطرة على الكونجرس.

ويكتب الصحفي في صحيفة «واشنطن بوست» ريتشارد كوهن «باتت لدينا مناعة ضد كل هذا.. الكذب، التعريف المتقلب للجنس والبذاءة.. وزوال الحدود بين ما هو خاص وما هو عام».

ويعتبر الأستاذ في كلية الأعلام في جامعة كارولاينا الشمالية فيريل غيلوري أن المعطيات تغيرت لأن النقاش السياسي بات يتم أيضا على الإنترنت.
فالهجمات والهجمات المضادة تتم الآن في الوقت الحقيقي ويشاهدها مئات وحتى ملايين الناس. ويتابع غيلوري أنه لم يعد هناك أي مراعاة للقوانين الضمنية المعتمدة في النقاش السياسي، في إشارة إلى تهديد ترامب لكلينتون بأنه سيزجها في السجن في حال انتخابه رئيسا.
وفي تجمع انتخابي في فبراير، لم يتردد ترامب في تهديد متظاهر أزعجه بأنه «سيحطم وجهه». وقبلها تحدث عن الدورة الشهرية لمقدمة تلفزيونية وشن هجوما على ملكة جمال سابقة للكون مشبها إياها بشخصية الخنزيرة «مس بيغي» في مسرح الدمى، بسبب اكتسابها وزنا.

وردا على سؤال عما إذا كانت الحملات الرئاسيـــة المقبلــــة ستكون بهذا المستوى من الانحطاط، يقول ليتشمان إن الاقتراع الرئاسي في الثامن من نوفمبر سيكون حاسما.

ويختم «إذا خسر ترامب بفارق كبير على الأرجح أن هذا النمط لن يتكرر.. لكن إذا فاز أو خسر بفارق ضئيل فإنه سيكون وضع نموذجا جديدا للسياسة الأمريكية».

رغم تصريحهُ بأنه لن يخسر صوتا واحدا حتى لو قتل أي شخص في الشارع، فإن المرشح دونالد ترامب بدأ يخسر داعميه حتى انقلب حلفاؤه في الحزب الجمهوري إلى خصوم، خصوصاً بعدما أثار التسجيل الصوتي المنسوب إلى ترامب فوضى عارمة وموجة استنكار وإدانات من قبل قيادات الحزب الجمهوري، لما تضمنهُ الشريط من إيحاءات بالتحرش الجنسي وسلوك مهين تجاه النساء من قِبل ترامب.

وضريبة هذا التسجيل، أن بدأت قيادات بارزة في الحزب الجمهوري التراجع عن تأييده، ومنهم كوندوليزا رايس المستشارة السابقة للأمن القومي، وكل من جون ماكين وميت رومني آخر مرشحين للرئاسة قبل ترامب عامي 2008 و2012 على التوالي.

وحتى الآن، قال أكثر من 160 قياديا بالحزب الجمهوري إنهم لن يصوتوا لترامب، وتشمل هـــذه اللائحة وزراء سابقين وحكام ولايات ومشرعين بمجلسي الشيــــوخ والنواب، كما تشير التوقعات إلى انضمام أعضاء جدد للقائمة.

ووصلت حالة الفوضى والتخبط لدى الجمهوريين إلى حد المطالبة بانسحابه من السباق الرئاسي، الأمر الذي رفضه ترامب مؤكدا استحالة حدوثه -في تغريدة على تويتر أبدى فيها عدم رغبته بالانسحاب- لا بل اتهم نجوم الحزب الجمهوري الذين تنصلوا منه بالخونة.
ومن جملة الخسارات، تصريح بول رايان رئيس مجلس النواب ذي الأغلبية الجمهورية الذي اعتبر أكبر صفعة في وجه ترامب خلال حملته الانتخابية، حيث أعلن أنه لن يدافع عن ترامب ولن يرافقه إلى محطات حملته الانتخابية.

قيادات جمهورية تنقلب على ترامب