داعش يحصن الموصل بالألغام

الحدث الخميس ١٣/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
داعش يحصن الموصل بالألغام

أربيل – بغداد – ش – وكالات

قال مسؤولون عراقيون وأمريكيون إن مقاتلي تنظيم داعش نشروا الشراك الخداعية في مختلف أنحاء مدينة الموصل، وحصنوها بالألغام الأرضية، وقاموا بحفر خنادق وجندوا الأطفال لأداء أدوار الجواسيس تحسبا لهجوم مرتقب لإخراج المتطرفين من معقلهم في العراق.

المعركة المنتظرة
والموصل التي يبلغ عدد سكانها ما يصل إلى 1.5 مليون نسمة هي مقر لخلافة التنظيم في شمال العراق منذ عام 2014 ويجري المقاتلون استعدادات مكثفة لصد قوات الأمن العراقية التي يدعمها تحالف تقوده الولايات المتحدة ومنعه من استعادة المدينة.
وستساهم تلك المعركة المنتظر أن تبدأ هذا الشهر في تشكيل مستقبل العراق وما سيخلفه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من إنجازات.
وحتى إذا تم إخراج التنظيم من الموصل فثمة خطر حقيقي أن ينشب صراع طائفي خاصة إذا كانت الخسائر البشرية في صفوف المدنيين كبيرة في المدينة التي يغلب عليها السنة ويتوجس سكانها من الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة ومن الفصائل الشيعية التي تعتمد عليها.
وقال أربعة من سكان المدينة في مكالمات هاتفية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي إن المتطرفين الذين اجتاحوا الموصل دون مقاومة قبل عامين قاموا بتلغيم جسورها الخمسة بالمتفجرات وأعدوا سيارات ملغومة ومهاجمين انتحاريين وكثفوا عمليات الرصد والمراقبة.
وقال هوشيار زيباري الذي كان وزيرا للمالية وقبلها وزيرا للخارجية إن المتطرفين "يتحصنون للقتال من أجل الموصل. وهم أكثر حذرا وقد حلقوا لحاهم للاختلاط بالسكان وينقلون مقارهم الرئيسية باستمرار."
وقال زبياري أحد كبار أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني والمطلع على الاستخبارات الخاصة بتحركات رجال داعش في الموصل وكذلك الكولونيل جون دوريان المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إن التنظيم يعمد إلى نقل رجاله وعتاده عبر أنفاق تحت الأرض.
وقال دوريان "ترى مقاتلا يدخل من مكان ويخرج من مكان آخر. وهذه المداخل مكشوفة على الدوام وهي هدف له الأولوية."

تحصينات خرسانية
وأضاف أن مقاتلي تنظيم داعش أقاموا تحصينات خرسانية ويستخدمون الكتل الخرسانية في إقامة جدران لسد المداخل أمام القوة المهاجمة. وقال سكان في الموصل إن المتشددين حفروا خندقا عرضه متران وعمقه متران حول المدينة لملئه بالنفط المشتعل لزيادة صعوبة توجيه الضربات الجوية.
وقد أبدت منظمات الإغاثة قلقها بسبب إمكانية سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين خلال القتال. وقالت ليز جراندي منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العراق إنه من المتوقع أن يفر 200 ألف من سكان المدينة خلال الأسبوعين الأولين من الاشتباكات.
ولم تستطع رويترز التحقق مباشرة من صحة التقارير عن الاستعدادات القتالية لداعش. ويقوم هذا التقرير على مقابلات مع مسؤولين أمريكيين وعراقيين من أمثال زيباري ودوريان وعلى مكالمات هاتفية مع مدنيين يعيشون في الموصل.
ويعد الهجوم المرتقب جزءا من عملية منسقة أسفرت عن استعادة أراض من التنظيم في كل من سوريا والعراق وليبيا.
وقد فقد المتطرفون السيطرة على مدينتي الفلوجة والرمادي العراقيتين وقال سكان وأفراد من قوة سنية تحدثوا مع أقاربهم في مدينة الموصل إن التنظيم يهدد بإعدام كل من يتحدث عن "التحرير" في الموصل.
وقال أحد سكان المدينة إنه تم نشر أطفال في سن صغيرة بعضهم في الثامنة في مختلف أرجاء المدينة للقيام بعمليات المراقبة والإبلاغ عن السكان وفي بعض الأحيان يكون هؤلاء الأطفال مسلحين بمسدسات وسكاكين. ويتولى الأطفال تجنيد أطفال آخرين للقيام بالمهمة نفسها.

إرهابيو المستقبل
وأضاف عن طريق تطبيق الواتس آب مستخدما اسما شائعا للتنظيم "مشهد تنفطر له القلوب أن نرى أطفال الموصل يتحولون إلى إرهابيي المستقبل. أنا علمت ابني ابن السبع سنوات كل شيء عن مرض التوحد للتظاهر بأنه مريض نفسي لتفادي تجنيده من قبل داعش."
وتابع "هم يائسون وربما يجبرون الأطفال على القتال ما إن تصل القوات الحكومية إلى أبواب الموصل." وقال سكان آخرون إنهم بدأوا يستخدمون هواتف محمولة أقدم لا يمكن تحميل تطبيقات مثل فايبر وواتس آب أو برنامج فيسبوك ماسنجر عليها لأن مقاتلي التنظيم لديهم حساسية شديدة تجاه استخدام الهواتف الذكية التي يمكن من خلالها نقل المعلومات إلى قوات الأمن.
ويجلس متشددون على أسطح المباني المرتفعة على مشارف الموصل وهم يحملون نظارات الرؤية الليلية المكبرة لرصد أي شخص يحاول الهرب كما يحفر مقاتلون حفرا في الشوارع بأجهزة ثقب الأرض لوضع شحنات متفجرة فيها. وقال أحد السكان "إذا وضعوا القنابل في كل حفرة فسيصبح المكان أشبه بالجحيم."

فرص توحيد العراق
ويقول مسؤولون عراقيون إن من الممكن أن تؤدي الحملة على داعش إلى زيادة فرص توحيد العراق أو تفتيته إذا ما نشبت اشتباكات طائفية بعدها وسط تنافس طوائف مختلفة على النفوذ في ثاني أكبر مدن العراق.
وقال دبلوماسي غربي إنه حتى قبل انطلاق رصاصة واحدة عملت قوى الأمن العراقية في الموصل لاستمالة القيادات المحلية. قال زيباري إن بوادر حركة مقاومة ناشئة ظهرت في المدينة حيث كتب بعض السكان كلمة "مطلوب" على بيوت مقاتلي داعش وقادتها.
وقد بدأ المتشددون يستخدمون نساء في عمليات التفتيش المفاجئة للبيوت حتى يمكنهم التحقق من عدم إخفاء سكانها من النساء أي شيء عن التنظيم.
وقال ساكن في الموصل لرويترز عبر وسائل التواصل الاجتماعي "هم يائسون ويبدو أنهم خائفون ويستخدمون نساءهم في تفتيش البيوت."
وأضاف "قبل يومين أسرعت إلى باب بيتي بعد أن سمعت طرقا متكررا وعندما فتحت الباب شاهدث ثلاث نساء يرتدين النقاب الذي لا تظهر منه سوى عيونهن مع ثلاثة من مقاتلي داعش وراءهم."
وقال جميع السكان الذين تحدثوا إن التنظيم يستخدم رافعات في إنزال مقاتلين تحت الجسور في المدينة لوضع المتفجرات. وقال أحدهم "ينفذون تلغيم الجسور خلال الليل لتجنب الضربات الجوية."
وقال مسؤولون أمريكيون إن بعض قيادات داعش ومقاتليها ينتقلون إلى مدينة تلعفر الخاضعة لسيطرة التنظيم أو يعبرون الحدود إلى الأراضي السورية.
وقال مسؤولون عراقيون إن قوات الأمن دعمتها الانتصارات التي تحققت على التنظيم في الفلوجة والرمادي غير أنها تواجه تحديا إضافيا إذ يختلف المسؤولون العراقيون على تشكيل القوة التي ستخوض معركة الموصل.
والهدف الرئيسي هو إبقاء الفصائل التي تدعمها إيران خارج الموصل لتفادي نشوب اشتباكات طائفية في مدينة الموصل. وقال المسؤولون إنه سيتم السماح للفصائل بالمشاركة في تصدر العمليات لاستعادة مدينة الحويجة القريبة الخاضعة لسيطرة داعش.
ويأمل المسؤولون أن يؤدي إخراج التنظيم من الموصل إلى إضعافه رغم أنه قد يظل يمثل تهديدا للعراق. وقال زيباري "ربما يلجأون إلى العمل السري وينفذون أعمالا إرهابية. لكن ليس كحركة منظمة".

*-*

تركيا باقية في بعشيقة حتى تحرير الموصل
أنقرة – ش – وكالات
قال نائب رئيس وزراء تركيا نعمان قورتولموش أمس الأربعاء إن القوات التركية ستبقى في معسكر بعشيقة العسكري في شمال العراق حتى يتم طرد تنظيم داعش من مدينة الموصل القريبة منه.
وأوضح قورتولموش في مقابلة بثتها على الهواء محطة "تي.آر.تي خبر" أن تركيا ستشارك في عملية الموصل ما لم تشارك وحدات حماية الشعب الكردية السورية.
وأضاف أن جلب مجموعات إرهابية مثل "حزب الاتحاد الديمقراطي" الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، و"وحدات حماية الشعب" الذي يعد الجناح المسلح للتنظيم، أو عناصر أجنبية ومحاولة زجها في عملية تحرير الموصل من داعش لا يحقق السلام في العراق ولا يحل المشكلة في الموصل.
وتأتي تصريحات قورتولموش غداة الحرب الكلامية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوجان ورئيس الوزراء العراقي رئيس الوزراء العراقي حول معركة الموصل وتواجد قوات تركية داخل الأراضي العراقية.
وطالب أردوجان العبادي أمس بأن "يعرف حدوده"، مشيرا إلى إن الجيش التركي لن يأخذ الأوامر من العراق بشأن معسكر بعشيقة. وردت محافظة بغداد على هذه التصريحات، متهمة الرئيس التركي بتأجيج التوتر بين البلدين بتصريحاته الأخيرة.
وفي الأثناء؛ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوجان أمس الأربعاء إن بلاده لن تسمح بأن تتسبب عملية مزمعة لطرد تنظيم داعش المتشدد من مدينة الموصل العراقية في "دماء ونار" بالمنطقة لما سيترتب عليها من صراع طائفي.
وأضاف أردوجان في تصريحات نقلها التلفزيون على الهواء خلال احتفال للهيئة القضائية أن تركيا مستهدفة بشكل شرس فيما يتعلق بمسألة الموصل لأنها تحدث تغييرا في التوازنات الإقليمية. ورغم اعتراضات بغداد ترغب أنقرة في أن تبقي قواتها متمركزة في معسكر بعشيقة في شمال العراق إلى أن يتم إخراج تنظيم داعش من الموصل.