وجهة نظر الموارد البشرية.. العنصر الأهم في الإنتاج والتنمية

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٣/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
وجهة نظر
الموارد البشرية.. العنصر الأهم في الإنتاج والتنمية

د. محمد رياض حمزة

سجل تاريخ المجتمع البشري أن أفضل الأمم تلك التي تستثمر كل ما لديها في حاضرها لضمان مستقبلها، وتأكد أن كل الثروات المادية إما أن تكون متناقصة المنفعة بتقادم الزمن أو أنها ناضبة، إلا الموارد البشرية فأنها المتجددة وإنها العامل الأساس في التقدم الذي تحقق لعدد من الأمم في العلم والاقتصاد فغدت شعوبها مرفهة آمنة، كما أن منجزاتها في العلوم والصحة والتعليم يسرتها للبشرية كافة.
ويجمع المهتمون من المحللين والكتاب في الاقتصاد والسياسة أن العامل الأقوى الذي أسهم بشكل مباشر في تحقيق المعجزات الاقتصادية في عدد من دول العالم يتمثل في الاستخدام الأمثل لرأس المال البشري بقطاعي الأعمال والتعليم والتدريب. في بلدان تندر فيها الموارد الطبيعية ومنذ خمسينيات القرن العشرين، عملت حكومات تلك الدول مع القطاع الخاص والشركات الإنتاجية والخدمية على تعبئة وتأهيل الملايين من العاملين في المصانع والموظفين بالمكاتب الذين تفانوا في أدائهم وصولا لأعلى إنتاجية يحققها العنصر البشري في العمل، مدفوعين بالولاء لوطنهم، كما حرصت إدارات شركات تلك البلدان على توفير بيئة عمل تحث على تحقيق أعلى إنتاجية مع في علاقات إنسانية مستقرة. وتعتبر الموارد البشرية العنصر الأهم في بنية الشركات اليابانية ونموها وقدرتها التنافسية، لذلك أولت الشركات اهتماماً بالغاً لعملية اختيار وتدريب موظفيها الجدد ومواصلة تدريب موظفيها القدامى بهدف التحديث والمواكبة، بالاعتماد على المؤسسات التعليمية (جامعات وكليات متخصصة) ومراكز التدريب الخاصة بها. وكان ذلك توجها استراتيجيا وليس لسد حاجات آنية من العنصر البشري، ولكن لخطط توظيف مستقبلية.
لذلك طورت تلك الدول نظام التوظيف مدى الحياة (Life Employment System)، حيث يقضي الموظف طوال سنوات عمره العملية في شركة واحدة ليصبح هذا النظام تقليداً اقتصادياً واجتماعياً راسخاً فيما بعد. الأمر الذي أمّن استقرار وديمومة العمل في الشركات وجنبها الخسائر الناتجة عن منازعات العمل.
وحرصت الحكومات والشركات على التركيز على التعليم واستقطاب وتدريب خريجي الجامعات وذلك لقدرتهم على تكوين علاقات عمل ناجحة.
ومن أساليب التأهيل للموارد البشرية وفي حال اختيار الموظفين الجدد، تعمل الشركات اليابانية فوراً على إخضاع كل موظف لسلسلة من برامج تدريب مستمرة على رأس العمل بإشراف مباشر من الكوادر الأكثر خبرةً مع تدويره على جميع الأقسام حتى يُلّم بمهام الشركة مما يعزز إيمانه برسالتها وولاءه لها.
وبما أن الشركة تتحمل تبعات التأهيل دون استفادة حقيقية من المستجدين لعدة سنوات، فإنها حريصة على الاحتفاظ بموظفيها حتى سن التقاعد، لذلك ابتدعت الشركات أنظمة تخصصية للتدريب والترقيات والتقاعد، فلم يكن من السهل على الموظف التضحية بمكتسبات حياتية أن يعطل العمل بالإضراب أو ينتقل للعمل بشركة أخرى.
وتميزت القوى العاملة في عدد من الدول بارتفاع إنتاجيتها مما أعطى منتجاتها الصناعية ميزة تنافسية مع المنتجات الأخرى وذلك بفضل مناهج التعليم التي غرست روح المثابرة والجدية وحب العمل إلى جانب التزود بالمعارف العلمية.
كما حرصت الحكومات والشركات على الاحتفاظ بموظفيها والاهتمام بأدق شؤونهم العملية والخاصة، حيث إن صورتها الذهنية لدى الرأي العام تعتمد على موقفها من العاملين فيها، فأكثر الشركات نجاحاً ليست الأكثر نمواً وأرباحاً، بل الأكثر قدرةً على توفير الاستقرار الوظيفي لكوادرها ومعاملتهم كشركاء والاهتمام بهم وبأسرهم، الأمر الذي وثق ولاء القوى العاملة للمؤسسات التي يعملون فيها وعزز إنتاجيتهم.

وزارة القوى العاملة