هل تعلن مسقط نهاية حرب اليمن

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٢/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
هل تعلن مسقط نهاية حرب اليمن

فريد أحمد حسن

في الأيام العشرة الأخيرة انتعشت الآمال بتوصل المعنيين بمتابعة الملف اليمني إلى حيث يمكن الانطلاق سريعا إلى الفصل الأخير من الحرب التي تجري على أرض اليمن وتكلفه وتكلف الأمة العربية الكثير ، حيث أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد عن قرب التوصل إلى لحظة الإعلان عن الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة قابلة للتجديد ، ولأن الجميع سمع منه أن الإعلان عن ذلك سيتم "خلال الأيام القادمة" لذا ازدادت حالة الترقب ومنّى الجميع أنفسهم بسماع ذلك الإعلان سريعا .
لكن العمانيين وكل المتابعين للدور العماني في ساحة السلم العالمي انتبهوا إلى أمر ربما لم ينتبه إليه الآخرون وهو أن جزءا غير قليل من حديث ولد الشيخ كان عن دور السلطنة في التوصل إلى ذلك الاتفاق وأنه تضمن ثناء واضحا على جهودها بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم "لإنهاء الحرب والوصول إلى تسوية سلمية للنزاع في الجمهورية اليمنية" ، وكذلك قوله "عندما ظننا أننا فشلنا فتحت السلطنة لنا الأبواب بنهج متزن" ، فمثل هذه التصريحات ما كان يمكن أن تخرج لا من ولد الشيخ ولا من غيره لولا أن الموضوع اقترب من نهايته حيث سياسة السلطنة هي الكتمان وعدم التصريح بأي معلومة إلا عند اكتمال الأمر . وهذه نقطة مهمة للغاية وتعين على الاستدلال على أن ملف اليمن يقترب بالفعل من النقطة التي يمكن الإعلان فيها عن إغلاقه وبشكل نهائي .
تصريح ولد الشيخ الجمعة الفائتة تضمن تفاصيل عن هذا الأمر يعرف جيدا أن السلطنة لن تقبل منه الحديث فيها لولا أنها تعلم بالفعل بأن الموضوع يقترب من نهايته ، ومن ذلك إعرابه عن شكره وامتنانه لصاحب الجلالة على كل ما تقدمه السلطنة من دعم لجهود الأمم المتحدة ، وقوله إن "تعامل السلطنة مع كل الاطراف اليمنية والدور والنهج الحكيم لقيادتها كان شيئا إيجابيا تم استثماره طوال الأشهر الفائتة " .. و"عندما ظننا أننا قد فشلنا بعد محادثات جنيف الأولى فتحت لنا سلطنة عمان الأبواب بطريقة هادئة ودور ونهج حكيم ومتزن وجاءت مبادئ مسقط لحل الأزمة السياسية في اليمن وقرار مجلس الأمن رقم 2216 “ ، وكذلك تأكيده أن الزيارة التي قام بها بان كي مون للسلطنة في فبراير الفائت كانت "من أجل أن يقدم لجلالة السلطان وحكومته وللشعب العماني امتنان الأمم المتحدة على ما تقدمه السلطنة على المستويين الإقليمي والدولي من جهود ودعم لجهود المنظمة الدولية وخاصة للقضية اليمنية “ ، وأيضا قوله إنه خلال جميع لقاءاته مع المسؤولين في السلطنة “كانت السلطنة مستعدة أن تقدم أي دعم ممكن ومطلوب للوصول إلى تسوية سلمية للقضية اليمنية“ . كل هذه التصريحات ما كان بإمكان ولد الشيخ الإدلاء بها لولا علمه أن الوقت قد حان بالفعل للإدلاء بها ، فهو يعلم جيدا أن السلطنة لا تقبل به في غير حينه .
الواضح الآن هو أنه تتوفر خطة متكاملة يتم توفير الظروف المناسبة لإنجاحها ، وأن الجميع يتعاون على تحقيق ذلك إلا أن الجهد الأكبر تقوم به الأمم المتحدة عبر مبعوثها وسلطنة عمان عبر دبلوماسيتها ، وأن أولى البشارات هي الإعلان عن خطة وقف إطلاق النار لمدة اثنتين وسبعين ساعة قابلة للتجديد . لكن هذا لا يعني أن الطريق سالكة ، فالمشكلة اليمنية معقدة كثيرا ويكفي معرفة بعض تفاصيل مسألة تسليم السلاح لتبين مدى تعقدها ومدى صعوبة الدور الذي تقوم به السلطنة خصوصا مع اقتناع كل العالم بأنها لن تترك هذا الملف قبل أن تنهيه وتضع حدا نهائيا له .
لا بأس لو تم تصنيفي في خانة المبالغين في التفاؤل لكني لا أتردد عن القول بأن حل مشكلة اليمن يقترب بقوة وإن الإعلان عن الخطوات النهائية – وليس خطة وقف إطلاق مؤقت للنار – سيتم قريبا وأنه سينطلق من سلطنة عمان التي اختار لها قائد نهضتها أن تكون صانعة سلام و"تتفنن فيه" كما عبر بذلك أحد مواطنيها الذي كتب في "تويتر" (في عمان .. نتفنن في صنع السلام) وكما عبر آخر بنشره صورة لطفل عماني يرفع حمامة بيضاء بيد ويرسم بالأخرى علامة النصر .
الإعلان النهائي عن نجاح الجهود المبذولة لحل مشكلة اليمن لن يتأخر وسيكون ربما من مسقط .

كاتب بحريني