سياسة البنك الدولي وصندوق النقد هي المشكلة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٢/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
سياسة البنك الدولي وصندوق النقد هي المشكلة

لاري إليوت

"نحن نسمع صوتكم أيها الفقراء"، تلك هي الرسالة التي تعالت بها الصيحات في واشنطن الأسبوع الفائت، وجاءت من كريستين لاجارد من صندوق النقد الدولي ومن جيم كيم من البنك الدولي، ومن روبرتو أزيفيدو من منظمة التجارة العالمية، وجاءت كذلك من وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية. فالأشخاص الذين يديرون الاقتصاد العالمي أرادوا أن يجعلوا العالم يعرف أنهم قد فهموا سبب خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ومنحوا دونالد ترامب دفعة الى البيت الأبيض. فقد تحدثوا كثيرا عن الحاجة إلى النمو الشامل والرأسمالية التي تعمل للجميع. ولهؤلاء الذين تركوا في الخلف طوال العقود الثلاثة الماضية قالوا لهم: لقد فهمنا، ونشعر بآلامكم.
الواقع أن الاعتراف بأن هناك مشكلة هو تقدم في حد ذاته، ولاجارد كانت تعني ما تقوله أن الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء تعيق الاقتصاد العالمي، وكيم يطمح بالفعل أن يرى ثمار النمو تميل نحو شريحة الـ 40% الدنيا في كل بلد. وبالفعل فالبنك الدولي وصندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية يشعرون جميعهم بأنهم يجلسون على حافة بركان يمكن أن ينفجر في أي وقت. وهم يخشون، عن حق، أن حدوث انهيار آخر كبير خلال العقد القادم قد يتمخض عن ردة فعل من شأنها أن تؤدي إلى الحمائية وصعود قوى سياسية ظلامية سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل السيطرة عليها.
والواقع أن هناك مكونات أزمة جديدة أصبحت واضحة في مراحل مختلفة الأسبوع الفائت. ووفقا لصندوق النقد الدولي فقد ارتفعت الديون العالمية إلى مستوى قياسي 152 ترليون دولار، وهو ما يزيد على ضعفي الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في وقت يشهد النشاط الاقتصادي حالة من البطء. وهذا الانهيار في أسعار السلع وضعف الطلب من الغرب يعني أن النمو في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يسير عند نصف مستوى النمو السكاني. وقد تحملت الشركات في العالم الناشئ ثقل الديون خلال فترة ازدهار السلع، أما الآن فهي عرضة لارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وخطر أي فتور في الاقتصاد العالمي. وربما تكون الصين هي المثال الصارخ لاستخدام الديون لزيادة النشاط بشكل مصطنع.
والحجة القائلة بأن ارتفاع الديون هو أمر جيد لأنه على الجانب الآخر هناك أصول تشهد زيادة في القيمة، هي مغالطة واضحة. والسبب الوحيد لارتفاع أسعار الأصول أن المستثمرين يأخذون المزيد من الديون لشرائها. وفي مرحلة ما ستنفجر فقاعة الأصول تاركة المقترضين في مشكلة خطيرة. وكان ذلك هو الدرس المستفاد من أزمة الرهن العقاري، ولكن يبدو أن ذاكرتنا أشبه بذاكرة السمكة.
والخطوة الكبرى القادمة قد تأتي من أي مكان، وربما يكون أمرا جيدا أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على بينة من المخاطر. ولكن حتى مع ذلك، يبدو أن المناقشات التي جرت في واشنطن الاسبوع الماضي غابت عنها الواقعية. فلم يكن هناك أدنى تلميح من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أن السياسات التي دافعوا عنها خلال ما يسمى بإجماع واشنطن، سواء التقشف أو الخصخصة أو الحرية المالية، قد ساهمت في ضعف النمو وعدم المساواة، رغما عن كل السخط السياسي الذي تسببت فيه.
الواقع أنه يجب أن يخضع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للرقابة، فالكلام قد يكون رنانا ولكن الأفعال والأداء هو الذي يهم. ولاجارد وكيم يقولان أن العالم بحاجة الى قبضة قوية لمعالجة عدم المساواة، والمؤكد أن التطبيق يجب أن يبدأ من مؤسستيهما.

كاتب مقال رأي بصحيفة الجارديان