الأسواق العالمية تستلهم نظرية أينشتاين النسبية

مؤشر الأربعاء ١٢/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص

مسقط - ش
قال رئيس استراتيجيات الأسهم لدى "ساكسو بنك" بيتر جارنري، ان التوجه التصاعدي المستمر في أسواق الأسهم أثبت قدراً كبيراً من المرونة، ولكنه تساءل إذا كان بمقدوره الحفاظ على زخمه في ظل الارتفاع المرتقب لأسعار الفائدة والانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
وأضاف:"يبدو أن السياسات النقدية الميسّرة غير المسبوقة أثبتت انهيار العلاقات التاريخية في الأسواق المالية، ففي الوقت الذي عززت فيه الحكومات من تأثيراتها لتعويض ضعف الطلب في القطاع الخاص، انخرط قطاع الشركات والقطاع الأُسري في عملية تخفيض ديون طويلة الأمد ولعدة سنوات، والتي ما زالت مستمرة في أوروبا على الرغم من انتهائها في الولايات المتحدة الأمريكية".
وتكاد هذه السوق ذات التوجه التصاعدي، والتي تمتد 91 شهراً، أن تشبه الطفيلي الذي قد يصعب علينا التخلص منه. وبغض النظر عما تعرضت له (بريكسيت، والتباطؤ الصيني، ومعدلات فائدة سلبية، وأزمة مصرفية في أوروبا، وأزمة السوق الناشئة، وضعف أسعار النفط، والصراعات الجيوسياسية وغيرها)، لطالما بدت مؤشرات سعيها الحثيث نحو تسجيل مستويات قياسية جديدة. ومع كل الاهتمام الذي تنطوي عليه انتخابات الرئاسة الأميريكية المقبلة في نوفمبر، واحتمال توجه بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع أسعار الفائدة، تجد أسواق الأسهم العالمية نفسها وسط ساحة معركة مجهولة أخرى. فهل ستنجح الأسواق ذات التوجه التصاعدي بالنجاة مجدداً؟

نظرية النسبية
قال ألبرت آينشتاين ذات مرة أن كل شيء نسبي. وعلى الرغم من كونه اقتباساً قديماً، إلا أنه يناسب الحالة الراهنة التي تشهدها الأسواق المالية. ونظراً لتوجه الأسواق، ومنذ وقت طويل، نحو التصاعد في مجال الأسهم والارتفاع الواضح في التقييمات – تبلغ قيمة مؤشر ’إم إس سي آي‘ العالمي 22.6 ضعف الأرباح المتبقية – يبدو أن السياسيات النقدية الميسّرة وغير المسبوقة قد لعبت دوراً في انهيار العلاقات التاريخية في الأسواق المالية.
ولا يعد التقييم المرتفع شيئاً بالمقارنة مع الفقاعة الكبيرة الجاثمة في أسواق السندات الحكومية، مع استقرار متوسط عائدات مجموعة الدول الصناعية السبعة على مدى عشر سنوات حول 53 نقطة أساس. ومن هذا المنطلق، تبدو الأسهم العالمية (التي تعود بأرباح 2.6%) كما لو أنها صفقة. ولا تزال نماذجنا لتوزيع الأصول طويلة في معظم أسواق الأسهم. وإلى جانب الملكيات العقارية، فإننا نعتقد بأن الأسهم تقدم أفضل نسبة بين المخاطرة والعوائد على أساس عالمي. ويكمن الخطر الأكبر بكل تأكيد في أسواق السندات.

هل أنتم مستعدون لرفع أسعار الفائدة؟
استناداً إلى حقيقة أن لكل فعل ردة فعل، يمكننا القول بأن فقاعة السندات الحكومية الناتجة عن البنوك المركزية لم تنشأ من العدم. وفيما عززت الحكومات من تأثيراتها لتعويض ضعف الطلب في القطاع الخاص، انخرط قطاع الشركات والقطاع الأُسري بعملية تخفيض ديون طويلة ولعدة سنوات، والتي ما زالت مستمرة في أوروبا على الرغم من انتهائها في الولايات المتحدة الأمريكية.
وكما يوضح الرسم البياني أدناه حول نسبة صافي الدين إلى العائد قبل احتساب الفائدة والضريبة والأهلاك والاستهلاك بين شركات مؤشر ’إم إس سي آي‘ العالمي، فقد انتهى تخفيض الديون في قطاع الشركات العالمي بحلول نهاية عام 2014. وتعتبر معدلات الرفع المالي بين الشركات اليوم أقل مما كانت عليه في الفترة بين عامي 1995 و2011، والتي وصل فيها ارتفاع الأسعار في الشركات إلى ذورته.
ويبلغ احتمال قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة في ديسمبر 59% اعتباراً من 23 سبتمبر 2016. وعلى الرغم من رغبة بنك الاحتياطي الفيدرالي بالحصول على مزيد من الأدلة قبل رفع معدلات الفائدة، إلا أن العالم مستعد تماماً لهذه الخطوة. وتتخطى نسبة التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية 2% (إلا إذا قيست على أساس نفقات الاستهلاك الشخصي) ويقترب الاقتصاد من التشغيل الكامل للعمالة. وفي الوقت ذاته، ينخفض معدل البطالة في أوروبا وتعتبر شركاتها الأقل اعتماداً على القروض في عقدين من الزمن. ولن يتأثر قطاع الشركات بارتفاع طفيف في الأسعار.

قيمة التصويت
يمكن لتاريخ 8 نوفمبر 2016 أن يصبح نقطة تحول أساسية في السياسة الأمريكية في حال فاز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، مما سيضع مساراً جديداً للحزب الجمهوري ويؤدي إلى تغيير الوضع القائم. وقد تصاب أسواق الأسهم بالذعر في بداية الأمر، إلا أن ذلك قد يتحول إلى قدر كبير من الزخم في حال أطلق ترامب العنان لبرنامج كبير من المحفزات المالية التي من شأنها إطلاق عملية التنمية الاقتصادية. من جانب آخر، سيؤدي فوز كلينتون إلى منحنا قدراً أكبر من الفوائد المماثلة التي قد تعزز انتعاش أسواق الأسهم. ولا يعود ذلك بالضرورة إلى كونها أفضل على المدى البعيد وحسب، وإنما لأن تلك الأسواق تفضل المخاطر المنخفضة.
وبغض النظر عن نتائجها، نأمل بأن تؤدي الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى وضع جدول أعمال جديد مع دفعة أكبر من الجانب المالي، وهو شيء تبرز الحاجة الماسة إليه فيما يخوض العالم صراعه ضد انخفاض نمو الإنتاجية وضعف الطلب.
ولا يقدم التاريخ أي أدلة قاطعة حول إمكانية اختلاف سلوكيات أسواق الأسهم بناء على الفائز بانتخابات الرئاسة الأمريكية؛ ولا يمكن اعتبار كل هذا الضجيج الذي نسمعه سوى زوبعة في فنجان. ولكننا متأكدون من شيء واحد: سواء فازت كلينتون أو ترامب، يسير قطاع الرعاية الصحية في طريق وعرة تتزايد فيه الرقابة على أسعار الأدوية فضلاً عن التضخم الجامح في نفقات الرعاية الصحية التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية منذ ثلاثة عقود وحتى الآن. وسيؤدي فوز ترامب على الأرجح إلى توجه القطاع المالي نحو التصفية، فيما سيؤدي فوز كلينتون إلى ردود أفعال أكثر إيجابية لأنها تمثل الاستقرار والتوطيد.

ينبغي العمل على استعادة الأرباح
فيما تسود حالة من الركود على أرباح أسواق الأسهم العالمية (مؤشرات نمو سلبية للأرباح في موسمين)، يود المستثمرون رؤية التغيير نحو الأفضل. ويطلق محللو الأسهم توقعات حادة مع احتمال ارتفاع أرباح السهم الواحد بنحو 35% على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة في ظل استقرار أسعار الدولار الأمريكي المرجح بالتجارة، وتوقف حالة التراجع التي شهدتها أسعار النفط مؤخراً.
كما يعتبر معدل نمو أرباح السهم الواحد بين شركات مؤشر ’ستاندرد آند بورز 500‘ أكثر تحفظاً عند 17% على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة.
وانخفضت أرباح مؤشر ’إم إس سي آي‘ العالمية لكل سهم بنحو 20% بالمقارنة مع الذروة التي وصلتها في أواخر عام 2014، وقبل انهيار قطاع النفط. وفيما يمكن تفسير جزء كبير من هذا التراجع إلى انخفاض أسعار النفط وقوة الدولار الأمريكي، فقد ساعد أيضاً في تضخيم قيم الأسهم. وهو لا يشكل مصدر قلق كبير على المدى القصير، ولكننا بحاجة لعودة الأرباح العالمية في الربع الثالث ومرة أخرى في الربع الأخير وإلا فإننا قد نواجه تراجعاً مدفوعاً بشكل أساسي بمضاعفات التقييم في أسواق الأسهم العالمية.

كيف نتداول الأسهم في الربع الأخير؟
ندخل الربع الأخير من العام بحذر مدركين بأن نموذجنا الخاص بمتابعة التوجه يمنحنا مؤشرات طويلة في معظم أسواق الأسهم الرئيسية ما عدا مؤشر S&P/ASX 200. ونظراً للأحداث المرتقبة، لا يمكن أن يشعر التجار بالتراخي. ونحن نوصي باعتماد صافي الأسهم الفائضة في الربع الأخير، على أن يستعد المستثمرون للمرونة.
واستناداً إلى التغييرات الأخيرة في مجال الاتصالات من بنك أوروبا المركزي وبنك اليابان، نحن نراهن بشكل كبير على شركات التأمين الأوروبية فيما نعتقد بأن حدة الضغوط الهبوطية لمنحنى العائدات واستقراره قد انتهت الآن.
وتتجلى رهاناتنا الأساسية في كل من ’ايجون‘ (AGN:xmas) و’جنرالي‘ (GASI:xmil). ويتم الحفاظ على مراكزنا الاستراتيجية الطويلة في ’أمازون‘ (AMZN:xnas) وفيسبوك (FB:xnas) حيث نعتقد بأن الشركتين ستواصلان تقديم المفاجآت التي تتخطى التوقعات. ولطالما كان ’تويتر‘ (TWTR:xnys) قضية خاسرة، ولكن انعطافة ناشئة بدأت في تحقيق نتائج ونجاح ملحوظ أشارت إليه آخر أخبار ’إن إف إل‘ المباشرة. وتحسنت أساسيات الشركة بشكل كبير ونحن نراهن على أن الشركة في نهاية المطاف يمكن شراؤها بأسعار أعلى.
وقد تحسن النشاط الصناعي في الصين بشكل كبير منذ سبتمبر 2015 بناء على مقاييس مؤشر ’لي كيكيانج‘ الذي يتتبع معدلات النمو السنوية في القروض المصرفية المستحقة، وإنتاج الكهرباء، وحجم نقل البضائع عبر السكك الحديدية.
وتحسنت معدلات النمو السنوية للمؤشر إلى 9% على أساس سنوي في أغسطس 2016 من 1.2% على أساس سنوي في سبتمبر 2015. وأدى ذلك إلى عودة الأرباح إلى أسهم الأسواق الناشئة، وشركات التعدين، ومؤخراً إلى مؤشر البلطيق الجاف.