جلالة السلطان .. فكر مستنير ورؤية تستشرف المستقبل

بلادنا الثلاثاء ١١/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
جلالة السلطان .. فكر مستنير ورؤية تستشرف المستقبل

مسقط ش

لم تكن التنمية البشرية والاقتصادية التي تحققت في السلطنة وليدة صدفة، أو كنتيجة لعوامل خارجية استفادت منها السلطنة، بل كانت جزءاً أساسياً من رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم –حفظه الله ورعاه- لنهضة البلاد.
فلم يعد في إمكان الأمم أن تتجاهل التنمية الشاملة كمطلب أساسي يحدد موقعها بين أمم قوية، حرة، قادرة على المبادرة والفعل، أو أمم ضعيفة غارقة في الفقر والتخلف تتناتشها الصراعات. وما موقع السلطنة وقوتها وقدرتها على تخطي جميع التحديات الاقتصادية والتنمية والسياسية، الا كنتيجة طبيعية للتنمية الشاملة التي منحت الوطن مناعة جعلته محصناً وقوياً وثابتاً في وجه مختلف المتغيرات.
فمنذ النهضة المباركة انطلق جلالته في خطة شاملة للاستثمار في الإنسان العماني، وعمل جاهداً على توفير في مقومات النهوض بالاقتصاد والتعليم والثقافة والهوية الوطنية، وهي مقومات تشكل مجتمعة الركيزة الأساسية للتنمية الشاملة - غير المجتزئة- التي يبنى عليها مستقبل الأمم.
ويقول جلالته في خطابه بمناسبة العيد الوطني الحادي والعشرين المجيد:"إن تحقيق التنمية الشاملة المتكاملة في مختلف جوانبها وأبعاد‏ها هي غاية عظمى لا محيد عنها، وهدف أسمى لا مناص من بلوغه، فبالعمل الدائب، والجهد المتواصل، والروح الوطنية المتوثبة تبنى الأوطان ويعلو شأنها".
وانطلاقاً من هذه الرؤية، انطلقت الخطط الخمسية المتوالية والتي ساهم بعضها في تحقيق نمو ملحوظ في قطاعات مختلفة، وصولاً إلى الخطة الخمسية التاسعة التي انطلقت في بداية العام الجاري وتستهدف وضع أسس متينة لاقتصاد يقوم على التنوع ويقلص من الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للمداخيل.
وكما الاستثمار في الاقتصاد حرص جلالته على الاستثمار الإنسان العماني وتحديداً من خلال التعليم وإنشاء صروح أكاديمية عدة قادرة على إنشاء جيل عماني متعلم وجاهز للسير في ركب التقدم، ومن بينها جامعة السلطان القابوس التي قال جلالته إن الغاية من إنشائها "هي إعداد أجيال من الشباب العماني الواعي والمؤمن بدينه وأمته القادر على تسخير قدراته الخلاقة ومواهبه المتعددة ومهاراته العلمية والفكرية لخدمة وطنه والارتقاء بمجتمعه والمحافظة على هويته المتميزة".
و"الهوية" التي يتحدث عنها السلطان لم تكن يوماً الهوية الانطوائية أو المنعزلة الجامدة غير القابلة للتطوير وهو القائل :" لقد أثبت التاريخ بما لا يدع مجالا للشك، أن الأمم لا تتقدم ولا تتطور الا بتجديد فكرها وتحديثه. وهكذا الشأن في الأفراد. فالجمود داء وبيل قاتل عاقبته وخيمة، ونهايته أليمة".‏
وكان جلالته مصراً على تقديم رؤيته للهوية الوطنية بشكلها الواسع والشامل الذي يرفض أن تكون هوية انطوائية غير قابلة للتفاعل والتطور فيقول: "بقدر ما حافظنا على أصالتنا وتراثنا الفكري والحضاري عملنا على الأخذ بأسباب التطور والتقدم في الحياة العصرية. لقد كان واضحا لدينا أن مفهوم التراث لا يتمثل فحسب في القلاع والحصون والبيوت الاثرية وغيرها من الأشياء المادية، وانما هو يتناول أساسا الموروث المعنوي من عادات وتقاليد، وعلوم وآداب وفنون، ونحوها مما ينتقل من جيل إلى جيل، وأن المحافظة الحقيقية على التراث لن تتم ولن تكتمل إلا بإعطاء كل مفردات هذا المفهوم حقها من العناية والرعاية".
إن التوازن بين مقومات التنمية، هو صلب رؤية جلالة السلطان، فسعى إلى تطوير الاقتصاد من دون إهمال الإنسان، وسار بالحداثة من دون التخلي على الأصالة، واستثمر في التعليم والفن والفكر من دون أن يهمل الارض والطبيعة والبيئة، موصلاً السلطنة إلى موقعها الحالي الذي يشكل مفخرة لكل عماني.