تحذيرات 9 أكتوبر تثير استياء مصر

الحدث الثلاثاء ١١/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
تحذيرات 9 أكتوبر تثير استياء مصر

القاهرة- خالد البحيري

تساؤلات عديدة تصدرت الواجهة عقب توالي بيانات عدد من السفارات الأجنبية في مصر لرعاياها بتوخي الحذر والتزام أماكن اقامتهم يوم الأحد الفائت، تحسبا لأي اعتداءات قد تحدث في هذا اليوم، وبدا المشهد وكأن حدثا جللا قد يحدث في مصر بعد ساعات قليلة من بيان للسفارة الأمريكية مساء الجمعة الموافق 7 أكتوبر، والذي جاء حادا ومحذرا من الذهاب للمسارح ودور السينما، وكذلك الاختلاط مع التجمعات العامة، وضرورة البقاء في المنازل في يوم أمس الأول الموافق التاسع من أكتوبر.

بورصة التكهنات
ولم تكد الخارجية المصرية تنهي محاولة لملمة الموقف والوقف على سبب إصدار مثل هذا البيان، حتى تابعت السفارة الكندية نظيرتها الأمريكية ببيان مماثل، أعقبه بيان ثالث من سفارة بريطانيا، وهو ما فتح باب التوقعات واشتعلت بورصة التكهنات حول رصد الأجهزة الاستخباراتية لهذه الدول أية مخططات من شأنها زعزعة الاستقرار في مصر.
ودخلت وسائل الإعلام المصرية والعالمية على خط المتابعة وبدأت في سرد عدد من التوقعات والسيناريوهات، إلا أن يوم التاسع من أكتوبر سرعان ما مر كأي يوم وبشكل طبيعي ودون حتى استنفار أمنى أكثر مما هو معتاد.
وخابت توقعات هذه السفارات، وذهبت أدراج رياح الاستقرار الذي تشهده مصر، لكنها خلفت سؤالا عريضا عن السر وراء إثارة القلاقل وزعزعة أمن دولة تخطو نحو الاستقرار والتنمية بعد تعثر دام لأكثر من 5 سنوات.. وهو ما نحاول الإجابة عنه عبر هذا التقرير.
الخبير الأمني العقيد خالد عكاشة أكد أن المشهد المصري صعب ومُعقد ولكن المصريين يواجهون ذلك بثبات رغم هجمات الإرهاب وضغوط الإعلام الخارجي وتركيزه على تردي الوضع الاقتصادي دون الأخذ في الاعتبار بقية الصورة وتداعياتها، وقال إن تحذيرات السفارات لرعاياها مجرد توقعات نتيجة قراءة المشهد قد تكون لها أصل أو إجراءات احترازية روتينية.
وأضاف: تجاوز البيان الأمريكي في ألفاظه إلا أن الخارجية المصرية كانت حاضرة بقوة وأعادت الأمر إلى نصابه سريعا مشددة أنها تقوم بواجبها ولا تنتظر أيه إشارات من هنا أو هناك وبالفعل تضع على عاتقها مسئولية حماية أرواح المواطنين المصريين وكافة زوار مصر، وأن هذه التجاوزات غير مقبولة على المستوي الرسمي المصري لأنه كان من الأولى أن يتم التواصل بين هذه السفارات وأجهزتنا المعنية لأن ذلك يؤثر سلباً على الاقتصاد المصري.
واستدرك: الأمر ليس قاصرا على مصر وحدها فهناك سفارات أطلقت بيانات لتحذير رعاياها من السفر لأوروبا بسبب العمليات الإرهابية التي ضربت ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرها كما خرجت خمسة تحذيرات متوالية من السفر إلى تركيا والتي كان لها النصيب الأكبر من مثل هذه التنبيهات.

لا حسن نوايا
وأوضح: هذا الأمر قد يكون مقبولا في الساحة التركية لوجود عمليات إرهابية كل يوم وانقلابات عسكرية وما يشبه الحرب الأهلية وكذلك في سوريا وليبيا، لكن مصر بعيدة عن مثل هذه التقديرات، وأي خبير أمني أو دبلوماسي مُنصف يقرأ المشهد المصري بشكل مهني بعيداً عن السياسة سيجد أن الساحة المصرية اليوم تقف على قدميها من جديد وتستعد للانطلاق إلى الأمام وتترقب تدفق السياحة من جديد بعد توقف دام لعام تقريبا منذ سقوط الطائرة الروسية.
وفي السياق قال الباحث الجيوسياسي عمرو عمار، إنه لا يرى حسن نوايا في سطور بيان السفارة الأمريكية وذلك لأن تحذيراتها جاءت بعد العمليات الإرهابية التي حدثت في العمق الأوروبي وليس قبلها، ولا يمكن الفصل بين مشهد احتضان اجتماع واشنطن مع قيادات الإخوان وحركة 6 أبريل الشهر الفائت للتحضير لأحداث 11/11 القادمة "ضد الغلاء"، فالظاهر أن أمريكا تريد قلب نظام الحكم في مصر خاصة بعد إعلان روسيا وألمانيا وانجلترا عودة السياحة في مصر خاصة ومؤتمر البرلمان المصري بشرم الشيخ والذي ترمي الحكومة من ورائه إلى مخاطبة المجتمع الدولي لتنشيط السياحة وهذا يؤكد على وجود تآمر واضح وصريح.
مضيفاً أنه كان من الأولى طبقاً للدبلوماسية العالمية أن تتواصل مع الأجهزة الأمنية والمعلوماتية لوجود اتفاقيات بين مصر وأمريكا لتبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية.
في حين وصف الخبير الاستراتيجي الدكتور سعد الزنط ما فعلته السفارة الأمريكية عبر إصدارها بياناً دون الرجوع للخارجية المصرية بأنها "سماجة سياسية" لأن السفير في أيه دولة يحاول تدعيم العلاقات بين الدولتين لكن أمريكا والغرب دائماً يتخطون الحدود ولا يراعون اللياقة في التعامل وهذا يذكرنا بدبلوماسية آن باترسون السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة والتي كانت تتصرف خارج الأعراف الدبلوماسية وتعقد اجتماعات هنا وهناك دون استئذان الخارجية المصرية.
وأشار إلى أنه يجب علينا أن نؤمن بالمؤامرة وأن مصر مستهدفة لأنها تمثل "عمود الخيمة" في المنطقة العربية لذلك يجب علينا الرد على السفارات والتزام الحماية الذاتية.
وشدد على أن البلاد مؤمنة تماماً وتتمتع بأكبر قدر من الأمان مقارنة بكافة الدول التي بمحيطها، وأن الأجانب يتمتعون بحياتهم الشخصية داخل مصر ويتحركون بانسياب كامل، وتعجب من عمليات التحذير المتكررة التي من شأنها إثارة القلق لدى المواطنين.
وأوضح أن قوات الأمن في استنفار كامل على مدار الـ24 ساعة، وهناك خطط أمنية قوية يتم مراجعتها باستمرار للتعامل الفوري مع أية حوادث أو ظروف طارئة، وأن قوات الأمن قادرة على حماية وسلامة الوطن.

سابقة خطيرة
من جهته علق البرلماني والإعلامي مصطفى بكرى على تحذيرات السفارات لرعاياها بدء من إصدار السفارة الأمريكية بياناً صادماً بأنه خروج عن أي عرف دبلوماسي لأنه يشكل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية ولا يمكن النظر إليه ببراءة لاحتوائه على دلالات ليست هينة بضرورة أن يتوخى المواطنون الأمريكيون الحذر والحيطة على الأراضي المصرية وعدم التواجد في التجمعات الكبيرة والأماكن العامة كدور السينما والمتاحف والملاعب الرياضية وغيرها الأمر الذى أثار الذعر وقدم رسالة للعالم بإثارة القلاقل في مصر.
وقال: البيان أراد أن يشيع بأن أمريكا لديها معلومات موثقة حول أعمال إرهابية قد تحدث وإعطاء إشارة إنه في حاله تدهور الأوضاع قد تكون هناك إجراءات أخرى ومن ثم نصح الرعايا بالحفاظ على وثائق سفر صالحة تستهدف مغادرة البلاد، وتباعاً لذلك صدور بيان أخر من السفارة الكندية تحذر رعاياها هي الأخرى وأضافت إلى الأماكن المستهدفة المساجد وأقسام الشرطة والمنشآت الأمنية، وزادت قائلة: إن تنظيم بيت المقدس الذى يمثل الجماعة الإرهابية الأخطر في مصر كان قد تعهد بالولاء لـ"داعش" وتعهد باستهداف دول التحالف ومن بينها كندا ، وتلى ذلك بيان سفارة بريطانيا مما جعل الخارجية المصرية ترد عليهم .
ووصف بكرى رد السفارة الأمريكية على الخارجية المصرية وقولها إنه إجراء روتيني خلال الفترات الممتدة أو الإجازات، بأنه سخافة واستهانة بالعقول وتساءل مستنكراً لماذا مثل هذه البيانات في هذا التوقيت؟ وعاد ليجيب بأن المصريين أنفسهم أصابهم الذعر والقلق.

أجندة سياسية
وأشار إلى وجود تحليلين على الساحة المصرية لهذه البيانات، الأول: بأن التاسع من أكتوبر يناسب الذكرى الخامسة لأحداث "ماسبيرو" التي راح ضحيتها العشرات من الأقباط وصدور بيانات عن احتمالية وجود تجمعات أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون، الثاني: وجود معلومات لدى السفارات الأجنبية بأن جماعة الإخوان المسلمين ربما تقوم بعمليات إرهابية رداً على مقتل محمد كمال عضو مكتب الإرشاد ومسئول المليشيات المُسلحة أو تنظيم أنصار بيت المقدس رداً على ما يحدث في سوريا والعراق أو بسبب صدور أحكام على قيادات الإخوان في هذا اليوم.
وأضاف "بكرى" أن مصر حذرت بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لا يريد مغادرة حكمه في 7 نوفمبر إلا بعد تحقيق أجندة سياسية وانتصاراً على الأرض المصرية لأن الرئيس السيسي عطل مخطط الشرق الأوسط الجديد من أن يتغلل في مصر والمنطقة العربية.
وشدد على أن هناك عدة سيناريوهات لإرباك القيادة المصرية وتشتيت جهودها وفتح الباب لمزيد من التدخل الخارجي في الشؤون المصرية، كما رأى أن الهدف الأساسي من وراء البيانات هو إفساد الاحتفالية بمرور 150 عام على الحياة النيابية في مصر ومغادرة المواطنين الأجانب البلاد بزعم الحفاظ على حياتهم وأن يكونوا دائماً عل أهبة الاستعداد للسفر، كما أنها رسالة سلبية للمستثمرين العرب والأجانب بأن الأوضاع في مصر غير مستقرة ويجب التراجع عن الاستثمار بها.

*-*

إثيوبيا تتهم مصر رسميا بدعم جبهة تحرير الأورومو
أديس أبابا – ش – وكالات
وجهت إثيوبيا، أمس الإثنين، اتهامات رسمية إلى مصر بالسعي لـ"نسف استقرارها" عبر تقديم لجماعة معارضة مسلحة، لافتة إلى أنها "تملك أدلة واضحة" بهذا الخصوص. وقال المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، “جيتاشو ردا”، في مؤتمر صحفي عقده في أديس أبابا أمس الاثنين، إن الحكومة “لديها أدلة واضحة تثبت تقديم مصر كافة أشكال الدعم المالي والتدريب للعناصر الإرهابية لنسف استقرار البلاد”، على حد تعبيره.
وأمس الأول، أكدت وزارة الخارجية المصرية نبأ استدعاء السلطات الإثيوبية للسفير المصري لدى أديس أبابا، للاستفسار عما تردد بشأن دعم القاهرة لجبهة "الأورومو" المعارضة المسلحة. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، في بيان صحفي إن “وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية (برهاني كرستوس) كان قد طلب مقابلة السفير المصري (أبو بكر حفني) بالفعل الأسبوع الفائت؛ للاستفسار عن حقيقة ما تم تداوله من مقاطع مصورة تظهر شخص يتحدث باللهجة المصرية مع تجمع يعتقد البعض بأنه من المنتمين لعرقية الأورومو في إثيوبيا".
وبحسب بيان الخارجية، أكد السفير المصري في لقائه مع المسؤول الأثيوبي (دون توضيح تاريخ اللقاء بدقة) على أن مصر “لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، لاسيما الدول الشقيقة مثل أثيوبيا، وان ما تم تداوله من مقاطع مصورة أو أخبار مرسله لا تمت للواقع بصلة، وأنه لا يجب استبعاد وجود أطراف تسعى إلى زرع الفتنه والوقيعة بين مصر وأثيوبيا".
والأربعاء الفائت، اتهم التلفزيون الإثيوبي مصر بدعم “جبهة تحرير الأورومو” المعارضة المسلحة، في خطوة غير مسبوقة، وهو ما نفته الخارجية المصرية آنذاك. وعرض التلفزيون الإثيوبي، في نشرته الإخبارية، مشاهد قال إنها لاجتماع معارضين من “جبهة تحرير الأورومو”، التي تحظرها سلطات أديس أبابا، عُقد في مصر، وعمد التلفزيون على إعادة بث تلك المشاهد في نشرات لاحقة مع تعليق يحمل اتهامات للقاهرة بدعم “الأورومو” ومحاولة زعزعة الاستقرار بإثيوبيا.
وشهد إقليم “أوروميا” تظاهرات عنيفة في ديسمبر 2015، وأغسطس 2016، سقط فيها قتلى وجرحى، بعد اعتراض المحتجين على خطط حكومية لتوسيع حدود العاصمة، لتشمل عددًا من مناطق الإقليم، معتبرين أن الخطة “تستهدف تهجير مزارعين من قومية (الأورومو)”.
ويتمتع إقليم “أوروميا” بحكم شبه ذاتي، ويتبع الكونفيدرالية الإثيوبية المكونة من 9 أقاليم، والتي بدأت الحكم الفيدرالي عام 1991، بعد سقوط نظام منغستو هايلي ماريام. وتعد “الأورومو” أكبر القوميات الإثيوبية، وتشكل نحو 38% من مجموع سكان إثيوبيا البالغ 95 مليون نسمة.