الإغاثة في حلب تتحدى الحرب

الحدث الاثنين ١٠/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
الإغاثة في حلب تتحدى الحرب

حلب – ش – وكالات

بعد غارات استهدفت حيا في شرق مدينة حلب قبل اسبوعين، هرع ابو حسن المتطوع في الدفاع المدني إلى موقع القصف، من دون ان يخال للحظة واحدة ان يكون ابنه المتطوع مثله، في عداد القتلى.

الخوذ البيضاء
داخل مركز مهجور للدفاع المدني في حي باب النيرب، يشير الوالد المفجوع (50 عاما) إلى صورة يبدو فيها ابنه حسن (26 عاما) مع أحد زملائه مبتسما، معلقة على حائط إحدى الغرف تكريما لهما.
انضم الوالد وابنه قبل ثلاث سنوات إلى صفوف متطوعي الدفاع المدني أو "الخوذ البيضاء"، الذين جالت صورهم العالم وهم يسحبون الضحايا من تحت الانقاض وينقلون الجرحى، بعد كل غارة تستهدف الاحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في حلب وفي مناطق اخرى.
ومنذ ذاك الحين، شارك ابو حسن في عشرات مهمات الانقاذ في شرق حلب، بعدما تخلى عن مهنته السابقة كنجار، لكن اللحظات التي عاشها قبل اسبوعين لا يمكن ان تمحى من ذاكرته.
ويروي ابو حسن لوكالة فرانس برس تفاصيل تلك الليلة المأساوية. ويقول "قبل اسبوعين، كان هناك قصف جوي ليلا على احياء المدينة، سمعنا نداءات استغاثة عبر اللاسلكي من حي الصالحين تفيد بوقوع مجزرة نتيجة غارة جوية".
في تلك الاثناء، كان حسن في الحي ذاته في مهمة لشراء المازوت لسيارة الاسعاف التابعة للمركز، وكان والده يعرف ذلك.
يستعيد ابو حسن تلك اللحظات "عندما وصلت إلى مكان القصف كان هناك العديد من الجثث ملقاة على الارض.. اخبرني احدهم أن هناك المزيد من الجثث خلف المبنى المستهدف. سارعت إلى هناك وبدأت اشعر بالخوف. وجدت شابا ملقى على بطنه ومصابا إصابات بالغة في البطن والساق والرأس. قلبته بيدي لأرى وجهه".
ويضيف وهو يحبس دموعه "واذ بي اجد ولدي. لقد كانت اصعب لحظة في حياتي كلها وليس اثناء تطوعي في الدفاع المدني فقط".
وبعد نقل جثة ابنه الذي ترك خلفه زوجة وطفلين، إلى مركز باب النيرب، بقي ابو حسن قربه طيلة الليل. ويقول "في الصباح اخذته إلى المقبرة ودفنته بيدي".

انقاذ المنقذين
في تلك الليلة، انضم حسن وزميله الذي قتل معه في الغارة ذاتها إلى عشرات المتطوعين الذين فقدوا حياتهم منذ تأسيس المنظمة في العام 2013، بعد نحو عامين على اندلاع النزاع السوري. وبات عددهم 142 متطوعا اليوم.
في مركز باب النيرب المؤلف من طابق واحد، علقت صورة حسن وزميله إلى جانب صور متطوعين اخرين مع اسمائهم مع اربع خوذ بيضاء. كما كتبت على الجدران شعارات اخرى بينها "صامدون" و"الاطفاء يعني الرجولة والفداء".
في باحة المركز، يعمل متطوعون على تنظيف خوذهم البيضاء، التي يحملون اسمها، في وقت ينهمك اخرون في طلاء سيارات الاسعاف والاطفاء البيضاء اللون بالطين، في محاولة لحجبها عن الطائرات التي تواصل التحليق في سماء الاحياء الشرقية في حلب.
ويحمل ثلاثة الاف متطوع وبينهم نحو مئة امرأة، ارواحهم على اكفهم في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ثماني محافظات سورية، بينها حلب، حيث يخاطرون بحياتهم لانقاذ الجرحى وسحب جثث القتلى.
ويروي محمد واوي احد متطوعي الدفاع المدني كيف نجا بأعجوبة خلال قيامه وزملائه بمهمة انقاذ في حي استهدفته الغارات.
ويقول "اثناء عملنا، اغار الطيران الحربي علينا واستهدفنا بصاروخ، فأصيب فريق الاطفاء والانقاذ". ويوضح "بعدما كنا نقوم بإنقاذ واسعاف السكان، اصبح السكان هم من يقومون بإنقاذنا" لافتا إلى اصابة ستة افراد من الفريق، لا يزال احدهم في حالة خطرة.
ومنذ اعلان الجيش السوري في 22 سبتمبر بدء هجوم هدفه السيطرة على الاحياء الشرقية في حلب، تتعرض الاخيرة لغارات روسية كثيفة واخرى سورية اوقعت 270 قتيلا على الاقل، وتسببت بدمار هائل في الابنية والمستشفيات، ما استدعى تنديدا من حكومات ومنظمات دولية ومن الامم المتحدة التي تحدثت عن "جريمة حرب" ترتكب في شرق مدينة حلب.
ولم تسلم مراكز الدفاع المدني وسياراته من الغارات ايضا. ويقول مدير مركز الدفاع المدني في حي باب النيرب بيبرس مشعل لفرانس برس "تم استهداف مراكز الدفاع المدني بشكل مباشر من الطيران الحربي" منذ بدء الهجوم.
ويوضح ان مركزين من اصل ثلاثة مراكز في شرق حلب تعرضا لغارات ادت إلى وقف الخدمة في احدهما، كما دمرت ثلث اليات الدفاع المدني ويتلقى سبعة متطوعين العلاج في المستشفيات.

توفي بين يدي
ورغم قساوة التجارب وفظاعة المشاهد التي يراها يوميا، يواصل لؤي مشهدي (25 عاما) الذي يرأس فريقا من المتطوعين القيام بمهامه غير آبه بالمخاطر والغارات.
ويقول وهو يقف امام مبنى مدمر في باب النيرب "منذ ايام عدة، اخرجت طفلا رضيعا من تحت الانقاض في حي الصالحين، يبلغ من العمر اربعة أو خمسة اشهر (..) كان قد فقد رجليه واجزاء من بطنه لكنه لا يزال على قيد الحياة".
ويضيف لؤي وهو اب لطفل من العمر ذاته "ظل الطفل بين يدي نحو ربع ساعة ثم توفي عندما وصلت سيارة الاسعاف (...) كان موقفا صعبا للغاية مرضت بسببه وبقيت في المنزل لثلاثة ايام".
يدرك لؤي ان الموت يلاحقه، ولا يخفي تاثره في كل مرة يقتل فيها احد زملائه.
ويقول "لسنا زملاء عمل فقط بل نحن عائلة واحدة.. بعد المناوبة لفترات طويلة ضمن مركز واحد تصبح العلاقة اكثر من زمالة أو صداقة".
وقتل اربعة متطوعين في المركز ذاته في الشهرين الماضيين اثناء قيامهم بعملهم، وفق لؤي. ويقول "حزنت وبكيت عليهم جميعاً كما لو انهم افراد من عائلتي".

*-*

الجيش التركي يعلن مقتل 31 عنصرا لداعش شمال حلب
أنقرة – ش – وكالات
أعلن الجيش التركي يوم أمس الأحد، عن مقتل 31 من عناصر تنظيم داعش في الاشتباكات والضربات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في ريف حلب. وأوضح الجيش في بيان له، أن 14 عنصراً قتلوا بينما كانوا يحاولون دخول قريتي أخترين وتركمان بارح، الخاضعتين لسيطرة الجيش السوري الحر، بينما قتل 17 آخرين في الضربات الجوية التي نفذها التحالف الدولي على ذات المناطق، حسب وكالة رويترز.
واستطاع الثوار، الخميس الفائت، السيطرة على بلدة أخترين بريف حلب الشمالي، ذات الأهمية الاستراتيجية، والبوابة الرئيسية على مدينة الباب، أبرز معاقل تنظيم "الدولة" بريف حلب.
وتدعم تركيا فصائل الجيش الحر شمال في معاركها ضد تنظيم داعش حيث تشارك قوات خاصة تركية إلى جانب الحر، وكانت أنقرة اطلقت على هذه العملية اسم "درع الفرات"، وبدأتها بطرد تنظيم داعش من جرابلس شمال شرق حلب، ثم اتجهت إلى عمق مناطق الدولة بهدف أكبر وهو تحرير مدينة الباب.
وعلى صعيد آخر؛ قال مندوب سوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري إن استهداف المستشفيات شرق حلب هو بسبب تحويله إلى مركز عمليات للإرهابيين على حد تعبيره. جاء ذلك وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) على لسان الجعفري وإشارته إلى أن "الارهابيين حولوا أهم وأكبر مشفى للعيون في الشرق الأوسط إلى مقر لعملياتهم العسكرية شرق حلب.. هذا جواب على البعض من الزملاء الذين تحدثوا عن استهداف المشافي." وتابع الجعفري قائلا: "إن إفشال مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن حول سوريا يؤكد من جديد غياب الإرادة السياسية لدى معارضيه لمكافحة الإرهاب بشكل حقيقي والتوصل إلى حل للأزمة فيها في حين أن مشروع القرار الفرنسي يعكس حنين فرنسا إلى ماضيها الاستعماري الأسود ويظهر نواياها بتقويض مقومات الدولة السورية."