بيروت – – وكالات
حققت القوات الحكومية السورية أمس الثلاثاء تقدما ميدانيا جديدا على حساب الفصائل المقاتلة بسيطرتها على بلدة استراتيجية في جنوب البلاد، في وقت أعلنت فيه موسكو أن تدخلها عسكريا ساهم في «قلب الوضع» ميدانيا في سوريا.
ويأتي هذا التقدم قبل أيام من انعقاد مفاوضات جنيف بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية. وتعقد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لقوى المعارضة السورية اجتماعا في الرياض لتحسم موقفها النهائي من المشاركة في هذه المفاوضات وسط استمرار الخلافات على تشكيلة الوفد المفاوض.
وتمكنت القوات الحكومية السورية ليل أمس الأول، وأمس الثلاثاء من السيطرة بشكل كامل على بلدة الشيخ مسكين الاستراتيجية التي تعد معقلا رئيسيا للفصائل المقاتلة وبينها «جبهة النصرة» في محافظة درعا، وفق ما اعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان والإعلام الرسمي.
وأوضح المرصد أن القوات الحكومية حظيت بدعم «من ضباط إيرانيين ومقاتلين من حزب الله اللبناني» وغطاء جوي روسي. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة أحكمت سيطرتها بشكل كامل على بلدة الشيخ مسكين».
وسيطرت الفصائل على الشيخ مسكين بشكل كامل قبل سنة. وتشكل البلدة المدخل الشمالي للمنطقة الجنوبية، وتقع على تقاطع طرق استراتيجية، إذ تصل بين دمشق ومدينة درعا (طريق دمشق درعا القديم)، ومحافظة القنيطرة (جنوب). وتتواجد القوات الحكومية في أجزاء كبيرة من مدينة درعا ومحافظة القنيطرة. بينما يسيطر مقاتلو المعارضة إجمالا على مجمل ريف درعا. كما تربط الشيخ مسكين بلدتي بصر الحرير ونوى، خزان المقاتلين في محافظة درعا، وفق المرصد. وقال مصدر امني سوري في درعا لوكالة فرانس برس «تشكل الشيخ مسكين قاعدة تجمع وانطلاق للمسلحين، وهي أحد مراكز الثقل في كامل محافظة درعا، ومنها بدأت عشرات العمليات التي هاجمت جنوب دمشق».
وتعد محافظة درعا مهد الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في مارس 2011 ضد الحكومة السورية، والتي تطورت لاحقا إلى نزاع متشعب الأطراف، تسبب بمقتل اكثر من 260 ألف شخص، ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وتعد السيطرة على الشيخ مسكين آخر الاختراقات التي حققتها قوات النظام في درعا بعد إحرازها تقدما على جبهات عدة أبرزها في حلب (شمال) واللاذقية (غرب) في الأشهر الأخيرة بفعل الدعم الروسي منذ بدء موسكو حملة جوية في 30 سبتمبر. وقال لافروف في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء ان «عمليات سلاح الجو الروسي التي نفذت بناء لطلب السلطات السورية ساعدت فعليا في قلب الوضع في البلاد وتقليص مساحة الأراضي التي يسيطر عليها الإرهابيون». ويطلق الروس والنظام السوري تسمية إرهابيين على المجموعات المتطرفة من تنظيم داعش وجبهة النصرة، وكذلك على كل المجموعات المقاتلة ضد القوات الحكومية.
في وسط البلاد، وبالرغم من إحكام قوات النظام سيطرتها بشكل شبه كامل على مدينة حمص، لا تزال المدينة تتعرض لسلسلة من التفجيرات الانتحارية آخرها تفجيران صباح أمس الثلاثاء استهدفا نقطة أمنية في حي الزهراء وأوقعا 22 قتيلا، بحسب ألإعلام الرسمي.
وقال محافظ حمص طلال البرازي لفرانس برس أن «حاجزا للجيش في شارع الستين في مدينة حمص أوقف سيارة تنتحل صفة أمنية بهدف التفتيش، وبعد ترجل شخص منها اقدم من كان بداخلها على تفجير نفسه داخل السيارة». وأضاف «بعد تجمع الناس اقدم الرجل الثاني على تفجير نفسه أيضا». وقال المرصد من جهته ان التفجيرين أوقعا 29 قتيلا، بينهم 15 عنصرا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها و14 مدنيا. وقبل ثلاثة أيام من الموعد الجديد الذي حدده موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لانطلاق محادثات جنيف، تعقد الهيئة العليا للمفاوضات اجتماعا لها في الرياض اليوم لحسم موقفها النهائي من المشاركة، على وقع ضغوط أمريكية لحثها على المشاركة وتوسيع تمثيل المعارضة عبر القبول بقوى أخرى أبرزها حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي.
وشكلت مشاركة هذا الحزب محور سجال جديد أمس الثلاثاء بين موسكو وأنقره. وقال لافروف «بدون هذا الحزب، بدون ممثليه، لا يمكن أن تحقق المفاوضات النتيجة التي نريدها وهي تسوية سياسية نهائية»، في حين اكد رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو أمام نواب حزبه «نرفض بشكل قاطع حضور حزب الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية الشعب حول طاولة» المفاوضات.
وتحارب وحدات حماية الشعب الكردية، الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديموقراطي، بدعم من الولايات المتحدة، مقاتلي تنظيم داعش. وتعتبر تركيا الحزب الكردي الرئيسي السوري فرعا من حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه إرهابيا. واعلن دي ميستورا أمس الأول أنه سيصار إلى توزيع الدعوات على المشاركين في جنيف، من دون أن يحدد الجهات التي ستتم دعوتها.