القاهرة – خالد البحيري - وكالات
لا صخبَ، ولا مظاهرات عنيفة، ولا تخريب في مصر. الصمت هو السمة البارزة في احتفال المصريين في ذكرى ثورة 25 يناير، حيث انتشر نحو 400 ألف جندي وضابط من الجيش المصري وجهاز الشرطة في مختلف الميادين والمناطق الحيوية لتأمين احتفالات المصريين بالذكرى الخامسة لثورتهم، والتي تمت وسط حضورٍ قليل ومتواضع مقارنة مع السنوات الفائتة، مع فارقِ انتشار الأمن هذا العام وبشكل كثيف، الأمر الذي مكن قوات الشرطة من الحفاظ على النظام ومنع مظاهر التخريب.
قوات الأمن انتشرت على الطرق المؤدية إلى مبنى وزارة الداخلية بشارع محمد محمود، على مقربة من ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة، كما أغلقت الطرق المؤدية إلى بعض مديريات الأمن بالمحافظات، وأقسام الشرطة وتغيير بعض المحاور المرورية، لتوفير «حرم آمن» للمقار الشرطية والأمنية.
وشهد محيط مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون إجراءات أمنية مكثفة وانتشار كثيف لرجال المباحث والأمن المركزي والشرطة السرية، لمنع أي محاولات تخريبية قد تضر بالمبنى والعاملين به، بالإضافة إلى تأمين مكثف لجميع المنشآت الحيوية، وغلق الشوارع المحيطة بقصر الاتحادية ومنعت الحركة المرورية في محيطه تماما، وهو القصر الرئاسي الذي مظاهرات حاشدة واعتصامات ضد حكم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين.
من جانبها، وزعت قيادات من وزارة الداخلية المصرية بمختلف المحافظات باقات الزهور والشيكولاتة، وبطاقات معايدة، مكتوب عليها عبارة «الشرطة في خدمة الشعب»، وهو الشعار الذي اختفى بعد ثورة 25 يناير وتحول إلى «الشعب والشرطة في خدمة الوطن».
أما مرفق الإسعاف المصري فقد استعد لإحياء ذكرى الثورة بتوفير نحو 2824 سيارة إسعاف ورفعت من درجة استعداداتها وجاهزيتها في مجال الإسعاف البري والبحري لمواجهة الحالات الطارئة. وشكلت وزارة الصحة وحدة إدارة أزمات لتأمين المتظاهرين، وتوفير أسرة للرعاية وأكياس الدم، والتأكد من التزام الأطباء ومديري المستشفيات على رأس العمل وملتزمين بالتعليمات خاصة أقسام الطوارئ والحوادث.
وفي اتصال هاتفي لـ»الشبيبة» مع اللواء مدير أمن إسكندرية نادر جنيدي قال: نعمل على تأمين المحافظة بشكل مستمر، واليوم بشكل مكثف، لإيصال رسالة اطمئنان للشعب المصري كله بأن الشرطة قوية وقادرة على حماية الوطن ومقدراته.
وتعليقا على عدم نزول الشباب بكثافة للاحتفال بذكرى الثورة قال أستاذ القانون الدستوري د. عبد الله المغازي لـ»الشبيبة»: نحن نمر بمرحلة صعبة والشباب المصري واع ومدرك أن الوضع صعب، رغم أن لهم مطالب، وقد أحسن الرئيس السيسي بجعل عام 2016 عاما للشباب المصري. وأضاف: الشباب المصري يعي المتغيرات الإقليمية، وبعض الدول حينما تسقط ليس من السهل أن تستعيد عافيتها مرة أخرى، ولدينا مثال ليبيا التي انقسمت بين العديد من الميلشيات، والحال نفسه في اليمن وسوريا والعراق، وخلال وجودنا في المجلس الاستشاري حينما كانت مقاليد الحكم بيد المجلس العسكري اطلعنا على أسرار خطيرة تمس الأمن القومي وبالتالي ندرك جيدا حجم المخاطر التي تحيط بالوطن.
وطالب الدولة المصرية بإفساح المجال للشباب لتولي المناصب القيادية كصف ثاني وثالث، واستحداث آليات حقيقية لتمكين الشباب، ومنحهم فرصة اتخاذ القرارات في ملفات بعينها، وألقى باللوم في تدهور الحالة الاقتصادية والسياسية إلى التمسك بقيادات تجاوزات السبعين عاما، والسماح لهم بالتجريب والخطأ، في حين يمنع الشباب من ذلك.
وعلى صعيد آخر؛ دعا الدكتور يوسف القرضاوي، جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر لإجراء «انتخابات شاملة لمؤسساتها في الداخل والخارج، بأسرع وقت ممكن» للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها، بحسب بيان صدر عنه يوم أمس الثلاثاء. وشدد على ضرورة وقف التراشق الإعلامي بين قيادات الجماعة، ودعا «إلى العمل والتعاون في إطار المؤسسات القائمة للجماعة»، حتى إجراء الانتخابات التي دعا إليها.
وتواجه جماعة الإخوان المسلمين بمصر(تأسست عام 1928)، حاليًا خلافات داخلية متصاعدة، وصلت ذروتها الشهر الفائت عقب إعلان مكتب الإخوان المسلمين في لندن، إقالة الشاب محمد منتصر(اسم حركي مقيم داخل مصر)، من مهمته كمتحدث إعلامي باسم الجماعة وتعيين طلعت فهمي «55 عاما» متحدثًا جديدًا بدلًا منه، وتلا ذلك تدشين موقع الكتروني جديد للجماعة، واستمرار إصدار بيانات مضادة بين قيادات بالجماعة ومكاتب تنفيذية بها، حول إدارة التنظيم وشكل الثورة التي ينتهجونها ضد السلطات المصرية الحالية.
وفي هذا الصدد، دعا القرضاوي إلى «الإعداد لانتخابات شاملة لمؤسسات الجماعة في الداخل والخارج، وإجراؤها بأسرع وقت ممكن، وفق لائحة تنظيمية يجري التوافق عليها في مؤسسات الجماعة؛ لتعزيز ثقة الجماعة والتفافها حول قيادتها، وتطوير رؤيتها، وتفعيل أدائها». وأوضح قائلاً «خلال هذه الفترة، وإلى حين إجراء الانتخابات، فإني أدعو جميع أبنائي وإخواني من قيادات الجماعة إلى العمل والتعاون فيما بينهم في إطار المؤسسات القائمة للجماعة، والصبر على بعضهم البعض». وشدد القرضاوي على ضرورة «التمسك بوحدة الصف، واجتماع الكلمة، والعمل من أجل تحقيق أهداف الجماعة وتعزيز أدائها، ورأب الصدع الواقع بين أبنائها، بما يمكنها من مواجهة التحديات الكبيرة التي تشهدها مصر والمنطقة من حولها».