كوالالمبور –
برأ النائب العام الماليزي أمس الثلاثاء رئيس الوزراء نجيب عبدالرزاق من أي مخالفات جنائية فيما يتعلق بملايين الدولارات من التبرعات السياسية التي وجدت في حساباته المصرفية.
وكان نجيب خاضعا للتحقيق خلال الأشهر الستة الفائتة بسبب 6ر2 بليون رنجيت (673 مليون دولار) وجدت في حساباته المصرفية وقال إنها تبرعات من الشرق الأوسط.
وقال النائب العام محمد أباندي علي في مؤتمر صحفي امس : «بناء على وقائع ودليل، لم يتم ارتكاب أي جرائم جنائية من جانب رئيس الوزراء فيما يتعلق بثلاث من أوراق التحقيق».
يذكر أن القانون الماليزي لا يضع حدا للتبرعات السياسية التي يمكن أن تتلقاها الأحزاب السياسية والأفراد من المانحين الأجانب.
وأمر أباندي لجنة مكافحة الجريمة الماليزية التي تقود التحقيق في القضية، بإغلاق جميع التحقيقات في تلك القضية.
وتعود تلك القضية إلى تقرير في يوليو 2015 نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يفيد بأن مبلغ الـ 6ر2 بليون رنجيت المشار إليه مصدره صندوق تنموي حكومي وجرى تحويله إلى الحسابات المصرفية الخاصة بنجيب.
فضيحة فساد
تتعلق القصة بشركة ماليزية عامة هي 1ماليزيا ديفلوبمنت برهاد، تم تأسيسها بمبادرة من رئيس الحكومة إثر وصوله إلى السلطة عام 2009 بهدف تمويل مشاريع اقتصادية كبيرة، ولكن الشبهات التي تشير إلى عمليات اختلاس للأموال على نطاق واسع في هذه الشركة، أدت لتصاعد التوتر ومطالبة رئيس الحكومة بصورة متزايدة بتقديم إيضاحات بشأن هذه الشبهات.
وتطورت الأمور إلى مطالبة رئيس الحكومة بالاستقالة في مطلع شهر يوليو بعد ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال من معلومات تقول بأن المحققين الماليزيين اكتشفوا أن حوالي 700 مليون دولار قد نقلت من خلال وكالات عامة ومصارف وشركات متصلة بشركة «1 ماليزيا ديفلوبمنت برهارد»، قبل العثور عليها في حسابات شخصية لنجيب.
وسارع رئيس الحكومة وشركة «1 ماليزيا ديفلوبمنت برهارد» التي تناهز ديونها 11 بليون دولار، إلى تقديم نفي شديد لقيامهما بممارسات تخالف القانون. واتهم نجيب الصحيفة الأمريكية بـ»التخريب السياسي»، كما أكدت شركة 1ماليزيا ديفلوبمنت برهارد أنها لم تنقل أي مبلغ مالي إلى حسابات نجيب.
محيي الدين ياسين نائب رئيس الحكومة المقال كان قد انتقد طريقة نجيب في إدارة هذه الأزمة ودعا إلى المزيد من الشفافية، وضم صوته إلى أصوات المنتقدين المتزايدة والتي طالبت نجيب بالرد على المعلومات التي تحدثت عن اختلاس مئات ملايين الدولارات من الشركة المذكورة عبر عمليات تحويل معقدة في الخارج ولم تبرر يوما.
وكان رد رئيس الحكومة هو إقالة محيي الدين، وقال رئيس الحكومة في إشارة واضحة إلى نائبه المقال ووزراء آخرين يطرحون تساؤلات حول هذه القضية، إنه ينبغي على أعضاء الحكومة «ألا يكشفوا علنا خلافاتهم التي يمكنها أن تؤثر سلبا على الرأي العام ضد الحكومة وماليزيا»، كما أجرى نجيب تعديلا وزاريا، استبدل فيه تسعة وزراء بهدف تشكيل فريق «أكثر تناغما» تمهيدا للانتخابات المقبلة المقررة في 2018 وفقا لتوضيحات نجيب.
وفيما يتعلق بالمدعي العام عبد الغني باتاي، الذي كان قاد تحقيقا حول فساد مفترض في هذه الشركة التي يساهم فيها نجيب، فقد أعلنت الحكومة في بيان لها أنه أقيل أيضا «لأسباب صحية».
المؤكد هو أن صندوق «1 ماليزيا ديفلوبمنت برهارد»، ومنذ تأسيسه في 2009، بعد أشهر على تسلم نجيب مهام منصبه، يواجه هذا الصندوق مشاكل كثيرة، وأدى تضخم حجمه وحجم ديونه إلى مخاوف من إفلاسه أو وضع خطة مالية باهظة لإنقاذه، ساهمت في هبوط قيمة العملة المحلية التي وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 17 عاما.
وتغذي قرارات رئيس الحكومة الأخيرة التكهنات والشبهات في أنه يريد تجنب دعوات الشفافية وملاحقات قضائية محتملة.
ومنعت السلطات الماليزية في يونيو صدور صحيفة يومية باللغة الانجليزية طوال ثلاثة أشهر، لأنها توجه في مقالاتها انتقادات شديدة اللهجة إلى هذه الفضيحة المالية، مما أثار غضب وسائل الإعلام التي نددت بالتعرض الخطير لحرية الصحافة.
في نوفمبر الفائت قال سياسي ماليزي بارز إن هناك مخططا للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء نجيب عبدالرزاق، الذي يواجه ادعاءات بالفساد. وقال نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الداخلية أحمد زاهد حميدي للبرلمان إن هيئات تنفيذ القانون ما زالت تجمع أدلة بشأن هذا الأمر.
وأضاف: «اكتشفت الحكومة أنشطة معينة للإطاحة بالإدارة دون المرور بالعملية الديمقراطية». وتابع أنه لن يتسنى الكشف عن الأدلة والأنشطة لأسباب أمنية.
مسيرة سياسية
نجيب تون رزاق هو سياسي ماليزي، يشغل حاليا منصب رئيس وزراء ماليزيا منذ 3 أبريل 2009 خليفة لعبد الله أحمد بدوي. نجيب عضو المنظمة الوطنية المتحدة للملايو. وهو ابن تون عبد الرزاق، ثاني رئيس وزراء لماليزيا، وابن أخت حسين عون، ثالث رئيس وزراء لماليزيا، ولذلك يعتبر من عائلة سياسية زرقاء الدماء.
وُلد نجيب محمد بن تون حاجي عبد الرزاق في 23 يوليو 1953 بمدينة كوالا ليهيس الصغيرة وهو الابن البكر لحاجي عبد الرزاق الذي كان ثاني رئيس وزراء في تاريخ ماليزيا، وقد تولى هذا المنصب من 1970 إلى 1976. كما أنه ابن أخت تون حسين عون ثالث رئيس وزراء في تاريخ ماليزيا، الذي تولى رئاسة الوزراء من 1976 إلى 1981 تاريخ تنازله عن الحكم لصالح رئيس الوزراء السابق محاضر محمد.
درس نجيب مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي في مؤسسة سانت جونز بكوالالمبور، ثم ذهب إلى بريطانيا، إذ التحق بعدد من الجامعات الخاصة هناك.