ســــــانتــوس يحجــز مقعـــده رسميا بين صناع السلام بالعالم

الحدث السبت ٠٨/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:١٠ ص

أوسلو -
منحت جائزة نوبل للسلام للعام 2016 أمس الجمعة إلى الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس تكريما لجهوده في إنهاء خمسة عقود من الحرب في بلاده رغم النكسة التي أحدثها رفض الكولومبيين اتفاق السلام التاريخي الذي وقعه مع القوات المسلحة الثورية (فارك).

وقالت رئيسة لجنة نوبل كاسي كولمان فايف خلال مراسم الإعلان عن الجائزة في أوسلو إن «لجنة نوبل النروجية قررت منح جائزة نوبل السلام للعام 2016 للرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس تكريما لجهوده الحثيثة في إنهاء أكثر من 50 عاما من الحرب الأهلية في بلاده».

وأشارت رئيسة اللجنة إلى «خطر فعلي في توقف عملية السلام واندلاع الحرب الأهلية مجددا. وهذا يعطي أهمية أكبر لمواصلة الأطراف برئاسة الرئيس سانتوس وزعيم فارك رودريجو لوندونو احترام وقف إطلاق النار». وأضافت «نأمل في أن يشجع هذا الأمر كل المبادرات الجيدة وكل الأطراف القادرة على لعب دور حاسم في عملية السلام وأن يحمل أخيرا السلام إلى كولومبيا بعد عقود من الحرب».

وكان الرئيس الكولومبي وقع في 26 سبتمبر مع قائد «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» رودريجو لوندونو المعروف باسمي «تيموليون خيمينيز» و»تيموشنكو»، اتفاق سلام تاريخي لإنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من نصف قرن في البلاد. لكن الناخبين الكولومبيين رفضوا في استفتاء نظم الأحد الفائت اتفاق السلام وطالبوا بشكل خاص بعدم مشاركة عناصر المتمردين الذين يلقون السلاح في الحياة السياسية وأن يودعوا في السجون بدلا من الاستفادة من عقوبات بديلة، ما شكل صدمة كبرى.وأرغم فشل الاستفتاء بوغوتا والمتمردين على استئناف محادثاتهما مجددا. وكانت كل توقعات الخبراء في جائزة نوبل ترجح فوز أطراف النزاع الكولومبي بالجائزة منذ البداية، لكن رفض اتفاق السلام في الاستفتاء دفعهم إلى إعادة النظر في ذلك.

واعتبرت رئيسة اللجنة أن رفض غالبية ضيقة من الناخبين الكولومبيين الاتفاق في استفتاء الأحد «لا يعني بالضرورة أن عملية السلام انتهت».

لا جائزة لفارك

وبموجب التقليد الذي تتبعه، لم تشأ لجنة نوبل توضيح أسباب عدم منح الجائزة مناصفة بين الرئيس الكولومبي وفارك.

وأعلن الرئيس سانتوس الأربعاء بعد لقائه معارضي الاتفاق وبينهم الرئيس السابق الفارو اوريبي، أن السلام «قريب» وستبلغه كولومبيا.
وعبر قائد «فارك» من جهته عن آمال مماثلة بعد فشل الاستفتاء، قائلا «هذا لا يعني أننا خسرنا المعركة من أجل السلام».
ونص الاتفاق على نزع أسلحة 5765 من متمردي «فارك» وتحويل هذه الحركة إلى مجموعة سياسية تتولى مقاعد في الكونجرس الكولومبي. كما نص على تعويضات للضحايا وإجراء محاكمات ووقف إنتاج المخدرات الذي كان يؤجج النزاع.
على مر العقود، أوقع النزاع أكثر من 260 ألف قتيل و45 ألف مفقود و6,9 مليون نازح. وتتألف جائزة نوبل من دبلوم وميدالية ذهبية وشيك بقيمة ثمانية ملايين كورون سويدي (حوالي 830 ألف يورو). وستسلم في 10 ديسمبر في أوسلو في ذكرى رحيل مؤسس جوائز نوبل العالم السويدي ألفرد نوبل.
وكانت جائزة نوبل للسلام منحت في العام 2015 إلى رباعي الحوار التونسي تكريما لجهودهم في إنقاذ عملية الانتقال الديمقراطي في تونس العام 2013.
من جانبه نقل الأمين العام للجنة نوبل النرويجية أمس الجمعة عن الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس قوله إن فوزه بجائزة نوبل للسلام سيساعد في النهوض بعملية السلام في البلاد.
وقال أولاف نيولستاد لإذاعة (إن.أر.كيه) النرويجية بعد أن تحدث مع الزعيم الكولومبي عبر الهاتف «كان متأثرا وممتنا. قال إن لها (الجائزة) أهمية بالغة في النهوض بعملية السلام في كولومبيا».
وحصل سانتوس على جائزة نوبل للسلام للعام 2016 أمس الجمعة.

خمس مراحل

في ما يلي المراحل الخمس الأساسية التي مرت بها حركة التمرد الماركسية «القوات المسلحة الثورية» (فارك) وعملية السلام التي أدت إلى منح الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس الجمعة جائزة نوبل للسلام للعام 2016:

!1964: التأسيس: يعتبر الـ27 من مايو 1964 تاريخ ولادة «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» لأنه اليوم الذي شهد أول معركة لمجموعة من الفلاحين بقيادة بيدرو انطونيو مارين الذي عرف باسمه الحركي مانويل مارولاندا فيليز أو «تيروفيخو»، بعد هجوم للجيش على ماركيتاليا، البلدة الواقعة في وسط كولومبيا التي كانت تعتبرها حكومة الرئيس حينذاك غييرمو ليون فالنسيا «جمهورية مستقلة» تميل إلى الشيوعية.

!1984 و1991 و1999: ثلاث عمليات سلام وثلاثة إخفاقات أول محاولة حوار للسلام بين الحكومة و»فارك» بدأت في 28 مارس 1984 برئاسة بيليساريو بيتانكور من أجل هدنة ثنائية. هذه المفاوضات أخفقت في 1987 مثل الجولات التي تلت في 1991 في عهد سيزار غافيريا و1999 في عهد أندريس باسترانا. وهذه العملية اأخيرة استمرت حتى 2002 وتعرف باسم «حوارات كاغان» المنطقة المنزوعة السلاح التي تبلغ مساحتها 42 ألف كيلومتر مربع في جنوب البلاد حيث تجمع المقاتلون خلال المحادثات.

!تسعينات القرن العشرين: تصعيد من قبل المتمردين تحمل تسعينات القرن الفائت ذكرى استراتيجية «فارك» التي شملت عمليات خطف مدنيين للحصول على فديات وهجمات على القرى وعلى قواعد عسكرية ومراكز للشرطة. ومن أشهر هذه العمليات السيطرة على بلدة ميتو في الأمازون في 1998، التي أسفرت عن سقوط 37 قتيلا واحتجاز 61 شرطيا، وكذلك مجزرة بوخايا في 2002 التي قتل فيها 79 شخصا.

لكن القضية التي كان لها أكبر أثر مدو في الخارج كانت على الأرجح خطف المرشحة السابقة للرئاسة انغريد بيتانكور في 2002. وخطف الفرنسية الكولومبية شكل رمزا لمأساة الكولومبيين المحتجزين لدى المتمردين بعضهم لعشر سنوات.

!الألفية الجديدة: خطة «كولومبيا لمكافحة المخدرات» وهجوم الدولة أطلقت الولايات المتحدة وحكومة أندريس باسترانا في العام 2000 «خطة كولومبيا لمكافحة تهريب المخدرات» التي وسعت بعد ذلك لتشمل المتمردين. بذلك بدأ عقد من هجوم شرس على «فارك» في عهد الرئيس الفارو اوريبي (2002-2010) الذي أقسم على دحر المتمردين عسكريا.

في 2008 وبعد موت «تيروفيخو» لأسباب طبيعية كما يبدو، قتل الجيش لويس ادغار ديفيا الملقب راول رييس المسؤول الدولي لفارك في عملية جرت في الإكوادور بالقرب من الحدود.

تواصل ضرب حركة التمرد في عهد الرئيس خوان مانويل سانتوس: ففي 2010 قتل خورغي بريسينيو الملقب «مونو خوخوي» في قصف، ثم في 2011 سقط غييرمو سينز الملقب الفونسو كانو خليفة «تيروفيخو».

!2016: رفض اتفاق السلام في الاستفتاء في 18 أكتوبر 2012 وبمبادرة من دوس سانتوس وزعيم «فارك» الجديد رودريجو لوندونيو الملقب تيموليون خيمينز «تيموشينكو»، بدأت في أوسلو عملية سلام جديدة. ودشنت رسميا في ‏نوفمبر في هافانا بحضور كوبا والنروج كدولتين ضامنتين، وتشيلي وفنزويلي كدولتين مواكبتين للمفاوضات.

بعد أربع سنوات وفي 26 ‏سبتمبر 2016، وقعت الحكومة الكولومبية مع متمردي فارك اتفاق سلام تاريخيا. وعرض على استفتاء في 2 ‏أكتوبر لكن غالبية من الناخبين رفضته، ما أثار مفاجأة كبيرة.

ترشيحات سابقة

ظلت جائزة نوبل للسلام مفتوحة احتمالات شتى وتراوح المرشحون لنيلها من متطوعي الدفاع المدني في سوريا إلى مهندسي الاتفاق حول الملف النووي الإيراني مرورا بطبيب كونجولي يعتني بنساء ضحايا جرائم اغتصاب.

وكان توقع اسم الفائز أقرب إلى التكهن هذه السنة نظرا إلى وجود عدد قياسي بلغ 376 مرشحا ومنظمة متنافسة، وما يزيد من هامش المفاجأة الإبقاء على سرية هوية المرشحين، إلا عندما يقرر داعموهم الكشف عن أسمائهم.
وكان بيتر فلنشتين الأستاذ في جامعة اوبسالا السويدية قد اعتبر في وقت سابق أن جائزة نوبل قد تمنح إلى عرابي الاتفاق النووي الموقع في يوليو 2015 الذي ينص على رفع العقوبات الدولية عن إيران في مقابل تحديد إطار صارم لأنشطتها النووية.
وفي مجال آخر، كانت هناك تكهنات بأن يتم تكريم الخوذ البيضاء السورية وهي فرق الدفاع المدني التابعة للفصائل المعارضة، نظرا إلى جهودهم التي تنقذ أرواحا في سوريا، في وقت يشن نظام الرئيس بشار الأسد مدعوما من حليفته روسيا هجوما داميا يستهدف الأحياء الشرقية من حلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
واعتبرت صحيفة «جارديان» البريطانية في إحدى افتتاحياتها هذا الأسبوع أن «ما تقوم به الخوذ البيضاء قد يبدو كأنه نقطة ماء في محيط، غير أن ما يمثلونه أمر هائل، هو الصمود والشجاعة في مواجهة الهمجية»، حاضة على منحهم جائزة نوبل للسلام.
وتم مجددا ترشيح الطبيب الكونجولي دنيس موكويجي الذي يقدم المساعدة لعدد كبير من النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية. كما تم ترشيح ناديا مراد الشابة الأيزيدية العراقية التي عانت كابوسا لثلاثة أشهر من العبودية الجنسية لدى تنظيم داعش، وأصبحت سفيرة للأمم المتحدة لكرامة ضحايا الاتجار بالبشر.

الفائزون في السنوات العشر الأخيرة

لائحة بأسماء الفائزين بجائزة نوبل للسلام في السنوات العشر الأخيرة:

!2016: الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس تكريما لجهوده في أجل السلام مع حركة «القوات المسلحة الثورية» (فارك).

!2015: رباعي الحوار التونسي الذي منح الجائزة تكريسا لجهوده في إنقاذ عملية الانتقال الديمقراطي في تونس العام 2013.

!2014: ملالا يوسفزاي (باكستان) مناصفة مع الهندي كايلاش ساتيارثي تتويجا لنضالهما من أجل وقف استغلال أطفال وشباب ولتأمين حق التعليم لكل الأطفال.

!2013: منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بسبب جهودها الهادفة للتخلص من أسلحة الدمار الشامل.

!2012: الاتحاد الأوروبي بسبب مساهمته في تحقيق السلام في قارة شهدت حربين عالميتين.

!2011: ايلين جونسون سيرليف وليما غبوي (ليبيريا) وتوكل كرمان (اليمن) تتويجا لنضالهن السلمي من أجل تأمين سلامة النساء وحقهن في المشاركة في عملية السلام.

!2010: ليو تشياوباو (الصين) المنشق الذي سجن بسبب «جهوده الدائمة والمسالمة في سبيل حقوق الإنسان في الصين».

!2009: باراك أوباما (الولايات المتحدة) عن «جهوده الاستثنائية الهادفة لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب».

!2008 : مارتي اهتيساري (فنلندا) عن وساطات السلام العديدة التي قام بها في مختلف أنحاء العالم.

!2007: آل غور (الولايات المتحدة) والهيئة الحكومية للتغييرات المناخية التابعة للأمم المتحدة عن الجهود التي أتاحت زيادة الخبرات والمعرفة حول ظاهرة التغير المناخي.

!2006: محمد يونس (بنجلادش) ومصرف غرامين لأن «السلام الدائم لا يمكن أن يتحقق بدون أن يجد قسم كبير من الشعب الوسائل للخروج من الفقر».