الاقتصاد والمجتمع والإجازات

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٦/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
الاقتصاد والمجتمع والإجازات

محمد بن أحمد الشيزاوي
shfafiah@yahoo.com

يبدو أن المشرّعين لدينا ينسون أن هناك ارتباطا وثيقا بين الاقتصاد والإجازات التي تكون حينا محفّزا اقتصاديا وحينا آخر مستنفدا لطاقات المجتمع، كما يبدو أنهم ينسون أن أغلب المواطنين يعملون في محافظة مسقط ولديهم ارتباط وثيق بولاياتهم التي نشأوا فيها والتي تبعد عن مسقط بمسافاتبعيدة؛ وتأتي الإجازة لتكون بمثابة استراحة يقضيها الموظف في قريته ووسط عائلته الكبيرة بعيدا عن ضغوطات العمل وليعود إلى عمله بنشاط أكثر.
ونظرا للمسافات البعيدة بين مسقط والعديد من ولايات السلطنة فإن الكثير من العائلات تفضل البقاء في مسقط في الإجازات القصيرة على أن تذهب إلى ولاياتها في الإجازات التي تزيد على اليومين نظرا لارتباطها بأعمالها من جهة ومدارس أولادها من جهة أخرى.
وقد أحدثت إجازة السنة الهجرية هذا العام "ربكة" بين الموظفين والعائلات التي غادرت مسقط يوم الخميس إلى ولاياتها لقضاء 3 أيام هناك؛ على اعتبار أن التقويم الهجري يشير إلى أن يوم الأحد هو غرة محرم وبالتالي ستستمر الإجازة لمدة 3 أيام متتالية ولكن رؤية الهلال لم تثبت مما اضطر الجميع للعودة إلى مسقط بعد الساعة السابعة من مساء السبت.
هذه الربكة لم تقتصر على الموظفين وعائلاتهم وإنما شملت أيضا طلبة الجامعات والكليات الذين اضطروا للعودة إلى مسقط في أوقات متأخرة، وإذا كان من السهل على الموظف أن يأخذ إجازة من رصيده فإن طلاب الجامعات والكليات سيكون من الصعب عليهم أن يتغيبوا عن محاضراتهم، هذا فضلا عن أن الطالبات اللاتي يأتين عبر السيارات والحافلات الخاصة إلى نحو 20 جامعة وكلية خاصة في مسقط لابد عليهن أن يغادرن ولاياتهن بعد صلاة العصر حتى يصلن في أوقات مناسبة، أما أن يغادرن بعد الساعة السابعة مساء (عند إعلان عدم ثبوت رؤية الهلال) فإن وصولهن إلى مسقط سيكون بعد الحادية عشرة ليلا وهو أمر مزعج لهن ولأهاليهن ولسائقي الحافلات ولإدارات السكن الداخلي.
أمر آخر لا يقل أهمية عن ذلك وهو الارتباك الذي حدث في مواعيد المرضى في المستشفيات الحكومية، وكما نعلم فإن المستشفيات عادة ما تعتبر التقويم الهجري الصادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مرجعا لها في حجز مواعيد المرضى وبما أن المواعيد تكون قد حجزت قبل 3 أو 6 أشهر فإن المرضى الذين كانت مواعيدهم يوم الاثنين ذهبت عليهم هذه المواعيد وسيتحتم عليهم أخذ مواعيد جديدة، ونظرا للازدحام في المستشفيات فإنه من الصعب عليهم الحصول على مواعيد جديدة خلال فترة وجيزة.
وهكذا نجد أن هناك العديد من الخسائر الاجتماعية والاقتصادية نتيجة لعدم تحديد الإجازة بشكل واضح منذ الإعلان عنها، هذا فضلا عن أن العديد من الموظفين تغيبوا يوم الأحد، وكثير من الذين داوموا يوم الأحد ذهبوا إلى ولاياتهم مساء اليوم نفسه وعادوا إلى مسقط مساء الاثنين؛ ولِمَ كلُّ هذا العناء وبإمكاننا تفاديه وبشكل يجعل الإجازة مفيدة للموظفين وعائلاتهم والطلبة والاقتصاد الوطني بشكل عام.
كل هذا يجعلنا ندعو المشرّعين إلى أن يأخذوا كل هذه المعطيات في حسبانهم لتحديد الإجازات بحيث يتم في بداية كل سنة ميلادية تحديد الإجازة بشكل واضح خاصة الإجازات التي تحددها رؤية الهلال وإجازات اليوم الواحد التي تقع في وسط الأسبوع خاصة أن الإجازات الدينية هي تذكير للمسلمين بأحداث عظيمة شهدتها الأمة الإسلامية وليست من أجل عبادة مخصوصة تقام في ذلك اليوم وبالتالي فإن تقديمها إلى بداية الأسبوع أو ترحيلها إلى نهايته لن يضرنا في شيء، بل سيحقق العديد من المكاسب التي تعود على المجتمع والاقتصاد بكل خير.