حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
بدأ بعض التجار العمانيين بالتعليق على تراجع مركز السلطنة في تقرير التنافسية العالمي لعام 2016/ 2017 والذي صدر مؤخرا وذلك من المركز 62 إلى المركز الجديد 66، أي بتراجع 4 درجات في الوقت الذي تبذل فيه الجهات المعنية الجهود لتسهيل الأمور في العمل التجاري ومكافحة الفساد سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى مؤسسات المجتمع المدني، والعمل على تغيير البيئة التجارية وربطها بالتقنيات الحديثة. هؤلاء التجار يرون بأن مرض البيرواقراطية في بعض المؤسسات الحكومية مازالت تعطل الكثير من التشريعات والقوانين، وبالتالي ينعكس ذلك سلبا على الأنشطة التجارية والخدمية التي يود المستثمر الدخول فيها وأنهاء معاملاتها في الوقت المطلوب، خاصة في هذا الزمن الذي يعتمد على التطورات التقنية.
والمعروف أن تقرير التنافسية العالمي يعتبر تقييماً سنوياً للعوامل التى تقود إلى الإنتاجية والازدهار فى 138 دولة حول العالم، إذ أن درجة انفتاح الاقتصادات أمام التجارة الدولية فى مجالي السلع والخدمات، يرتبط بشكل مباشر مع كل من النمو الاقتصادى والإمكانات المبتكرة لتلك الدولة. ولتحقيق ذلك تحتاج الدول إلى تعزيزاستعدادها في العمل والقدرة على الإبداع، وإلى إيجاد مؤسسات سليمة فى القطاعين العام والخاص، بجانب توفير بنية أساسية وصحية وتعليم واستقرار في الاقتصاد الكلى، وأسواق رأس المال. وتقرير التنافسية العالمي يعتمد على تقييم عدد من المؤشرات الفرعية "حوالي 110 مؤشرات" للدول،حيث تعني بالمؤسسات، والبنية التحتية، الاقتصاد الكلي، الصحة والتعليم الابتدائي، التدريب، فاعلية السوق، التعليم العالي، جاهزية التقنية، تطور الأسواق المالية، الابتكار، تقدم الشركات، وحجم السوق. كما يهدف التقرير إلى مساعدة الدول في تحديد العقبات التي تعترض النمو الاقتصادي المستدام ووضع الاستراتيجيات للحد من الفقر وزيادة الرخاء، ويقيِّم قدرتها على توفير مستويات عالية من الازدهار والرفاهية لمواطنيها، ويُعد من التقارير التي توفر تقييما شاملا لنقاط القوة والتحديات لاقتصادات الدول.
التقرير الأخير كشف إلى مواصلة "سويسرا" وتصدرها دول العالم لمؤشر التنافسية العالمية لعام 2016- 2017، وذلك للعام الثامن على التوالى، تلتها سنغافورة فى المركز الثانى، بينما احتلت الولايات المتحدة المركز الثالث، وهولندا الرابع، وألمانيا الخامس، والسويد السادس، والمملكة المتحدة السابع، واليابان الثامن، وهونج كونج التاسع، وفنلندا العاشر.
وعلى مستوى الدول العربية جاءت دولة الإمارات العربية الأولى محتلة بذلك المركز الـ16 عالميا تلتها قطر فى المركز الـثاني عربيا والـ 18 عالميا متراجعة عن المركز الـ14 في العام الفائت، فيما تراجع ترتيب المملكة العربية السعودية من المركز 25 إلى المركز29 عالميا، ثم دولة الكويت في المركز الـ38، ثم البحرين فى المركز الـ48، والأردن فى المركز الـ63، ثم السلطنة فى المركز الـ66، والمغرب فى المركز الـ70، والجزائر فى المركز الـ87، وتونس فى المركز الـ95 ولبنان فى المركز الـ101 ومصر فى المركز الـ115، وتزيلت اليمن قائمة الدول فى مؤشر التنافسية العالمية إذ احتلت المركز الـ138.
ويرى التقرير أن معظم الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا زالت تعانى من عدم استقرار فى الناحية الجيوسياسية والاقتصادية، بسبب الصراعات التى اندلعت فى ليبيا وسوريا واليمن وغيرها، مما يقوض التقدم الاقتصادى فى المنطقة ككل، مشيرا إلى أن عدم الاستقرار أيضا سببه عدم اليقين المتعلق بأسعار النفط وتراجعها، والذى أثر على دول المنطقة بأشكال عدة، بجانب ما تعاني منها من نقص في البنية التحتية الرقمية التي تعتبر السمة الرئيسية للتداخل الرقمى والمادى والتكنولوجي الذي من خلاله يمكن تغيير العالم نتيجة للتغيرات التاريخية التي تتعلق بحجم وسرعة ونطاق الثورة الصناعية الرابعة المتعلقة بالبنية التحتية للثورة الرقمية التي تهتم بها الدول اليوم. فتراجع قيمة هذه البنية يعني في نهاية الأمر تزايد عدد الباحثين عن العمل في تلك الدول، فيما تشير توقعات عام 2016 انضمام حوالي 3.8 مليون شخص إلى قوة العمل فى العام 2021 فى المنطقة. ويرى التقرير أنه مع زيادة أعداد الشباب فى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فان ذلك يتطلب ايجاد فرص العمل فى القطاع الخاص والذي يطالب بدروه بتسهيل الأمور والاصلاحات الاقتصادية ليتمكن من التنويع وزيادة الإنتاجية، مع ضرورة جعل الاقتصاد أكثر شمولية ليلبي مطالب الشعوب برفع مستوى معيشتهم، وتعزيز الفرص الاقتصادية لهم. هذه القضايا تحتاج إلى اصلاحات بهدف تقوية القطاع الخاص، والترويج للتنافسية وتخفيف القيود وجعل أسواق العمل أكثر مرونة، خاصة في هذه الظروف التي تتراجع فيها أسعار النفط العالمية، الأمر الذي سوف يساعد إلى إيجاد مزيد من فرص العمل ويسمح للاستثمارات بالتحرك وبالتالي تعزز من درجة التنافسية واستقرار بيئة الاقتصاد الكلي.