توقفوا عن اللعب بالزر النووي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٤/أكتوبر/٢٠١٦ ٢٢:٤٣ م
توقفوا عن اللعب بالزر النووي

إيرا هيلفاند
روبرت دودج

يتساءل عدد متزايد من السياسيين وخبراء الأمن القومي هل يكون من الآمن أن يضع دونالد ترامب إصبعه على الزر النووي؟ ولكن هل يطرح هؤلاء السؤال الصحيح؟
في رسالة مفتوحة، حذر خمسون خبيرا من خبراء الأمن القومي من الحزب الجمهوري من أن ترامب يمتلك "صفات خطيرة تجتمع في فرد يطمح لأن يكون رئيسا وقائدا أعلى، مع قيادة الترسانة النووية الأمريكية".
أو، على حد تعبير هيلاري كلينتون في كلمة قبول ترشيح الحزب الديمقراطي لها: "رجل يمكنك أن تغويه بتغريدة ليس رجلا يمكننا أن نثق في قيادته للأسلحة النووية".
في الواقع سيكون خطيرا جدا أن يسيطر شخص غير مستقر وقليل الثقافة على ترسانة نووية. ولكن الشيء الضمني في هذه التحذيرات هو فكرة أنه لا بأس أن يكون هناك شخص "طبيعي" هو المسؤول. وفي الحقيقة، هناك كثيرون من نقاد ترامب يؤيدون صراحة فكرة أن الأسلحة النووية عندما تكون في الأيدي الصحيحة فإنها تكون بمثابة رادع فعال لأي هجوم نووي من قبل القوى الأخرى وستكون هي الضمان الأفضل، بل وحتى النهائي، لأمننا القومي.
إن هذه الحجة – التي هي لصالح الصيانة المستمرة لترسانة نووية قادرة على تدمير الحضارة البشرية – تعتمد على فرضية أن هذه الأسلحة النووية موجودة فقط من أجل إقناع القوى النووية الأخرى بعدم الهجوم، وأننا لن نستخدمها استخداما فعليا مطلقا.
ولكن للأسف، ترفض مراجعة الوضع النووي الأمريكي لعام 2010 صراحة فكرة أن الهدف الوحيد للأسلحة النووية الأمريكية هو الردع، وقد هددت الولايات المتحدة باستخدامها عدة مرات. على سبيل المثال، في الفترة التي سبقت غزو العراق عام 2003، رفضت الولايات المتحدة رفع الخيار النووي من على الطاولة. وسياسة روسيا النووية أكثر خطورة، حيث إنها تصادق صراحة على الاستخدام المبكر للأسلحة النووية في حالة حدوث حرب تقليدية مع حلف شمال الأطلسي.
وباكستان لديها عقيدة نووية مماثلة ترى الاستخدام المبكر للأسلحة النووية إذا ما وجدت نفسها في حرب أخرى مع الهند.
إذن، القادة "الطبيعيين" للدول النووية قرروا بالفعل أنه في ظل مجموعة متنوعة من الظروف يمكن استخدام الأسلحة النووية.
وحتى إن لم تكن أي من تلك الدول النووية قد اتخذت بالفعل قرارا مدروسا من قبل باستخدام ترسانتها النووية، فإن هناك خطرا حقيقيا يتمثل في أن هذه الأسلحة سيتم نشرها بسبب سوء تقدير أو خطأ في الكمبيوتر.
وصف مقال نشر هذا الصيف في مجلة " Space Weather " للمرة الأولى كيف أن توهجا شمسيا في مايو عام 1967 عطل الاتصالات مع عدد من منشآت الرادار الرئيسية في منطق القطب الشمالي. وقد استنتج الجيش الأمريكي بشكل خاطئ أن السوفييت قاموا بتعطيل محطات الإنذار المبكر هذه كخطوة افتتاحية لهجوم مفاجئ ومن ثم قام الجيش الأمريكي بإعداد قاذفات الأسلحة النووية للإطلاق. وقد تم تفادي الحرب في اللحظة الأخيرة عندما تلقى سلاح الجو معلومات عن السبب الحقيقي لهذا العطل.
وكان هناك على الأقل خمسة أحداث رئيسية أخرى أدت فيها أخطاء الكمبيوتر أو سوء تفسير المعلومات الاستخباراتية إلى قيام موسكو أو واشنطن بالإعداد لشن حرب نووية في اعتقاد خاطئ بأن الطرف الآخر قد بدأ الهجوم بالفعل. وكان آخر هذه الأحداث عام 1995، بعد نهاية الحرب الباردة.
وعلاوة على ذلك، فقد أظهرت الدراسات أننا لسنا بحاجة إلى حرب نووية واسعة النطاق لتدمير الحضارة الإنسانية. بل إن الحرب النووية المحدودة جدا والمحصورة في زاوية واحدة من الكرة الأرضية، من شأنها أن يكون لها عواقب كارثية وخيمة في جميع أنحاء المعمورة. إن استخدام مائة قنبلة فقط بحجم القنبلة التي دمرت هيروشيما – وهو عدد أقل من 0.5% من الترسانة النووية الموجودة في العالم – ضد أهداف في مناطق حضرية يمكن أن يطلق كمية من الدخان الأسود (السخام) في الغلاف الجوي العلوي تكفي لإيقاع الفوضى بالمناخ في جميع أنحاء العالم، وتخفيض إنتاج الغذاء وتعريض مليوني إنسان لخطر الموت جوعا.
بالنسبة للدول التي تمتلك أسلحة نووية، هذه حقائق مزعجة للغاية. فهذه الدول تنظر إلى ترساناتها النووية باعتبارها أدوات لاستعراض قوتها الوطنية وأنها لا تريد الاستسلام. وهذه الدول التسعة تقوم في الوقت الراهن بإنفاق مبالغ طائلة على تحديث ترساناتها، وقد أبدت جميعها معارضة شرسة لجهود الدول غير الحائزة للأسلحة النووية التي ترغب في حظر امتلاك هذه الأسلحة.
في تعليقه على أزمة الصواريخ الكوبية، وهي أخطر لحظة في الحرب الباردة، قال وزير الدفاع السابق روبرت ماكنمارا: "كان الحظ هو الذي حال دون نشوب حرب نووية". إن الأسلحة النووية نفسها ليس بها قوة سحرية تحول دون استخدامها. لقد نجونا من الحقبة النووية حتى الآن بسبب سلسلة لا تصدق من الحظ، ولا يمكننا أن نتوقع أن يستمر الحظ معنا للأبد. عاجلا أو آجلا، إن لم نتخلص من هذه الأسلحة، فسوف يتم استخدامها وستدمرنا جميعا.
إن السؤال الصحيح الذي ينبغي أن نطرحه على أنفسنا هو: "هل ينبغي أن يمتلك أي أحد السلطة للضغط على الزر النووي؟" والإجابة الصحية هي بالقطع "لا".

إيرا هيلفاند : الرئيس المشارك لمنظمة أطباء دوليون لمنع الحرب النووية؛
روبرت دودج: رئيس منظمة أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية.