الكولومبيون يصدمون العالم ويرفضون السلام

الحدث الاثنين ٠٣/أكتوبر/٢٠١٦ ٢١:٤٥ م
الكولومبيون يصدمون العالم ويرفضون السلام

بوجوتا – ش – وكالات

رفض الكولومبيون بفارق بسيط اتفاق سلام مع المتمردين الماركسيين خلال استفتاء جرى أمس الاول الأحد ليغرقوا بذلك البلاد في حالة من الغموض ويدمروا خطة للرئيس خوان مانويل سانتوس لإنهاء الحرب الدائرة منذ 52 عاما.
وحصل المعسكر الرافض للاتفاق على 50.21 في المئة مقابل 49.78 في المئة للمؤيدين له. ولم تتجاوز نسبة المشاركة في الاستفتاء 37 في المئة وذلك ربما إلى حد ما بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد.
وحاول على الفور طرفا الحرب طمأنة العالم بأنهما سيحاولان إنعاش خطتها للسلام.

امال ومحادثات
وقال سانتوس(65 عاما) إن وقف إطلاق النار الذي جرى التفاوض عليه بالفعل سيظل ساريا وإنه سيجري محادثات مع المعسكر الرافض للاتفاق لبحث الخطوات المستقبلية وسيرسل كبير مفاوضيه مرة أخرى إلى كوبا للقاء زعماء فارك.
وطرح زعيم فارك رودريجو لوندونو الذي يشتهر باسمه الحركي تيموشينكو رسالة مماثلة من هافانا حيث عُقدت مفاوضات السلام خلال السنوات الأربع الماضية .
وقال تيموشينكو إن"فارك تؤكد رغبتها في استخدام الكلمات فقط كسلاح لبناء المستقبل.
"نقول للشعب الكولومبي الذي يحلم بالسلام اعتمدوا علينا فالسلام سوف ينتصر."
وكان سانتوس قد قال في الآونة الأخيرة إن التصويت بالرفض سيؤدي إلى العودة للحرب وتوقعت استطلاعات للرأي إنه سيفوز بسهولة.
وأربك الناخبون الكولومبيون المحافظون بشكل تقليدي والمؤيدون للسلام بشكل مبدئي ولكنهم غير سعداء بما يعتبرونه أسلوب تعامل لين مع المتمردين هذه التوقعات.
ويعتقد معارضو الاتفاق إنه متساهل أكثر مما يجب مع متمردي فارك من خلال السماح لهم بالاندماج في المجتمع مرة أخرى وإنشاء حزب سياسي والإفلات من أحكام بالسجن.
ويريد المعارضون إعادة التفاوض على الاتفاق مع زعماء المتمردين الذين يقضون أحكاما بالسجن وعدم منحهم مقاعد مجانية في الكونجرس.
وقال فرانسيسكو سانتوس النائب السابق لرئيس كولومبيا وأحد الرافضين البارزين للاتفاق إن"هذه رسالة واضحة..أطلب من كل المواطنين أن يثقوا في أننا نعرف كيف سنعالج هذا الموقف دون إثارة اضطرابات .سنعمل مع الحكومة لإعادة صياغة هذا الاتفاق ."

اعتراف وتعهد
من جانبه إعترف الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس بالهزيمة في الاستفتاء الذي نظم الاحد والذي عبر الكولومبيون خلاله عن رفضهم لاتفاق السلام الذي وقعته الحكومة الكولومبية مع حركة القوات المسلحة الثورية (فارك).
وقال سانتوس في خطاب ملتفز "لن أستسلم وسأواصل السعي الى السلام"، في وقت أظهر فرز 99،95 بالمئة من الأصوات أن 50،21 بالمئة من الناخبين صوتوا بـ"لا" رفضا لاتفاق السلام، بينما صوت 49،78 بالمئة منهم بـ"نعم" على هذا الاتفاق الذي تفاوضت الحكومة الكولومبية بشأنه مع حركة فارك على مدى اربع سنوات في كوبا.
وأضاف الرئيس الكولومبي "لقد استدعيتكم لكي تقرروا ما إذا كنتم ستدعمون ام لا ما قد اتفقنا عليه من اجل انهاء النزاع مع فارك، والغالبية (...) قالت لا".
واشار الى ان "الوقف النهائي لاطلاق النار والاعمال الحربية من الجانبين سيبقى قائما وساريا" كما كان معمولا به منذ دخوله حيز التنفيذ في 29 اب/اغسطس.
وأردف سانتوس "غدا (الاثنين) سأستدعي جميع القوى السياسية، خصوصا تلك التي اختارت الـ"لا"، من اجل الاستماع اليها وفتح آفاق للحوار واتخاذ قرار بالطريق الذي سنتبعه".
واوضح "اعطيت تعليمات الى رئيس الفريق الحكومي التفاوضي (اومبرتو دولا كال) والمفوض السامي للسلام (سيرجيو جاراميلو) لكي يتوجها الى هافانا لاطلاع مفاوضي فارك على نتائج هذا الحوار السياسي".

التزام الحوار
على الجانب الاخر عبرت حركة القوات المسلحة الثورية (فارك) الاحد عن أسفها الشديد لرفض الكولومبيين اتفاق السلام الذي وقعته مع الحكومة الكولومبية، وكررت التزامها التوصل إلى حل تفاوضي لإنهاء أكثر من نصف قرن من النزاع المسلح.
وقال قائد القوات المسلحة الثورية (الماركسية) رودريغو لوندونو المعروف باسميه الحركيين تيموليون خيمينيز او تيموشنكو في تصريح صحافي بهافانا ان حركة "الفارك تأسف بشدة لكون القوة التدميرية لأولئك الذين يزرعون الكراهية والاستياء قد أثرت على رأي الشعب الكولومبي".
لكنه اكد ان القوات المسلحة الثورية لا تزال "راغبة في السلام" وتكرر "استعدادها لاستخدام الحوار فقط وسيلة للبناء في المستقبل".
اما حركة "جيش التحرير الوطني"، ثاني حركات التمرد في كولومبيا، فدعت إلى مواصلة السعي الى "حل تفاوضي" للنزاع المسلح في كولومبيا.
وكتبت على تويتر بعيد اعلان نتائج الاستفتاء "رغم النتائج، (يجب) الكفاح من اجل السلام"، مضيفة "ندعو المجتمع الكولومبي الى مواصلة البحث على حل تفاوضي للنزاع المسلح".

..................

بنود الاتفاق الذي رفضه الناخبون في استفتاء الاحد
يوجه رفض اتفاق السلام بين الحكومة الكولومبية ومتمردي "القوات المسلحة الثورية الكولومبية " (فارك) في استفتاء الاحد ضربة قاضية للاتفاق الذي كان يفترض ان يضع حدا للنزاع المستمر منذ 52 عاما وكان يتالف من ستة فصول رئيسية.
وكان اتفاق السلام سينظم نزع سلاح مقاتلي فارك البالغ عددهم 5765 شخصا وتحولهم الى حزب سياسي.
على مر العقود، اوقع النزاع اكثر من 260 الف قتيل و45 الف مفقود و6,9 ملايين نازح.
يتألف الاتفاق الذي وقع برعاية كوبا والنروج، البلدين الضامنين له، وبمواكبة فنزويلا وتشيلي وبدعم من الامم المتحدة والولايات المتحدة والبابا فرنسيس، من ستة فصول:

- انهاء المواجهات
في 29 اغسطس دخل حيز التنفيذ اول وقف لاطلاق النار ثنائي ونهائي تحققت منه آلية ثلاثية تضم الحكومة الكولومبية و"فارك" وبعثة من الامم المتحدة.
يشمل انهاء القتال نزع اسلحة المتمردين المقاتلين باشراف الامم المتحدة وضمانات امنية للمقاتلين السابقين، والتزام الحكومة مكافحة العصابات المسلحة الناشئة عن قوات شبه عسكرية يمكن ان تحاول السيطرة على معاقل "فارك".
وكان يفترض ان تقام في الاجمال 23 منطقة امنية وثمانية مخيمات من اجل تسريح المقاتلين. وسيخرجون منها بلا سلاح بعد 180 يوما على الاكثر من توقيع اتفاق سلام.

- تعويضات للضحايا
في ديسمبر 2015، اعلن الطرفان واحدا من اكثر الاتفاقات تعقيدا لتقديم تعويضات الى ضحايا "فارك" ومعاقبة المسؤولين عن انتهاكات خطيرة.
في هذا الاطار، كان سيتم انشاء محاكم خاصة لمحاكمة المتمردين وعناصر الدولة المتورطين في جرائم مرتبطة بالنزاع.
وفي المجموع، كان سيحاكم 48 قاضيا بينهم عشرة اجانب هؤلاء الاشخاص المتورطين في جرائم خطيرة مثل عمليات خطف واغتصاب وتهجير قسري او تجنيد قاصرين.

- تهريب المخدرات
اعتبارا من ثمانينات القرن الماضي، سمح تهريب المخدرات بتأجيج النزاع. في مايو 2014 ابرم متمردو "فارك" اتفاقا مع حكومة الرئيس خوان مانويل سانتوس لانهاء الزراعات غير المشروعة في مناطق نفوذهم.
ومن المقرر ان تواصل السلطات مكافحة تهريب المخدرات لكنها ستعرض مصادر بديلة للدخل على المزارعين وبرنامجا للصحة العامة.

- سياسة بلا اسلحة
ينص الاتفاق على ان تلقي "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" السلاح وتتحول الى حزب سياسي.
كما تعهدت الحكومة تخصيص مقاعد مباشرة وموقتة في الكونغرس ل"فارك"، مع اقامة دوائر خاصة للسلام في المناطق التي طالها النزاع بشكل خاص، حيث يمكن انتخاب اعضاء لا يمثلون احزابا تقليدية.
وكان يفترض ان يستفيد ممثلو "فارك" من الضمانات الامنية لتجنب تكرار الفصول الدامية التي سجلت في نهاية ثمانينات القرن الماضي عندما اغتيل نحو ثلاثة آلاف ناشط في "الاتحاد الوطني" وهو واجهة سياسية انبثقت من محاولة سابقة للتوصل الى السلام.

- اصلاح زراعي
كان الدفاع عن الفلاحين الفقراء وضحايا عنف الدولة وكبار ملاك الاراضي سبب نشوء حركة التمرد في 1964.
في ايار/مايو 2013، توصلت "فارك" الى اتفاق مع الحكومة ينص على توزيع اراض والحصول على قروض واقامة خدمات اساسية في مناطق النزاع. سيتطلب تمويل هذا الشق من الاتفاق استثمارات بملايين الدولارات على الامد الطويل.

- المصادقة على اتفاق السلام النهائي
كان يفترض ان تتم المصادقة على الاتفاق المؤلف من 297 صفحة عبر استفتاء اراده سانتوس لاضفاء شرعية اكبر على اتفاق السلام. وكانت الحكومة ومتمردو فارك اعلنوا قبلا انه في حال التصويت ب"لا" على اتفاق السلام، فانهما لن يخوضا مفاوضات جديدة.