بريطانيا تعلن خطة عملية الانسحاب من «الأوروبي»

الحدث الأحد ٠٢/أكتوبر/٢٠١٦ ٢٢:٣٨ م
بريطانيا تعلن خطة عملية الانسحاب من «الأوروبي»

لندن - - وكالات

قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس الأحد إن بريطانيا ستفعل المادة 50 التي تنطلق بموجبها العملية الرسمية للانسحاب من الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية مارس 2017.

ولدى سؤالها عن توقيت تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة المؤسسة للاتحاد الأوروبي قالت ماي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) «سوف نفعلها قبل نهاية مارس من العام المقبل».
وتعتزم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، تقديم مشروع قانون لإلغاء التشريعات التي حكمت بريطانيا خلال 40 عاما منذ انضمامها للاتحاد الأوروبي.

وقالت ماي، في تصريحات لصحيفة «ذي صنداي تايمز»: إنها ستبدأ دورة مشروع القانون وتقديم إلغاء قانون الاتحاد الأوروبي -الذي شرع انضمام بريطانيا إلى السوق المشتركة في العام 1972- من كتاب النظام الأساسي البريطاني، حيث سيتم تحويل جميع لوائح الاتحاد الأوروبي بعد ذلك إلى القانون المحلي، وهو ما يعني أنه يمكن للبرلمان انتقاء أي من قوانين الاتحاد الأوروبي التي سيبقى عليها أو يلغيها. وأضافت ماي -في حديثها للصحيفة- «سنقدم مشروع قانون (الإلغاء العظيم) الذي سيزيل قانون الاتحاد الأوروبي من كتاب النظام الأساسي»، موضحة «هذا يمثل المرحلة الأولى في المملكة المتحدة أن تصبح دولة ذات سيادة ومستقلة مرة أخرى».

وتابعت «سيعيد ذلك السلطة وسلطة المؤسسات المنتخبة لبلادنا... وهذا يعني أن سلطة قانون الاتحاد الأوروبي في بريطانيا ستنتهي».

يذكر أن إلغاء قانون عام 1972 لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك سيتم تفعليه بمجرد تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، والخاصة ببدء المفاوضات الرسمية لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

خطة بريكست

وبدأ حزب المحافظين مؤتمره السنوي في برمنجهام أمس الأحذ بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي في حين لا تزال خطتها حيال بريكست غير واضحة بعد نحو مئة يوم من الاستفتاء الذي اختار فيه البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي.

الأمر الوحيد المؤكد هو أن المادة 50 من معاهدة لشبونة المتعلقة ببدء الانفصال عن الاتحاد الأوروبي لن يتم تفعيلها قبل نهاية السنة، وفق ما أعلنت ماي دون مزيد من التوضيح وإن كانت تضع في اعتبارها الانتخابات المرتقبة في الربيع في فرنسا ومن ثم في الخريف في ألمانيا.

كل ما عدا ذلك يبقى عائما، والكثير من الأسئلة لا تجد جوابا سواء تعلق الأمر بالبقاء ضمن السوق المشتركة، أو الحد من الهجرة مثلما طالب الناخبون البريطانيون، رغم استياء الاتحاد الأوروبي الذي يواجه أسوأ أزمة في تاريخه بين صعود الشعبويين والتشكيك في المؤسسات الأوروبية وتدفق المهاجرين وضعف الأداء الاقتصادي.
ولكن تيريزا ماي تلتزم الحذر وتجيب من يسألها عن استراتيجيتها أنها لن تدلي «بتعليقات يوما بيوم».
وتضيف «بريكست يعني بريكست».
وفي حين تحجم رئيسة الوزراء عن إعطاء تفاصيل، يقوم بذلك آخرون بدءا بوزير الخارجية بوريس جونسون الذي اضطرت الحكومة إلى تهدئته بعد أن أعلن أن مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي يمكن أن تبدأ مطلع 2017.
ولذلك كان هناك ترقبا لمداخلات تيريزا ماي أمام المؤتمر ولا سيما خطابها بعد ظهر أمس الأحد خلال الجلسة الافتتاحية بعنوان «إنجاح بريكست».

قلق ومخاوف

ويقول الأستاذ في جامعة كنت ماثيو جودوين أن الناخبين قلقون لعدم تحقيق تقدم بشأن بريكست والاستطلاعات الأخيرة تقول إنهم يريدون تفعيل المادة 50.

وسعت ماي خلال المؤتمر إلى توحيد صفوف الحزب المنقسم حتى داخل الحكومة بشأن الوجهة التي ينبغي اتباعها للخروج من الاتحاد الأوروبي.

فمن جهة هناك من يؤيدون «بريكست خفيفا» وهم مستعدون للبقاء في السوق المشتركة وحتى ترك الباب نصف مفتوح أمام المهاجرين الأوروبيين، ومن جهة ثانية من يؤيدون «بريكست ثقيلا» أي القطيعة التامة والسريعة والتشدد في مسألة الهجرة والخروج من السوق المشتركة.
ولكن هذه الخلافات والانقسامات قد تكون سهلة مقارنة مع ما ينتظر ماي عندما تبدأ فعلا عملية الخروج وهي مهمة هائلة لا تحصى تداعياتها.
وتقول الكاتبة في «فايننشال تايمز» جنان غانيش إن تيريزا ماي أنهت «أفضل أسابيعها» وما ينتظرها ليس سوى الأسوأ لأن سائر أعضاء الاتحاد الأوروبي ليست لديهم أي نية في التساهل معها.
ولكنها لا تزال تتمتع اليوم بالعديد من المزايا ومن بينها شعبية مريحة وتستفيد بالمثل من تخبطات حزب العمال المعارض الذي تمزقه الخلافات الداخلية وأزمة قيادة لم يحلها تماما انتخاب جيريمي كوربن رئيسا له السبت الفائت.

وبما أنهم يديرون الدفة وحدهم، قد يميل المحافظون إلى تجربة حظهم وتقديم موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في 2020.

ويقول المحاضر في جامعة «كوين ماري» في لندن تيم بيل «لو تعين على تيريزا ماي أن تفعل ما يمكن أن يفعله أي سياسي في مكانها لنظمت انتخابات في الربيع أو الصيف المقبلين».

المحافظون وحدهم

تبدو الساحة خالية أمام الحزب البريطاني المحافظ لتنفيذ بريكست بالطريقة التي تناسبه بعد أن بات مهيمنا وحده على المشهد السياسي أمام معارضة متخبطة وإن كان الخطر يأتي من داخل صفوفه، وفق محللين.

تقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة مانشستر جين جرين لفرانس برس إن رئيسة الوزراء «تيريزا ماي عززت مكانتها إلى حد كبير في غياب معارضة قوية وثابتة. لو كان حزب العمال قادرا على محاسبة الحكومة لحصلنا على معلومات أكثر عما تنوي فعله» لتفعيل خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ولكن حزب العمال يتخبط في مشاكله الداخلية التي لم تحسمها إعادة انتخاب الراديكالي جيريمي كوربن الأسبوع الفائت رئيسا نظرا للعداء بينه وبين نواب الحزب. والحزب منقسم كذلك بشأن مسألة الهجرة المهمة المتصلة ببريكست بدءا من القيود التي ستفرض على المهاجرين والتي كانت حاسمة في التأثير على خيار الناخبين خلال استفتاء 23 يونيو.
ويقول توم بلدوين مستشار الزعيم العمالي السابق اد مليباند في صحيفة «ايفننغ ستاندرد» إن «التركيز على المشكلات الداخلية خلال مؤتمر حزب العمال مثال واضح على غياب أي نقاش حول بريكست رغم أنها المسألة السياسية المحورية راهنا ولسنوات مقبلة».
ويقول جيمس فراين من مجموعة «بوليسي اكستشانج» الاستشارية على مدونة «كونسرفاتيف هوم» المحافظة إن على تيريزا ماي أن تبدأ اعتبارا من الأحد في برمنجهام «باعتلاء المنبر مع فكرة واحدة في رأسها: تدمير حزب العمال».
ويضيف أن «خطابها يجب أن يشكل بداية عملية تقود إلى الهيمنة التامة على المشهد السياسي عبر دفع حزب العمال إلى الهامش إلى جانب الليبراليين الديمقراطيين. لم يعد لهم أي تأثير على حياة الناس العاديين».
باتت ماي التي احتفلت بعيد ميلادها الستين السبت ثاني امرأة تترأس حكومة بريطانيا بعد استقالة ديفيد كاميرون إثر هزيمة حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي.