السلطنة تنجح في اختبار النفط في انتظار ارتفاع الأسعار

بلادنا الأحد ٠٢/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٠:١٩ ص
السلطنة تنجح في اختبار النفط في انتظار ارتفاع الأسعار

مسقط - فريد قمر

رغم الإعلان عن توصل الدول المنتجة للنفط إلى اتفاق في الجزائر لتقليص الإنتاج لا تبدو إعادة الاستقرار إلى السوق بالمهمة السهلة، غير أنه إذا ما تحقق، سيساعد السلطنة لا في تخطي العجز في الموازنة فحسب، بل سيؤدي إلى تحسن كبير في الاقتصاد بخاصة وأن البنك المركزي نجح في تمويل العجز المتوقع وتسجيل فائض في التمويل لتغطية العجز غير المتوقع والذي تسبب به هبوط الأسعار إلى ما دون 45 دولاراً لبرميل نفط عمان الخام. وبالتالي فإن التعامل مع العجز حصل قبل الارتفاع المتوقع، وهو إنجاز يحسب للسياسة المالية التي تتبعها السلطنة.
لكن يبقى السؤال هل سترتفع الأسعار فعلاً وهل سيستطيع نفط عمان أن يبقى فوق 45 دولاراً أي فوق السعر الوسطي الذي وضعته الحكومة في الميزانية العامة؟
للإجابة على هذا السؤال يجب بداية معرفة مواقف الدول الكبرى في العالم النفطي، أي روسيا والسعودية والولايات المتحدة فضلاً عن إيران والعراق.
روسيا، التي تعد المنتج الأول للنفط عالمياً، أعلن وزير طاقتها الكسندر نوفاك إن بلاده "ستجد الآليات والأدوات اللازمة لتثبيت إنتاج النفط إذا توصلت لاتفاق مع منظمة البلدان المصدرة للبترول بشأن الحد من الإنتاج"، ما يعد مؤشراً إيجابياً لاسيما أنها الدولة الأكثر تأثيراً على أسعار النفط من خارج أوبك.
أما الولايات المتحدة فتعد المستهلك الأكبر في العالم، لذا فإنها لا تتأثر كثيرا بالأسعار، ففي ارتفاع الأسعار ترفع قيمة إنتاجها وفي حال هبوطها تستورد النفط من الخارج بأسعار أقل، لكن ارتفاع الأسعار سينشط عمل المستثمرين من خارج البلاد، وسيحفز الاقتصاد العالمي الذي يؤثر إيجاباً على اقتصادها المتباطئ. والنتيجة أنه إذا لم يكن لدى الولايات المتحدة ما تخسره من انخفاض الأسعار فإن لديها ما تكسبه من ارتفاعها.
أما المملكة العربية السعودية فكانت فعلياً السبب الرئيسي للوصول إلى اتفاق نفطي بعدما كانت من أكبر المؤثرين في انخفاض الأسعار، وذلك بسبب الانعكاسات السلبية للأسعار على اقتصادها الذي سجل نمواً بنسبة 1.5 في المئة في الربع الأول من العام، وهي أضعف نسبة نمو للاقتصاد منذ سنوات طويلة، لذلك فالاتفاق الذي جرى بينها وبين إيران ما هو إلا تأكيد التزام الدولتين بأهمية عودة الأسعار إلى مستويات طبيعية. كما أن لدى إيران مصلحة في ارتفاع الأسعار في حال ضمن ذلك عودة حصتها السوقية من النفط، لأن ارتفاع الأسعار سيدعم اقتصادها واقتصاد الدول التي تجمعها بها علاقات تجارية واسعة.
والعراق الذي يعاني من ويلات الحرب والاقتصاد، اضطر إلى رفع الإنتاج إلى 3.245 مليون برميل خلال شهر سبتمبر الفائت لتعويض بعض الفارق في الأسعار. وبالتالي لا مصلحة له في الإحجام عن المشاركة في تخفيض الإنتاج.
لذلك كله فإن اتفاق أوبك يبدو قابلاً للتنفيذ على أساس أن الحاجة أصبحت أم "الاتفاق" فالسوق باتت تعاني من تخمة بنسبة 10 في المئة، لكن الأسعار تحتاج إلى وقت لكي تتوازن، إلا أن الارتفاع الطبيعي للاستهلاك سيساعد الأسواق على التعافي على المستويين المتوسط والبعيد، أما حالياً فمن المستبعد أن يستمر هبوط النفط وإن لم نشهد ارتفاعاً كبيراً وسريعاً في الأسعار.
وهنا يمكن للسلطنة أن تستفيد من الوضع الجديد لتحصن اقتصادها من خلال الاستمرار بخطط تنويع الاقتصاد وتحفيز الاستثمارات على أن يكون أي ارتفاع جديد في الأسعار قيمة مضافة للاقتصاد وتراكماً في الواردات يمكن أن يستخدم في الميزانية المقبلة.
لكن الأهم، هو أن السلطنة استفادت من التجربة ونجحت في عبور الأزمة بحنكة كبيرة ومن دون أن تستخدم أكثر من جزء بسيط من احتياطياتها المادية لتمويل العجز. بل حتى خيار الاستدانة بقي محدوداً ولفترات قصيرة نسبياً وبأسعار فائدة مريحة، ما يجعل الخروج من الأزمة يسيراً.
أما ما كسبته السلطنة فهو أكثر بكثير مما خسرته خلال الأزمة، إذ وضعت الأسس المتينة لتنويع الاقتصاد وانطلقت في مسيرة ترشيد الإنفاق ليكون النفط مستقبلاً قيمة مضافة للاقتصاد بدل أن يكون الاقتصاد كله.