موسكو - ش - وكالات
على مدى سنوات بذلت اجيال من الشباب الروسي كل ما بوسعها لتجنب الانضمام الى الجيش الذي كانت تحيط به اتهامات بالفساد والعجز وعمليات التنكيل، ولكن هذا الجيش بدأ الان في نفض هذه الصورة عنه وتقديم نفسه كفاعل رئيسي لاستعادة مجد روسيا في ظل الرئيس فلاديمير بوتين.
يعتبر الغرب السيطرة عسكريا على شبه جزيرة القرم في 2014 وحملة القصف التي تشنها روسيا في سوريا منذ عام "وحشية وغير شرعية".
اما في روسيا فقد عزز ذلك مشاعر الكرامة الوطنية، ولمع صورة الجيش، حتى انه اصبح اداة لتجنيد الشباب في صفوفه.
وازدهرت الاعمال التي تتخصص في السلع والملابس ذات الطابع العسكري للرجال والنساء وحتى الاطفال الصغار.
ومن بين من يحققون ارباحا من وراء ذلك مسؤول المبيعات ديمتري يريمييف الذي حققت شركته "فوينتروغ" ارباحا كبيرة في تجارة الملابس ذات الطابع العسكري لجميع الاعمار اضافة الى الاحذية وغيرها.
وقال لوكالة فرانس برس "عندما يشتري الناس الملابس التي نبيعها، فانهم يشعرون بالفخر لرؤيتهم شعار الجيش الروسي عليها".
وتقول الشركة -- التي خصخصت في 1997 ولكنها تعمل حصريا لصالح الجيش الروسي - انها فتحت مؤخرا مزيدا من المتاجر في وسط موسكو.
وقال رئيس الشركة فلاديمير بافلوف "نساعد في التقريب بين الجيش والناس .. ونرى ذلك التقارب بسبب زيادة الاهتمام بالجيش اكثر من اي وقت مضى".
تضررت سمعة الجيش الروسي على مدى سنوات بسبب الذكرى الاليمة للمشاركة السوفياتية الكارثية في افغانستان، وبعد ذلك الحربين الدمويتين اللتين خاضتهما موسكو ضد الانفصاليين في منطقة الشيشان شمال القوقاز.
فقد تم الالقاء بالمجندين غير المجهزين جيدا في مفرمة الحرب بسبب فساد القادة، كما ظهرت على السطح قصص عن عمليات تنكيل وحشية هزت المجتمع.
ولكن وفي ظل بوتين المتشدد الذي سعى الى اعادة الكرامة والمكانة لروسيا، فقد تمت زيادة ميزانية الجيش بشكل كبير بفضل تدفق دولارات النفط، وبلغ الانفاق المقرر 50 مليار دولار (44 مليار يورو) اي ما يساوي نحو 4% من اجمال الناتج المحلي في 2016.
كما تم تطبيق اصلاحات واسعة في 2008 تهدف الى تحديث الجيش الذي كان يعاني من الترهل.
ومع دخول الكرملين في مواجهات مع الغرب بسبب اوكرانيا، دفعت المخاوف من احتمال اندلاع نزاع اوسع بالعديدين الى وضع ثقتهم في الجيش.
ولاول مرة منذ نحو عشر سنوات، قالت غالبية الروس هذا العام انهم يؤيدون الابقاء على التجنيد الاجباري الحالي، بحسب ما اظهر استطلاع اجراه مركز ليفادا المستقل.
وصرحت كارينا بيبيا من مركز ليفادا لوكالة فرانس برس انه "في 2014 وبعد ضم شبه جزيرة القرم، شهدنا ارتفاعا كبيرا في عدد الذين يؤيدون الخدمة العسكرية الاجبارية .. وينسجم ذلك مع زيادة عدد الروس الذين يشعرون بان الاعداء يهددون البلاد".
ولكن ورغم الاصلاحات التي ادخلت على الجيش، الا ان نشطاء حقوقيين يقولون انه يعاني من نفس الاخفاقات، كما تواصل العائلات دفع مبالغ كبيرة كرشاوى لتجنيب اولادهم اداء الخدمة العسكرية.
وتتهم روسيا بخوض حرب سرية في اوكرانيا، وارسال الاف الجنود لدعم التمرد في شرق اوكرانيا، لكن موسكو تنكر ذلك.
تقول فالنتينا ميلنيكوفا رئيس لجنة "امهات الجنود" ان "ظروف المعيشة اليومية انخفضت بشكل كبير منذ اندلاع النزاع في اوكرانيا".
وقالت ان "وزارة الدفاع لا تولي اهتماما لذلك".