تقارير تصف الوضع في حلب بـ "الجحيم "

الحدث الخميس ٢٩/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٦:٥٩ ص
تقارير تصف الوضع في حلب  بـ "الجحيم "

لندن – عواصم – ش – وكالات

وصفت صحيفة "الجارديان" البريطانية, المجزرة المتواصلة منذ أسبوع ضد المدنيين في الجزء الشرقي من مدينة حلب في شمال سوريا, بأنها "الجحيم بعينه".
وأضافت الصحيفة في تقرير لها, أن نظام بشار الأسد وروسيا يواصلان استخدام القنابل الخارقة للتحصينات، والتي تحول المباني والمدارس والمستشفيات بكاملها إلى حفر عمقها أمتار، وتدمر أيضا أنابيب نقل المياه, وتخلف مئات القتلى والمصابين.
وتابعت " حلب تترنح من وطأة القنابل الخارقة للحصون والملاجئ, والمصنعة خصيصا لضرب التحصينات العسكرية, وليس المدنيين".
ونقلت الصحيفة عن عدد من سكان الجزء الشرقي من حلب قولهم إنهم يشعرون بالرعب من هذه القنابل، وأكدوا أنهم لم يسمعوا صوتا مثل صوتها من قبل، ولا شاهدوا دمارا بالحجم الذي ينتج عنها، معربين عن استيائهم من صمت المجتمع الدولي على استخدام نظام الأسد والروس لهذه القنابل.

تحذير
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حذرت من أن القصف المتواصل على الجزء الشرقي من مدينة حلب منذ حوالي أسبوع, يستهدف هذه المرة إبادة كل المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن نظام بشار الأسد وروسيا يستخدمان حاليا في حلب تكتيكات الأرض المحروقة، وبشعار "مت من الجوع أو الحصار أو القصف".
وتابعت " روسيا ونظام الأسد لجأوا إلى استخدام القنابل الخارقة للتحصينات، والتي تحول المباني والمدارس والمستشفيات بكاملها إلى حفر عمقها أمتار، وتدمر أيضا أنابيب نقل المياه".
واستطردت الصحيفة " المجازر المتواصلة في حلب خلال الأيام الماضية لا مثيل لها, بل إن القتل والدمار في سوريا خلال السنوات الخمس الماضية لا يساوي شيئا أمامها".
وكانت المستشفيات الميدانية في حلب شمالي سوريا أعلنت عجزها عن استقبال المزيد من القتلى والجرحى نتيجة اكتظاظها بضحايا القصف الجوي السوري والروسي، وسط مخاوف من انهيار الخدمات الطبية بالمدينة. وقد زاد عدد قتلى الغارات الروسية والسورية على حلب وريفها ليناهز أربعمائة خلال أسبوع.
وحسب أطباء سوريون إن ثلاثين طبيبا فقط لا يزالون موجودين في شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة، حيث تشتد حاجتهم إلى المستلزمات الطبية والجراحية لعلاج مئات الجرحى من بين السكان المحاصرين البالغ عددهم 300 ألف.
وأضاف هؤلاء الأطباء أن ما لا يقل عن أربعين مصابا في المستشفيات الثمانية التي لا تزال عاملة -وبعضها مراكز مؤقتة مقامة تحت الأرض خوفا من القصف- تستلزم حالاتهم الإجلاء الطبي.
وقال عبد الرحمن العمر -وهو طبيب أطفال يعمل لحساب الجمعية الطبية السورية الأمريكية‭ ‬‬‬في شرق حلب- في إفادة صحيفة بجنيف، إن الثلاثين طبيبا الباقين في المناطق المحاصرة يفتقرون إلى الأجهزة وأدوية الطوارئ لعلاج حالات الصدمة العديدة.
وأضاف العمر أنه يوجد وقود يكفي لتشغيل مولدات المستشفيات في حلب لمدة عشرين يوما فقط، مشيرا إلى أن طبيب نساء واحدا وطبيبي أطفال فقط يعتنون بالحوامل و85 ألف طفل.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أيضا عن مصدر طبي في حلب قوله إن أقسام العناية المشددة في المستشفيات باتت ممتلئة بالمصابين، ويجري كل مستشفى ثلاثين عملية جراحية يوميا منذ بدء الهجمة الأخيرة في 19 سبتمبر، وذلك عقب انهيار الهدنة المبرمة بين واشنطن وموسكو.
ووثقت الجمعية الطبية السورية الأمريكية مقتل أكثر من 280 شخصا في الأيام الثلاثة الأخيرة في شرق حلب، وإصابة 400 بينهم 61 طفلا .
وامتدت الأوضاع المأساوية في حلب إلى قطاع الدفاع المدني الذي يسعف ضحايا القصف، وقال عاملون في القطاع إن جهود الإنقاذ أعيقت بشكل كبير نتيجة القصف الذي خرّب الشوارع ودمّر مراكز ومعدات الدفاع المدني.
وقال عمار سلمو -وهو عامل بالدفاع المدني- إن فرق الإنقاذ باتت تملك حاليا عربتي إطفاء وثلاث سيارات إسعاف فقط في حلب، مشيرا إلى أن القصف دمر ثلاث عربات إطفاء وسيارتي إسعاف وثلاث سيارات فان.

استهداف مستشفيات
اصيب اكبر مستشفيين في المنطقة التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في شرق حلب فجر امس الاربعاء بضربات جوية، ما ادى الى توقفهما عن العمل موقتا، كما اعلنت منظمة طبية غير حكومية التي تدير هذين المركزين.
وقال ادهم سحلول من الجمعية الطبية السورية الاميركية التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة لوكالة فرانس برس الاربعاء "وقع الهجوم عند الساعة الرابعة صباحا عندما استهدفت طائرة عسكرية المستشفيين بشكل مباشر".
واضاف انه في احد المستشفيين دمر مولد للكهرباء بالكامل، وفي الغارة الثانية جرح ثلاثة عاملين في المستشفى هم سائق سيارة اسعاف وممرضة ومحاسب.
وتابع انه "لم يبق (في شرق حلب) سوى ست مستشفيات تعمل بعد توقف هذين المستشفيين عن العمل".
واوضح سحلول ان المستشفيين يضمان اقساما للطوارئ ووحدات لمعالجة الصدمات وتعرضا من قبل لغارات جوية، واصفا القصف بانه "متعمد".
ولم يعرف ما اذا كانت الغارات شنتها طائرات تابعة للجيش السوري او لحليفه الروسي لان الجانبين يقومان بحملة قصف بلا توقف على هذه المنطقة في ثاني مدينة في سوريا.

مخاوف
من جهته حذر مسؤول الدفاع المدني في مناطق المعارضة السورية من أن الحياة اليومية في حلب ستتحول خلال شهر الى جحيم تحت ضربات النظام السوري وحليفته روسيا، وسكان المدينة قد يتعرضون ل"مجزرة" في حال "سقوطها" في ايدي قوات النظام.
وتحدث رئيس "الخوذ البيضاء" رائد الصالح، وهو سوري في الثلاثين من العمر، الثلاثاء لوكالة فرانس برس خلال جولة في نيويورك وواشنطن لاطلاع الامم المتحدة والولايات المتحدة على مصير المتطوعين في "الدفاع المدني السوري"، المنظمة الانسانية التي تشارك في عمليات الانقاذ في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
ومنحت المنظمة السويدية الخاصة "رايت لايفليهود" الخميس جائزتها السنوية لحقوق الانسان الى المتطوعين في "الخوذ البيضاء" الذين هم في الخطوط الامامية في حلب منذ تعرض سكان المدينة ال250 الفا المحاصرين لقصف متواصل بعد انهيار وقف اطلاق النار الاسبوع الماضي.
وقال الشاب الذي كان رجل اعمال قبل الحرب "سيستغل المدنيون أول فرصة للفرار من المدينة. لكن دون اي ضمانات بالحصول على ادنى حماية او امن". واضاف "اننا قلقون جدا. يمكن لهؤلاء الاشخاص التعرض للقتل او الخطف او الاعتقال".
ورأى ان القسم الشرقي من حلب المحاصر من قوات النظام والذي يتعرض لهجوم منذ ايام، لن يصمد "لأكثر من شهر" بسبب التدمير الجاري لما تبقى من الخدمات العامة. وقال الصالح "لن يكون هناك مياه او كهرباء او وقود ولن تتمكن المستشفيات من مواصلة عملها".
واذا سقطت احياء حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة بايدي قوات النظام ماذا سيحل بمتطوعي الخوذ البيضاء ال122 الذين ينقذون الارواح يوميا؟. وقال "انهم يعيشون في الظروف نفسها كالمدنيين الاخرين. اني مقتنع بان النظام سيبذل كل ما في وسعه لقتلهم او توقيفهم".
واكد انه أحصى "1700 غارة جوية" شنها الطيران السوري والروسي أوقعت "حوالى الف قتيل وجريح" منذ ان اعلنت قوات الرئيس بشار الاسد في 19 ايلول/سبتمبر "انتهاء" الهدنة التي فرضت بصعوبة بموجب اتفاق اميركي-روسي وقع في جنيف.
ودان الغربيون هذا الاسبوع بشدة القصف "الوحشي غير المقبول" على حلب واتهموا موسكو بانها "مسؤولة عن جرائم حرب".
ونقل مراسل لوكالة فرانس برس في شرق حلب قبل ايام عن مصدر طبي أن المشافي العاملة في المدينة "تعاني ضغطا هائلا جراء العدد الكبير من الجرحى والنقص الحاصل في اكياس الدم"، مضيفا ان "اقسام العناية المشددة باتت ممتلئة بالمصابين ويجري كل مشفى ثلاثين عملية جراحية في اليوم الواحد منذ بدء الغارات".
واستهدفت الغارات السورية والروسية في نهاية الاسبوع الماضي مركزين تابعين للدفاع المدني في حلب، ولم يتبق لعناصر "الخوذ البيضاء" سوى سيارتي اسعاف، بحسب ما افاد مراسلو فرانس برس.

"فشل للانسانية"
ولم يعد الصالح يتوقع الكثير من الامم المتحدة او اميركا التي تدعم مجموعات المعارضة.
وقال "لم اعد اعتمد عليهم (...) لقد شاهدنا انسحاب الادارة الاميركية من ازمات دولية ليس فقط في سوريا". واضاف "ترتكب دول عظمى عالمية جرائم حرب وتنتهك حقوق الانسان دون ان نرى ارادة سياسية لتحاسب".
ولا يرى ايضا حاجة "لقرارات دولية اخرى" بعد الفشل الواضح للقرار 2254 الذي صوت عليه بالاجماع في مجلس الامن في 18 كانون الاول/ديسمبر ونص على خارطة طريق دبلوماسية واطلاق عملية سياسية بين النظام والمعارضة في سوريا.
وقال الصالح "نحتاج الى ضمير يهز الارادة السياسية لقادة العالم لوقف المجازر في سوريا واحالة مجرمي الحرب على القضاء".
ويعتبر رئيس "الخوذ البيضاء" ان "الفشل في إنهاء مأساة سوريا هو فشل للاسرة الدولية والبشرية عموما" التي عجزت عن وضع حد لحرب اوقعت اكثر من 300 الف قتيل خلال خمس سنوات ونصف وسببت اسوأ ازمة انسانية منذ الحرب العالمية الثانية.