التفريط في الفرص

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٩/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٥:٤٢ ص
التفريط في الفرص

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

يوم أن ارتفعت المطالبات بإيجاد فرص لإكمال شبابنا لتعليمهم العالي استجابت الحكومة بفتح عشرات الآلاف من الفرص، وفي ظل الأزمة المالية بقيت «البعثات»، الداخلية والخارجية، بمنأى عن حسابات الكلفة وترشيد الإنفاق، ففتح الأبواب أمام الشباب ضرورة تنموية، ومؤكد أن التعليم أساس مهم في عملية تأهيل أبناء البلاد ليأخذوا دورهم ومكانهم في عجلة البناء.

وأرقام عدد الطلبة والطالبات على مقاعد مؤسسات التعليم العالي تدعو للتفاؤل، رغم حسابات التوظيف وتحدياتها المقبلة حتما، فهناك ما يزيد عن 132 ألف طالبة وطالبة على مقاعد الجامعات والكليات سيشكلون إضافة مهمة للبناء التنموي في السلطنة، ومرحلة تمكين الشباب ضرورة لا مناص عنها، في مجتمع فتيّ سيأخذ حيزه ولا مهرب من فتح الفرص أمامه، على مستويات التعليم العالي والتوظيف، والإدارة لمفاصل البناء، في القطاعين العام والخاص على حد سواء.

ومقابل هذا الإنفاق الحكومي على بناء جيل المستقبل القريب كان الرهان على أن يأخذ الشباب الأمر بجدّية أكبر، فالمقعد الذي يناله أحدهم قطع الطريق على آخر كان لديه حلم أن يجد فرصة دراسية حرمتها منه حسابات الدرجات والمعدلات، تقول أرقام دائرة الإحصاء بمركز القبول الموحد للعام الأكاديمي 2014/‏2015م أن إجمالي عدد الطلبة تاركي الدراسة من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة في العام الأكاديمي الفائت بلغ ما يقارب 11 ألف طالب وطالبة.. يمثل الذكور أكثر من ثلثيهم.

تقول الأرقام أيضا إن تخصص الهندسة والتكنولوجيا المرتبطة بها أعلى تخصص ينسحب منه الطلاب، وبعده الإدارة والتجارة، ثم تكنولوجيا المعلومات، وهذه تدعو للتساؤل أكثر، والقلق أيضا، لأن احتياجات المرحلة المقبلة أحسبها في هذه التخصصات بما يمكن أن يرفع من مستويات التعمين في الشركات بوجود مخرجات مؤهلة لخوض الغمار، وبتراكم الخبرات يمكنها أن تشكّل رافعة تخرجنا من هوّة التركيز على تعمين الوظائف الدنيا للنظر في ما يجعل قاطرة التعمين تسير بثقة أكبر، رغم أنف اللوبيات التي تعمل على إبعاد «المواطن» ليبقى في حيزها يدور، تدفعه إلى اليأس، وبقلة صبره يلجأ إلى الطريق الأسهل.. الاستقالة والانتقال إلى وظيفة أخرى!

ذكرت الإحصاءات أسباب ترك الطلاب للدراسة، وأبسطها أن يكتب أحدهم «ظروف شخصية» وهنا بيت القصيد، إذ يندرج تحت هذه الظروف ما يفترض مناقشته، إذ العام الدراسي الواحد كلّف الدولة مالاً يمكن أن يتوجه إلى طالب آخر مستحق أن يجد فرصته أيضا، بينما ربعهم، أي أكثر من 2500 طالب وطالبة لم يبرروا «خطوتهم»..

الخطوة الأهم هي التحليل العميق للحالة، ربما الخطوة السابقة، اختيار التخصص، لم تكن واضحة تماما، إذ الأمنيات أكبر من الإمكانيات، وقراءة الواقع تفوت الكثيرين من خريجي الدبلوم العام، إذ وضع الرغبات المتكاثرة يكون متفرعا بما يفوق قدرة الطالب على التركيز وتأتيه الموافقة على تخصص يبعد عدة مسميات عن تلك الرغبات الأساسية في حياته لاستكمال دراسته.